خاص/ المدى
ما زالت الخلافات حول مصير المناطق المتنازع عليها في العراق تثير الجدل، لا سيما بعد تشكيل حكومة كركوك المحلية. مع تصاعد المطالب بتنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، تتباين وجهات نظر النواب حول الحاجة الفعلية لتطبيقها في الوقت الراهن. وتتنازع الحكومة المركزية في بغداد وإقليم كردستان على عدة مناطق، تشمل محافظات كركوك ونينوى شمالاً، وديالى وسطاً، وواسط جنوباً. وقد قررت الحكومة العراقية الحالية في تشرين الأول 2022 إعادة تفعيل اللجنة العليا لتنفيذ المادة 140، برئاسة هادي العامري، بهدف معالجة الملفات المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها.
رهانات سياسية وتخوفات
في هذا السياق، رهن الحزب الديمقراطي الكردستاني تأييده لمحافظ كركوك الجديد بتنفيذ المادة 140، معبراً عن تخوفه من سياسات الاتحاد الوطني الكردستاني. وقال القيادي في الحزب، وفاء محمد، في حديث لـ(المدى)، إن “حكومة كركوك تشكلت بدون انسجام بين القوى السياسية، ومن دون موافقة الكتل التركمانية والعربية والحزب الديمقراطي الكردستاني، وهو ما يثير القلق بشأن قانونية التشكيل”. وأضاف أن تأييد الحزب الديمقراطي الكردستاني لمحافظ كركوك الجديد مشروط بعدد من النقاط الأساسية، أبرزها وقف محاولات التعريب وتنفيذ المادة 140 بشكل فعّال.
ورغم ذلك، نجح الاتحاد الوطني الكردستاني مؤخراً في حشد الدعم الكافي لتمرير تشكيل حكومة كركوك المحلية، متجاهلاً اعتراضات الديمقراطي الكردستاني والممثلين التركمان. وهذا الأمر قوبل بانتقادات لاعتباره غير قانوني.
التأكيد على تنفيذ المادة 140
في نهاية العام الماضي، أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني التزام حكومته بتنفيذ كافة خطوات المادة 140 المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها. وأوضح أن “الحكومات السابقة واللجان لم تنجح في تحقيق النتائج المرجوة”.
من جهته، وصف القيادي بالاتحاد الوطني الكردستاني، غياث السورجي، المادة 140 بأنها “منسية”، موضحاً أن العائق الرئيس لتنفيذها هو التراكمات السياسية بين بغداد وأربيل. وأكد السورجي في حديث لـ(المدى) أن “المادة 140 لا تقتصر على كركوك بل تشمل أجزاء من ديالى وصلاح الدين ونينوى”، مشيراً إلى أن “تنفيذها غير متعلق بإدارة كركوك الجديدة، بل يتطلب تحريك الملف على مستوى بغداد وأربيل”.
عضو مجلس النواب ثائر الجبوري اعتبر أن “تنفيذ المادة 140 أصبح غير ضروري بعد حصول المكون الكردي على منصب محافظ كركوك”، منتقداً ما وصفه بـ”الأعراف الفاسدة” التي أدت إلى هذا الوضع. وقال الجبوري إن “حصول المكون الكردي على محافظة كركوك قد يؤدي إلى نسيان تنفيذ المادة 140 المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها”.
قضايا التعويضات
وأظهرت بيانات سابقة أنه تم تعويض 68,148 عائلة في مناطق كركوك وخانقين وسنجار بنسبة 39.4% من مجموع المطالبات، بالإضافة إلى تعويض 15,746 عائلة من العرب المستقدمين، بنسبة 58.5% من مجموع العرب المستقدمين.الباحث السياسي زياد العرار وصف المناطق المتنازع عليها بـ”الملف الشائك”، مستبعداً قدرة الأطراف السياسية الحالية على تنفيذ المادة 140 في الوقت القريب. ولفت العرار إلى أن “المشكلة تتجاوز المناطق في كركوك لتشمل مناطق أخرى لم يتم الإعلان عنها”، مشيراً إلى أن “الأزمة ذات طابع سياسي عميق يصعب حله خلال الفترة الحالية”. الخبير القانوني علي التميمي علق على الجدل القائم حول المادة 140، مشيراً إلى أن قرار المحكمة الاتحادية رقم 71 لسنة 2019 أكد بقاء المادة وضرورة تطبيقها. ورأى التميمي في حديثه لـ(المدى) أن “الحل يكمن في تشريع قانون خاص من قبل البرلمان لتوضيح الإشكالات”، مشدداً على أن القضية يمكن حلها عبر الطرق الدستورية دون الحاجة لتدخل أممي. وطبقا للمادة 140 من الدستور العراقي، يتم تحديد مستقبل المناطق المتنازع عليها على ثلاث مراحل، تبدأ بالتطبيع وإعادة السكان غير الأصليين إلى مناطقهم بعد تعويضهم مالياً، ثم إجراء إحصاء للسكان، تليه مرحلة الاستفتاء لتحديد عائديتها لحكومة بغداد أو أربيل.