TOP

جريدة المدى > عام > الطفرات المزعجة للنحاتة الأسترالية باتريشيا بيتشيني

الطفرات المزعجة للنحاتة الأسترالية باتريشيا بيتشيني

نشر في: 26 أغسطس, 2024: 12:49 ص

اعداد وترجمة: خنساء العيداني
يشبه استوديو باتريشيا بيتشيني خزانة مليئة بالغرائب ​​الوحشية أكثر منه ستوديو فنان؛ فنلاحظ وحشا يرضع طفلاً بشريًا على صدره، ونماذج تشريحية مصغرة، وأشكالا عضوية تنطق بكلمات بلا صوت من الجدران، وصناديق من الريش، ورأسا مقطوعا لطفل على شكل دمية على طاولة، وطائرا جارحا ثابتا مصنوعا بالكامل من الشعر، وطفلا مندمجا مع بيضة.
إن الشبه بين هذه الغرف ومختبر علم الحيوان أو كلية الجراحين القديمة ليس مفاجئًا؛ فقد قالت بيتشيني أنها علمت نفسها الرسم في متحف التشريح، وفي مكان مثل هذا، تقول، كانت الميزة "ان النماذج تظل ثابتة دائمًا".
اجتذبت النحاتة شهرة عالمية بمخلوقاتها البشرية الهجينة وتفاصيلها التشريحية لدرجة يبدو سكونها أكثر سماتها غير الطبيعية، أعلنت، هذا العام، اهم قاعات العرض الرئيسية في أستراليا عن معارض منفصلة لحدائق الحيوان الغريبة الثابتة للفنانة: معرض بريسبان للفن الحديث يعرض أكثر أعمالها شمولاً حتى الآن في العام المقبل؛ وفي وقت لاحق من هذا الشهر، ستعرض بيشينيني سبعة أعمال في معرض (Hyper Real) في المعرض الوطني في كانبيرا.
وبينما قد تشير مخلوقاتها إلى شيء غامض وغامض، فإن إطار بيشينيني الخاص يظل رصديًا وماديًا مثل غرفة التشريح.
لقد دفعت استكشافات بيشينيني لإمكانات البيولوجيا للتغيير صحيفة نيويورك تايمز إلى الإشادة بـ "منحوتاتها لأشكال الحياة التي لا وجود لها". على مدى السنوات القليلة الماضية، شقت وحوشها الفريدة ثلاثية الأبعاد المصنوعة من أجزاء مألوفة وغريبة طريقها إلى مجموعات في جميع أنحاء العالم، وكذلك إلى الخيال الشعبي الأسترالي.
الحوت السماوي
ان الحوت السماوي سيئ السمعة كرة هوائية ساخنة عملاقة يبلغ طولها 100 قدم ولها عشرة صدور متدلية ووجه ودود، وحلق لأول مرة فوق كانبيرا، بتكليف من احتفالات المدينة بالذكرى المئوية في عام 2013، قبل أن تسافر إلى أماكن بعيدة مثل اليابان وأيرلندا.
في العام الماضي، دعت لجنة حوادث النقل الفنان لاقتراح شكل الجسم البشري لمقاومة حادث سيارة عالي التأثير. وكانت النتيجة "جراهام": ناجٍ ذو رقبة سميكة مع تجويف جمجمة معزز وأكياس هواء عبر صدره. جراهام أصبح خبرًا دوليًا.
إنهما مجرد اثنتين من بين العديد من الطفرات المزعجة التي أحدثها بيتشينيني في أشكال البشر والحيوانات، فلم تكن عذراؤها مرتدية ملابس التقوى بل إنها وقحة وعارية، نصف قرد، منتصبة بالشعر، وإن الأطفال الملفوفين بقماط لديهم وجوه وأنوف مبالغ بها "لقد انهارت قوانين الطبيعة المتوقعة للترسيم، وأعيدت كتابة جميع القواعد":.
مولود باتريشيا بيتشينيني الجديد (2010)
إن الغريب في عمل بيتشينيني ليس إمكانية عقل الفنان في استحضار مثل هذه المخلوقات، والدقة في التفاصيل التي تجعل كل جسم متنوع تصنعه يبدو ممكنًا فجأة، ولكن بالنسبة لها؛ فإن الوحوش التي تخترعها هي الاستنتاج المنطقي لما هو ممكن ضمن المحادثة المادية المستمرة بين القوى التطورية والقوى البيئية.
جراهام
لإنشاء جراهام، عملت مع جراح صدمات ومحقق حوادث، وقالت في ذلك الوقت: "لقد استمعت حقًا واستوعبت العلم الكامن فيه، ثم تعاملت معه بطريقة إبداعية، على المستوى العاطفي"، وربما يكون من المتوقع وجود تقابلات بين العلمي والعاطفي عند فنانة حصلت على شهادتها الجامعية الأولى في الاقتصاد، من الجامعة الوطنية الأسترالية، ففهمت الأنظمة البشرية والنشاطات وظواهر السلوك الجماعي، على الرغم من أن البصيرة التي تشاركها معي كانت في تعلم ليس كيف يعمل العالم، "ولكن كيف يعتقد الناس أن العالم يعمل". تصرح الفنانة بأن التصور الخاطئ هو أن العرض والطلب يحركان الإنتاجية؛ بالنسبة إلى بيتشينيني، فإن الدافع وراء كل إنتاجية بشرية هو الرغبة.
"إذا كنت تصنع فنًا هو عكس الواقعية، بل نمطا من الشكلية، فمن الصعب على الشخص العادي أن يتواصل مع ذلك، لأنه لفهم الشكلية… يجب أن يكون لديك معرفة بها وخلفية فيها… قد يكون هذا الأمر غريبًا… في حين أن الواقعية لديها القدرة على أن تكون شاملة للغاية، ويمكن لأي شخص أن يتواصل معها، لأنها ما يعرفه".
رؤية رحيمة" للجسد
في معرض QAGOMA في بريسبان، سيتم التعرف على طيف ما يقصده الفنان باعتباره "رؤية رحيمة" للجسد ببعض الحجم، سيملأ معرض Curious Affection الطابق الأرضي بالكامل بعقد من الأعمال الأكثر شهرة، بالإضافة إلى منحوتة قابلة للنفخ جديدة كبيرة الحجم وتركيب غامر متعدد الحواس.
لدي تجربتي الخاصة في الانغماس الجمالي في استوديو بيتشيني عندما تأخذني إلى "غرفة الشعر". في الغرفة، تقوم مساعدة بخياطة شعيرات فردية في أحضان شخصية سمينة مجمدة في فعل الولادة. لو لم يكن هناك حضور لطيف ومثقف لبيكينيني نفسها، لكنت أصاب بالذعر واندفع نحو الباب.
ولكن، بالطبع، هذه ليست قطعًا حقيقية من الجسد أو تشريحًا للجسد؛ إنها أدوات لمشروع خطابي - حتى لو كان الشعر نفسه بشريًا. كما يذكرني بيكينيني، ببعض الحنان: "أستخدم الواقعية، لكنني لا أريد تمثيل الواقع. أريد تمثيل الأفكار".
يُفتتح معرض Hyper Real، الذي يضم أعمال باتريشيا بيتشينيني إلى جانب رون مويك وسام جينكس وبيليندا دي برويكير، في المعرض الوطني الأسترالي، كانبيرا في 20 أكتوبر. يُفتتح معرض باتريشيا بيتشينيني: عاطفة غريبة في جوما، بريسبان في 24 مارس 2018

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مخلص خليل: الشعر والبحر

علي طالب: عن كائن يتأمّل وجوده

صورة الشعر.. دفاتر ضياء العزاوي

فيصل الأحمر: «مدينة القديس أوغسطين» تحاول دفع معطيات الفلسفات المهيمنة على أيامنا والموضات التي أولع بها زمننا

مخلص خليل.. يُغادر المدن كلّها

مقالات ذات صلة

فيصل الأحمر: «مدينة القديس أوغسطين» تحاول دفع معطيات الفلسفات المهيمنة على أيامنا والموضات التي أولع بها زمننا
عام

فيصل الأحمر: «مدينة القديس أوغسطين» تحاول دفع معطيات الفلسفات المهيمنة على أيامنا والموضات التي أولع بها زمننا

حاوره/ علاء المفرجيوُلد الشاعر والكاتب والأكاديمي فيصل الأحمر في ولاية تبسة. حصل على بكالوريا في الرياضيات سنة 1991، وعلى ليسانس أدب عربي سنة 1995، وماجستير أدب عربي سنة 2001، ثم دكتوراه في النقد المعاصر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram