بغداد/ تميم الحسن
حدث ما كان متوقعا، فقد تخلف نور زهير، المتهم الرئيسي فيما يعرف بـ"سرقة القرن" عن حضور جلسة محاكمته المؤجلة منذ اسبوعين.
وأصدر القضاء عقب ذلك امر اعتقال ضد زهير، ومنح الكفلاء 13 يوما لاحضاره الى المحكمة.
لكن المفاجأة كانت تداول معلومات عن مذكرة اعتقال ثانية، بحق رئيس اللجنة المالية السابق هيثم الجبوري، الذي تم التشويش سابقا على علاقته بالقضية لأسباب غير مفهومة.
وبحسب قانونيين، فان "الكفلاء" عليهم دفع مبلغ كفالة زهير، والا سيتعرضون للحبس.
وكانت توقعات عدم حضور المتهم الأبرز في قضية سرقة القرن، ظهرت بعد ان تسربت أنباء عن "حادث مفبرك" تعرض له زهير في بيروت قبل أسبوع.
زهير إلى القضاء خلال 13 يوماً
وقال النائب مصطفى سند في مقطع فيديو، أمس، ان "قاضي محكمة جنايات مكافحة الفساد خالد صدام أصدر قبل قليل، امر قبض على المتهم بسرقة القرن نور زهير".
وأضاف ان "القاضي منح مهلة للكفلاء لغاية التاسع من ايلول المقبل لغرض جلبه إلى المحكمة".
ومر 700 يوم تقريب منذ أعلن رئيس الحكومة محمد السوداني عن أن نور زهير، سوف يعيد المبالغ المسروقة ويسلم نفسه.
وكان زهير قد سلم قبل عامين، اقل من ربع المبلغ الذي في ذمته لوحده، والرقم يعادل أقل من 5% من المبلغ الإجمالي للسرقة الذي تضخم الى نحو 9 تريليونات، بحسب بعض التقديرات.
في تلك الاثناء، اشيع بان زهير ذهب للحج، ويدير وزارة بالظل، قبل ان يظهر بشكل علني في لقاء تلفزيوني، ثم اخيرا مصابا في حادث سير في لبنان. كل هذا والمتهم "مكفول قضائيا".
ويقول الخبير القانوني احمد العبادي لـ(المدى) بعد تخلف زهير عن المحاكمة فان "الكفالة تلغى وتصدر المحكمة امر قبض بحقه، وفي حالة عدم حضوره تجرى محاكمته غيابيا، وتفتح القضية على الكفيل ويلزم بدفع مبلغ الكفالة (بالعادة المتهم يقدم كفيل، والكفيل يتعهد بتقديم مبلغ معين تحدده المحكمة يدفع لصندوق المحكمة)".
واضاف العبادي "بعدها يتم مطالبة الانتربول بالقبض عليه (نور زهير) إذا لم يحضر بدون عذر قانوني، وارساله الى العراق، حسب اتفاقية الرياض بين العراق والدول العربية، إذا كان المتهم موجود بأحد الدول العربية".
وعقب حادث بيروت، قررت السلطات العراقية، ارسال استفسار الى لبنان حول ملابسات القضية، بحسب ما تداول في الإعلام.
وكشفت سروة عبد الواحد، عضو لجنة النزاهة في البرلمان، عن إحالة الطبيب الذي زوّر التقرير الطبي للمتهم الرئيسي بسرقة القرن للتحقيق، مؤكدة أن الأخير "لم يتعرض لأي خدش".
ويفترض، بحسب كلام زهير في اول لقاء تلفزيوني بعد ادانته في 2022، بانه كان سيحضر محاكمته التي كان من المقرر ان تعقد أمس الثلاثاء.
وتداولت تقارير، عن أن زهير وصل بيروت يوم 21 آب عبر طائرة خاصة، وغادرها من مطار رفيق الحريري الدولي يوم الجمعة الماضي متوجهاً إلى تركيا.
واشارت إلى أن زهير يحمل جواز سفر أردني وآخر دبلوماسي عراقي، وهو يزور لبنان باستمرار.
بالمقابل نقل عن الأمن اللبناني، أنه لم تكن هناك إشارة قضائية استدعت توقيفه في مطار رفيق الحريري.
وليلة الجمعة، كانت قد نشرت قناة (ام تي في) اللبنانية، خبر تعرض نور زهير، إلى حادث سير خطير “كاد يودي بحياته" في منطقة الحدث في بيروت، مضيفة أنه نقل إلى المستشفى على الفور وتلقى الإسعافات الأولية.
وذكرت القناة اللبنانية أن "الفحوصات الطبية أظهرت تعرض زهير لإصابة بالغة في العمود الفقري والعنق والقفص الصدري، بالإضافة إلى رضوض متعددة في الجسم والرأس والساقين"، جراء الحادث.
10 سنوات مقابل أكثر من تريليون دينار!
وتقع جريمة زهير، ضمن جرائم سرقة أموال الدولة، وعقوبتها وفق القانون العراقي السجن 7 سنوات ومن الممكن تشديدها إلى السجن 10 سنوات، بحسب القانوني علي التميمي.
واكد التميمي في منشور قبل اصدار القضاء امر اعتقال زهير، بان في حال عدم حضور الاخير الى المحاكمة المؤجلة منذ اسبوعين، وعدم دفع مبلغ الكفالة "يمكن لمحكمة الجنايات إبطال الكفالة وحبس الكفيل لمدة لا تتجاوز 6 أشهر".
وحين ظهر زهير في لقاء تلفزيوني قبل أكثر من اسبوع، وهو اول ظهور علني للمتهم، كان يُعتقد بان اللقاء جرى في دبي.
ويقول علي تركي، وهو عضو اخر في لجنة النزاهة بالبرلمان، بان مبالغ امانات الضريبة، التي عرفت فيما بعد باسم "سرقة القرن"، "ربما كانت قد نقلت بطائرات خاصة الى دبي".
وفي تشرين الثاني 2022، بعد اقل من شهر من اعتقال زهير على إثر تلك الفضيحة المالية، قال السوداني في مؤتمر صحفي، بان "القاضي المختص سيصدر أمراً بإطلاق سراح نور زهير بكفالة لتسليم كامل المبلغ خلال أسبوعين".
وبلغ مجموع الأموال المستردة من زهير "ثلاثمائة وسبعة عشر مليارا وخمسمئة وخمسة وثلاثون مليونا وخمسمائة وستة وثلاثون ألفاً وخمسمائة وخمسة وعشرون ديناراً"، على دفعتين، بحسب بيان سابق لمكتب السوداني.
ويفترض، بحسب تصريحات قضائية، ان زهير كانت بذمته تريليون و600 ألف دينار، فيما اجمالي السرقة، وصل الى 9 تريليونات، بحسب اخر بيانات لهيئة النزاهة.
وكان زهير الذي تعهد بالحضور الى المحكمة، قال بانه "سيفضح الاسماء كل المتورطين" إذا تحولت الجلسة إلى علنية، وطالب القضاء بعدم الرضوح لـ"ضغط متنفذين".
ورجح قاضي محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا النزاهة ضياء جعفر، والذي اطق سراح زهير بـ"كفالة" قبل نحو عامين، عدم هروب المتهم بعد إخلاء سبيله.
وأعلن لأول مرة عن تفاصيل "سرقة القرن" في حكومة مصطفى الكاظمي عام 2022، على خلفية اشتراك تحالف مؤلف من 5 شركات وهمية في سرقة وسحب مبلغ 3 تريليونات و750 مليار دينار من الأموال التي أودعتها كبرى شركات النفط في حساباتها الضريبية باستخدام أوراق وصكوك مزيفة.
عودة هيثم الجبوري بعد تسليمه 4 مليارات دينار
المفاجأة الثانية في ملف "سرقة القرن"، هو عودة اسم هيثم الجبوري الى الاضواء مرة اخرى، بعدما تم التراجع عن اتهامه بالقضية في وقت سابق، عقب تسليم زوجته جزء من المبلغ.
وبحسب مصادر قضائية، فإنه تم اصدار اوامر أمس، بالقاء القبض على الجبوري على خلفية "سرقة القرن".
وكان عضو في لجنة برلمانية متخصصة للتحقيق بتلك الحادثة كشف مطلع العام الماضي، ان هيثم الجبوري، الذي وصف سابقا بالعقل المدبر للسرقة، "لم يسأل قضائيا عن تلك الاموال".
وقال النائب علي تركي عضو لجنة تقصي الحقائق لسرقة القرن في البرلمان في حديث سابق لـ(المدى) ان "الجبوري، وهو مستشار سابق لرئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، متهم بتضخم ثروته وتم تأجيل محاكمته التي كانت يوم 12 من كانون الثاني الحالي".
ونفى تركي علمه بشأن ماتم تداوله عن إطلاق سراح المستشار السابق بكفالة بعد تسليمه مبلغ 4 مليارات دينار قبل أسبوع.
وكان مصطفى سند النائب المقرب من الإطار التنسيقي، كشف حينها عن إطلاق سراح الجبوري بكفالة على غرار ماحدث مع نور زهير.
وسبق أن أعلن حيدر حنون رئيس لجنة النزاهة ان يوم 12 كانون الثاني 2023 "سيشهد اول محاكمات سرقة القرن"، فيما رفض حينها في تصريحات صحفية ذكر اسم الشخص المعني بالمحاكمة.
وتسربت بعد ذلك معلومات عن أن هيثم الجبوري وهو الرئيس السابق للجنة المالية، هو من سيحاكم في ذلك التاريخ.
وكانت النزاهة قد كشفت في وقت سابق تسلم 4 مليارات دينار ضمن سرقة القرن، ولم تصرح حينها (النزاهة) بمصدر تلك المبالغ المسترجعة، فيما تم تداول اسم هيثم الجبوري.
ويقول علي تركي عن العصائب، ان "هيثم الجبوري ليس له علاقة بسرقة اموال الضرائب الا فيما يتعلق بالكتاب الذي رفعه حين كان رئيسا للجنة المالية الى رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي يطلب منه إيقاف تدقيق الرقابة المالية في سحب تلك الأموال من دائرة الضرائب".
واعتبر الكتاب حينها الذي صدر نهاية تموز من عام 2021 هو بوابة ما جرى بعد ذلك بالأموال التي تم سرقتها من الضرائب.
وكان تركي قبل ذلك بشهر واحد قد اتهم الجبوري في لقاء متلفز على احدى المحطات التابعة لفصيل مسلح معروف بانه "العقل المدبر لسرقة القرن".
وتصدر اسم هيثم الجبوري "ترند" ملابسات صفقة القرن بعد إعلان اعتقاله نهاية تشرين الثاني 2022، بسبب اتهامات بتضخم امواله الى أكثر من 16 مليار دينار.
وبحسب معلومات وصلت لـ(المدى) انذاك ان "زوجة هيثم الجبوري المحبوس منذ شهر، اعادت المبلغ بعد بيع منزل في منطقة القادسية غربي بغداد".
ووفق المعلومات ان "الجبوري سوف يتم محاكمته الاسبوع المقبل (يوم 21 كانون الثاني 2023، ولم يعرف مصير المحاكمة بعد ذلك) بدلا عن كل المتهمين بالسرقة بسبب ارتباط الحادث باحزاب وفصائل".
وقال سند، في منشور على تلغرام ان "المتهم هيثم الجبوري طلب إخراجه بكفالة وتعهد باسترداد المبالغ المتضخمة، اسوةً بالنموذج نور زهير".
وفي نهاية ذلك العام، اتهم النائب باسم خشان، رئيس اللجنة المالية السابق هيثم الجبوري، بسرقة القرن.
وقال خشان، في فيسبوك ان "هيثم الجبوري متورط حتى نخاعه في قضية التأمينات الضريبية. نقطة راس سطر!".