TOP

جريدة المدى > اخبار وتقارير > "جدلية" الأحوال الشخصية مستمرة.. الإطار يصّر على تعديل القانون رغم الاعتراضات

"جدلية" الأحوال الشخصية مستمرة.. الإطار يصّر على تعديل القانون رغم الاعتراضات

نشر في: 31 أغسطس, 2024: 06:55 م

متابعة/ المدى

ما يزال الجدل يحوم حول قانون "الأحوال الشخصية"، إذ كشف نواب عراقيون عن اعتراضات وتدخلات دولية لمنع تمرير تعديل القانون، بينما تصر أطراف سياسية ضمن التحالف الحاكم في البلاد "الإطار التنسيقي" وجهات دينية، على تمريره، بعد أن أرجأ البرلمان مناقشة التعديلات التي كانت مدرجة على جدول أعمال جلسة مقررة في 24 تموز الماضي، تحت ضغط رفض نشطاء وسياسيين لها، فيما لم يستبعد مراقبون تأثير الضغوط الخارجية في منع تمريره.

وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب عباس الجبوري إن "رسائل تهديد حقيقية وصلت إلى العراق من أطراف مختلفة من الاتحاد الأوروبي، تهدد بخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية وغيرها من العراق، في حال مرر تعديل قانون الأحوال الشخصية من قبل البرلمان العراقي".

وبيّن الجبوري أن "التهديدات الخارجية كانت حتى بفرض بعض العقوبات على العراق"، مؤكدا أن "تلك الضغوطات والتهديدات مرفوضة تماماً، فلا يمكن القبول بأي تدخّل خارجي في أي ملف عراقي، وهذا القانون عراقي والعراقيون هم من يحددون كيف يكون شكله ومضمونه".

وأضاف أن "معظم النواب مصرون على تعديل هذا القانون، وهناك أغلبية برلمانية واضحة داعمة لهذا التعديل، وكل الضغوطات والتدخلات الدولية لم ولن تمنع مجلس النواب من هذا التعديل".

وسبق أن عبّرت السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانوسكي، عن قلقها بشأن القانون، وقالت في تدوينة لها على "إكس"، "إننا نشعر بالقلق إزاء التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية العراقي والتي من شأنها أن تقوض حقوق المرأة والطفل، ونحن نحث العراقيين على الانخراط في حوار مدني يحترم بشكل كامل حرية الدين أو المعتقد وحقوق المرأة والطفل".

من جهته، قال النائب المنضوي ضمن "الإطار التنسيقي"، مختار الموسوي، إن "الضغوطات والتهديدات الدولية الرافضة لتعديل قانون الأحوال الشخصية ليست جديدة، فهي مستمرة منذ فترة طويلة جداً، وربما هذه الضغوطات والتدخلات منعت هذا التعديل طيلة السنوات الماضية".

وبيّن الموسوي أن "كل الضغوطات والتدخلات الدولية مرفوضة ولن تؤثر على تشريع تعديل القانون، وهذا الأمر مدعوم من قبل أغلبية النواب، الذين هم ممثلون شرعيون عن الشعب العراقي، ومعظم العراقيين مع هذا التعديل، والأقلية رافضة للتعديل، كونها لا تعرف عنه أي شيء".

في المقابل، لم يستبعد المحلل السياسي محمد علي الحكيم، الاستجابة لتلك الضغوط ومنع تمرير القانون، إن "الضغوطات والتدخلات الدولية ربما تأتي بنتائج وتعطل تعديل قانون الأحوال الشخصية، خاصة وأن هناك اعتراضا حكوميا غير معلن على هذا التعديل، خشية من ردود الأفعال الدولية تجاه العراق وأن يؤثر ذلك على العلاقات مع الدول".

وأشار إلى أن "تعديل هذا القانون مؤجل منذ سنين طويلة، وهذا التأجيل كان سببه الاعتراض الدولي وهذا الاعتراض زاد حالياً، خاصة بعد قراءة التعديل قراءة أولى داخل البرلمان العراقي، وأن رسائل تحذير حقيقية وصلت إلى أطراف حكومية وبرلمانية، ولهذا نتوقع أن القانون لن يرى النور، وسيتم تأجيله من جديدة، خشية من ردود الأفعال الدولية تجاه العراق".

وشدد على أن "الحكومة لا تستطيع إهمال التحذيرات والمخاوف الدولية، خاصة وأنها (الحكومة) تسعى إلى تقوية علاقاته الخارجية لحاجتها إلى تلك الدول، سواء الولايات المتحدة الأميركية أو الاتحاد الأوروبي بصورة عامة، ولهذا نتوقع أن تكون هناك ضغوطات داخلية حكومية وغيرها على مجلس النواب لمنع تشريع هذا التعديل في الوقت الحالي، وترحيله مجددا إلى الدورات البرلمانية المقبلة".

أما الخبير القانوني وليد محمد الشبيبي فأوضح أن "قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم (188) لسنة 1959 يعتبر من أفضل التشريعات في المنطقة العربية، إذ تمت صياغته بروح ثورية بعد الإطاحة بالنظام الملكي في العراق، وكان خطوة تقدمية لكن التعديلات التي طرأت عليه لاحقاً أثارت كثيراً من الإشكالات، وأول هذه التعديلات صدر خلال فترة الحرب العراقية - الإيرانية وكانت له مسوغات موضوعية وشرعية، إذ كان من الضروري أن تحتفظ زوجة أحد ضحايا الحرب أو المفقودين بحق حضانة أطفالها دون منافسة من أهل الزوج.

وأشار الشبيبي إلى أن القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 في المادة الرابعة من الفقرة الثانية ينص على أنه "إذا زال المانع عاد الممنوع"، أي مع انتهاء الحرب يجب أن تعود الحقوق لأصحابها الأصليين، بما في ذلك حق الحضانة.

وأصبحت المادة (75) التي تتناول الحضانة محور الجدل بعد تعرضها لتعديلات في الأعوام 1978 و1986 و1987، والتي كانت جميعها تصب في مصلحة الأم، مما أدى إلى تهميش دور الجدة والعمة، إذ لا يمكن لهما لقاء الحفيد أو ابن الأخ إلا بعد مرور 15 عاماً، وهذا الانقطاع الطويل قد يؤدي إلى تشويه صورة أفراد عائلة الطفل من جهة الأب أو الأم، مما يثير التساؤلات حول التأثير النفسي والاجتماعي على الطفل الذي ينشأ في بيئة متصارعة بين الأبوين.

وفي ظل عدم تمكن الآباء من تعديل المادة (75) ارتفع سقف مطالبهم وفق المادة (41) التي تمنح خيارات عدة، منها عدم إلزام تسجيل عقد الزواج على أي مذهب، وشدد قائلاً "لا أعبر هنا عن أي تأييد أو رفض لهذا التعديل لكنني أؤكد أن قضية زواج القاصرات كانت موجودة منذ عهد النظام السابق، بخاصة في المناطق الريفية الفقيرة حيث كانت الزيجات تتم لفتيات دون الـ 14 سنة، ولم يستطع النظام السابق إيقاف هذه الظاهرة لأنها لم تخالف الشريعة الإسلامية، والمطالبة الحالية هي بالإبقاء على القانون كما هو، ولكن يجب الإشارة إلى أن القانون عُدل 17 مرة حتى عام 1999، ولم يُعدل خلال الأعوام الـ 25 الأخيرة".

وختم الشبيبي "من وجهة نظري يجب إلغاء تعديلات عام 1978 لأنها حرفت القانون عن فلسفة المُشرع الأصلية التي جعلت منه الأفضل والأبرز، وعلى رغم هذه التعديلات يظل القانون أحد أفضل التشريعات في العراق، ولكن لا يوجد قانون مقدس ويجب أن يكون قابلاً للتعديل والتحديث بما يتوافق مع حاجات المجتمع، ولا يجوز لمن يجهل القانون أن يتحدث فيه بعاطفة ولا ينبغي أن تؤخذ القرارات التي تخص الأسرة والعائلة بناء على استفزاز أو إثارة عواطف الآخرين، ويجب أن تكون النقاشات حول هذا القانون منطقية ومدروسة بعيداً من التأثيرات العاطفية".

ولم تهدأ ساحة الرفض الحقوقي والإنساني في العراق منذ أيام، إثر نية البرلمان العراقي إقرار مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق المعمول به منذ عام 1959، وهو قانون مدني متكامل، والذي احتوى على فقرات وبنود اعتبرت تفسيرات دينية لا تناسب البلاد المتنوعة ثقافيا ودينيا ومذهبيا، كما ضمّ فقرات اعتبرت أنها حد أو حرمان لحقوق الأم والزوجة، وتحيز للرجال.

وتتضمن التعديلات الجديدة للقانون إدخال الوقفين السني والشيعي في قضايا الخلع والتفريق، ما يعتبره رافضو القانون ترسيخاً للطائفية في إدارة الدولة والقضاء، وابتعاداً عن الدستور الذي ينص على مدنية الدولة العراقية. كما تتجاهل التعديلات حالات رفض الزوجين عقد الزواج وفقاً للمدارس الفقهية السنية أو الشيعية، وهي ظاهرة متزايدة في المجتمع العراقي الذي يشهد زيجات مختلطة بين ديانات ومذاهب، بينما يمنح القانون المعمول به منذ عام 1959 القضاء المدني حق عقد القران والتفريق وفقاً للقانون وليس بحسب الطوائف أو الأديان.
المصدر: وكالات

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

التنسيقي يوجه دعوة للقوى السنية ويحسم الجدل: نرفض بقاء المندلاوي رئيسا للبرلمان

التنسيقي يوجه دعوة للقوى السنية ويحسم الجدل: نرفض بقاء المندلاوي رئيسا للبرلمان

خاص/ المدى وجه الاطار التنسيقي، اليوم السبت، دعوة إلى القوى السنية بشأن منصب رئيس مجلس النواب، فيما اعلن رفضه لبقاء محسن المندلاوي رئيسا للبرلمان. وقال القيادي في ائتلاف دولة القانون المنضوي ضمن الإطار التنسيقي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram