هادي عزيز علي
يقول الدكتور جواد علي في مفصله لتاريخ العرب قبل الاسلام ان الزواج قبل الاسلام قائم على: (الخطبة والمهر وعلى الايجاب والقبول وهو زواج منظم رتب الحياة العائلية وعين واجبات الوالدين والبنوة ويحصل الرجل في هذا الزواج على زوجة بالتراضي وهو الذي اقره الاسلام). اذن التأسيس لهذه الرابطة يتم بالايجاب والقبول اي اتفاق ارادتين على انشاء التزام من خلال الارادة التي لها السلطان في تكوين العقد باعتبارها مظهرا من مظاهر الشخصية في الارادة الحرة. والاسلام اقر الزواج باعتباره رابطة عقدية تنشأ على الرضا لسلطان الارادة لتشكيل حياة مشتركة لطرفي العقد تنسجم وحكم الاية 21 من سورة الروم: ((ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة)). الاسلام شذب وهذب الكثير من الاحكام التى كانت سارية قبل مجيئه لا بل الغى زواج الضيزن وزواج البدل وزواج الاستبضاع ونهى عن زواج الشغار فضلا عن احكام الاخرى غير منسجمة معها ووضع للزواج شروطه:
انشاء عقد الزواج: – ينعقد الزواج من خلال التعبيرعن ارادتين متطابقتين والتعبير عن الارادة يتم اما بالمشافهة او باللفظ او بالكتابة او بالاشارة المتداولة عرفا اوقد ترد من خلال اتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود (السكوت في معرض الحاجة بيان) ويتمثل ذلك في صدور ايجاب من الطرف الاول مع قبول من الطرف الثاني ويجب ان يكون قبوله مطابقا للايجاب مطابقة تامة متفقا كل الاتفاق مع الموجب وفي جميع المسائل التي تناولها الايجاب اي في المسائل الجوهرية التي تفاوضا فيها بشان انشاء العقد. اما اذا كان القبول غير مطابق له كأن يكون اختلف عنه بالزيادة او النقصان او التعديل فان العقد لا ينعقد ويعد ذلك رفضا للايجاب يوجب صدور قبول جديد يتفق والايجاب المطروح، وخلاصة القول اذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية موضوع العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا ان العقد لا يتم عند عدم الاتفاق عليها اعتبر العقد قد تم.
الاهلية: - لكي يكون العقد صحيحا ان يكون صادرا من ذي اهلية وان لا تكون ارادة احد المتعاقدين مشوبة بعيب من عيوب الارادة كالاكراه والغلط والتدليس والاستغلال اذ لكل من شاب رضاه غلط او تدليس او انتزع رضاه بالاكراه او باستغلال حاجة له يبطل العقد على وفق عيوب الارادة اذ يعرف علماء اصول الفقه الاسلامي اهلية الوجوب بانها صلاحية الانسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه اي انه صالح لأن تكون له حقوق وعليه واجبات ومتمتعا باهلية الاداء ايضا اي صلاحيته لاستعمال تلك الحقوق. وعليه يجب ان تكون الارادة سليمة خالية من العيوب وان تكون الاهلية من دون عوارضها (العته والجنون). لما تقدم فأن اذا كان التراضي صحيحا والاهلية سليمة فان عقود الزواج التي تبرم على وفق معايير الصحة والسلامة تكون عقودا مستوفية لاسبابها الشرعية.
الشهادة على عقد الزواج: – يشترط لصحة عقد الزواج وهو ما متفق عليه من قبل الفقهاء المسلمين بحضور شاهدين بالغين يسمعان كلام المتعاقدين ويفهم منه ان المراد منه هو عقد الزواج لان الشهادة شرط من شروط عقد الزواج وان الشارع باشتراطه الشهادة على عقد الزواج الغاية منها الاشهار والاعلان ولو ان ابن رشد قال ان الشهادة ليست شرط من شروط عقد الزواج ولكنه شرط الاعلان عنه ولكن الفقهاء اختلفوا بشان الشهادة فقال بعض انها شرط انعقاد وقال البعض الاخر ان شرط صحة العقد ومهما اختلف التوصيف الفقهي للشهادة فانها شرط مطلوب شرعا للعقد، ويلاحظ ايضا ان الجعفرية لا يشترطون الشهادة في عقد الزواج ولا في صحته لكون العقد لديهم ينعقد من خلال الايجاب والقبول حسب.
ان تحل الزوجة للزوج شرعا: – ان لا تكون المراة المطلوبة للزواج محرمة شرعا عليه حرمة مؤبدة كالام والاخت والخالة والعمة او نحوهما او حرمة مؤقتة كاخت زوجته او المحرمات بسبب المصاهرة او المحرمات بسبب الرضاعة او المحرمات بسبب الزنا او الزواج بخامسة او بتلك التي لا زالت معتدة لطلاقها لقوله: (والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء) البقرة 228. اصل التحريم جاء بصريح الاية 23 من سورة النساء القران الكريم جاء: (حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم واخواتكم وعماتكم وخالاتكم… ). الحكمة من التحريم - حسبما يقول الفقه – مجمع عليه في الشرائع المنزلة وثابتة في نصوصه القائمة فضلا عن كونها مشتق من الفطرة الانسانية.
هذه هي ملخص الشروط المطلوبة لانشاء الرابطة الزوجية المؤسسة على عقد الزواج مذ خط الاسلام او عقد للزواج الى يومنا هذا اذ يتضح ان عقد الزواج عقد رضائي بين رجل وامرأة تحل له شرعا بايجاب من طرف وقبول من الطرف ولم تشير النصوص المؤسسة للشريعة الاسلامية لا صراحة ولا تلميحا الى وجود وسيط يساهم في تاسيس ذلك العقد كرجل الدين او المؤسسة الدينية ولكن الوسيط هذا وجد في ديانات اخرى كالكهنوت المسيحي والطقوس التي يتم بها عقد الزواج في الكنائس الذي وجد رجال الدين من المسلمين في هذا الكهنوت وظيفة دينية مارسوها وارتقت بهم الى مستوى سلطة الدينية وساروا في تفاصيلها، لكن عقد الزواج في الاسلام ينعقد مباشرة بين طرفيه من دون وسيط كهنوتي ودليلنا في ذلك مسودة قانون الاحوال الشخصية التي وضعت من لجنة شكلتها وزارة العدلية سنة 1945 وكان فيها عن الشيعة الحاج محمد حسن كبة رئيس البرلمان والشيخ على الشرقي رئيس محكمة التمييز الجعفرية حينئذ والمبين فيها أن عقد الزواج يسجل في المحاكم الشرعية بسجل خاص من دون ذكرلوسيط من رجال الدين يتوسط في ابرام عقد الزواج او حتى الاشارة اليه. من المعلوم ان مسودة الاحوال الشخصية لسنة 1945 كانت مصدرا مهما من مصادر النصوص التي جاء بها قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959.
جميع التعليقات 2
كاظم مصطفى
منذ 3 شهور
اسهم السيد الكاتب في عقد الزواج ونسى او تناسى الايه 91 من سورة النساء التي اوجبت الميثاق الغليض الذي به يقسم الطرفان على زواجهما وعيشهما في الضراء والفقر والصحة والمرض وغيرها . بقوله في أخر الايه ( واخذن منهم نيثاق عظيما)
كاظم مصطفى
منذ 3 شهور
(....... وقد اقضى بعضكم الى بعض واخذن منكم ميثاق غليضا)الايه النساء 21 الميثاق الغليض هو ميثاق الزوجيه الذي يتعهد به الزوجان وقسمهما بالله العلي العظيم ان يكون زواجهما بعد محبة وعطف واحسان وان يتعايشا في الضراء والسراء والفقر والغنى وتربية الابناءوغيرها