المدى/ حيدر هشام
بين توقيع اتفاقات أمنية وعسكرية، وتصاعد الانتهاكات على الأراضي العراقية، تتأزم العلاقات بين بغداد وأنقرة، ففي الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الدبلوماسية تطورات إيجابية، تشهد الحدود المشتركة تصعيداً عسكرياً، مما يثير تساؤلات حول جدية الاتفاقات المبرمة. وقبل قرابة أسبوعين، وقع العراق مع تركيا مذكرة تفاهم بشأن التعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب، في الوقت الذي اعتبرها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان "لها أهمية تاريخية"، أكد نظيره العراقي فؤاد حسين بانها "خطوة للأمام". الحزب الديمقراطي الكردستاني، وصف الاتفاق الأمني الأخير بين العراق وتركيا بـ"المخجل"، متوقعا زيادة التوغل التركي بالعمق العراقي.
القيادي في الحزب الديمقراطي، وفا محمد، يقول في حديث لـ(المدى)، إن "الاتفاق الأمني والعسكري الذي وقعه وزيري الدفاع العراقي والتركي خلال زيارة وزير الخارجية فؤاد حسين الى أنقرة، لم يكن يتضمن انسحاب القوات التركية من الأراضي العراقية، بل جاءت الاتفاقية باملاءات تركية". ويضيف، أن "تركيا تضع تصفية حزب العمال الكردستاني كشرط اساس للانسحاب وهو ما يؤكد ضرورة اتخاذ الحكومة العراقية مواقف أكثر جدية، والتحرك عسكريا لطرده".
ووقع العراق وتركيا، في أبريل الماضي، اتفاقاً ستراتيجياً للتعاون في مجالات الأمن والطاقة والاقتصاد والمياه، على هامش زيارة تاريخية للرئيس التركي أردوغان إلى بغداد، هي الأولى منذ 13 عاماً. بدوره، أكد عضو مجلس النواب، ثائر الجبوري، أن تركيا تمارس سياسة "عدم الاعتراف بسيادة العراق"، فيما توقع استمرار الاعتداءات.
ويذكر الجبوري، في حديث لـ(المدى)، أن "التجاوزات الحربية والعسكرية التركية على الاراضي العراقية لا تعد ولا تحصى، وطالت المناطق الشعبية والسياح المدنيين، هناك تصاعد بالاعتداءات التركية على الاراضي العراقية". ويشير الى أن "الاتفاق التركي مع العراق حصل قبل احتلالهم للأراضي الشمالية، لمطاردة القوات الكردية المعارضة لنظامهم، وجرى على كل الحقب الزمنية ولا يزال ساري المفعول مقابل قيام تركيا بحماية الحدود المشتركة مع العراق". وحل نتائج الاتفاقات، بين الجبوري، أن "تركيا حققت مصالحها دون أن تحقق اي اتفاق بينها وبين العراق". في 26 من شهر حزيران الماضي، سجلت منظمة "فرق صناع السلام" الأمريكية (CPT)، دخول الجيش التركي في إقليم كردستان العراق، بـ 300 دبابة ومدرعة ونصبه حاجزا أمنيا خلال 10 أيام الماضية، ضمن حدود منطقة (بادينان) في إشارة إلى مدينة دهوك.
الى ذلك، أكد الباحث بالشأن الأمني، عدنان الكناني، وجود مجاملة من قبل السياسيين العراقيين على حساب سيادة البلد، فيما تحدث عن مفارقات "غريبة".
ويشير الكناني خلال حديثه لـ(المدى)، الى أن "تركيا متوغلة بالعمق العراقي، ولديها فرقة مدرعة وعناصر استخبارات وعمليات مخابراتية نوعية، وهناك من يوقع معاهدة أمنية، وبعدها بيومين تقوم تركيا بدفع طائرة استطلاع للعمق العراقي".
يذكر أن الجيش العراقي، قد أعلن الخميس الماضي، إسقاط طائرة مسيرة تركية في مدينة كركوك شمالي البلاد، فيما تواصل أنقرة عملياتها العسكرية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية. ويبين، أن "الطبقة السياسية الحالية ربما تآمرت وباعت العراق وقبضت ثمنه والضحية هو الشعب العراقي"، لافتا الى أن "نتائج الاتفاقات والمعاهدات التي وقعت بين بغداد وانقرة، كلها لصالح تركيا.
وكانت منظمة (CPT) الأمريكية قد أفادت في منتصف شهر يونيو/حزيران الماضي، بأن القوات التركية شنت قرابة 1000 هجوم وقصف داخل أراضي إقليم كردستان العراق خلال النصف الأول من العام 2024.