ترجمة: ابتسام عبد اللهبالنسبة لعشاق المسرح الباريسي فإن الأيام الأولى من العام الجديد ستحمل مسحة حزينة، إذ أعلن المخرج البريطاني الشهير بيتر بروك، نهاية عمله الذي دام 36 سنة في مسرح نورد التجريبي في العاصمة الفرنسية.وكانت مسرحية،"المزمار السحري" لموزارت الإنتاج الأخير الذي قدمه المخرج العتيد (85 سنة)، مترئساً فريق العمل فيه، بلمساته الطليعية التي اشتهر بها.
ومن المؤمل ان تطوف هذه المسرحية المدن الأوروبية، لتصل أخيراً الى مسرح باربيكان في شهر آذار المقبل. ويقول بابير، عن فرقة شكسبير الملكية المسرحية، ان بروك اختار الوقت المناسب لقراره. لقد كان له جمهور كبير من المشاهدين من شتى انحاء العالم، وقدم في خلال عمله، اعمالاً أثارت الدهشة والإعجاب.ومن الأعمال المثيرة للاهتمام والتي قدمها بيتر بروك بنجاح يفوق التصوّر: تراجيدياً كارمن، والملحمة الشعرية الهندية ماهابهاراتا، وتيرنوبوكار، حكاية صوفية من مالي. ولكن بروك، لما لوحظ عليه- المولود من ابوين روسيين مهاجرين- اعترف بانه اشتاق الى اللغة الانكليزية.كان بيتر بروك بدأ ما أحس به الجميع، نفياً ابداعياً في باريس، بعد النجاح الذي حققه في بريطانيا في اعوام السبعينيات بمسرحيات ماراساد ومسرحية ضد الحرب الفيتنامية الأميركية، منهياً أعماله الإبداعية في لندن بتقديم،"حلم منتصف الليل"، لشكسبير وبطولة بن كينغسلي. وهو كمخرج مسرحي، كانت توجيهاته،آنذاك، تبدو غريبة بإصراره على عدم أحداث ضوضاء على خشبة المسرح، من اجل اشارة المخيلة. وفي الكتيب الذي أصدره عام 1968،"الفضاء الفارغ"، يطرح فكرته التي تقول ان الجمهور، عامل فعّال في ذلك الفضاء، وان المشاهد وان الاعداد المبالغ فيه في الفضاء المسرحي، يعزل الممثلين عن الجمهور. ووسائل بروك كانت غالباً مرنة وقراراته غير نهائية. ويقول احد مساعديه، انهم قبل تقديم مسرحية،"العاصفة" لشكسيبر في باريس، جلبوا كميات من التراب الى المسرح، وبقي هناك لمدة أسبوع قبل ان نقرر عدم صحة تلك الوسيلة. وفي نهاية الامر استقر الراي على عدم تقديم قطعة من الرمال مع صخرة واحدة، وكان لدينا صندوق تفاح حولناه الى قارب. وقد جاءت هذه التغييرات في اعقاب التمرينات التي قمنا بها للمسرحية.ولم يقتصر عمل بيتر بروك على المسرح فقط، اذ ان فيلمه عن رواية،"لورد الذباب" يعتبر من الأفلام الكلاسيكية. ولكن الاقبال الضعيف على مسرحية،"انطوني وكيلوباترا- 1978، بطولة غليندا جاكسون، جعله يفكر في السفر الى باريس.ويقول العاملون مع بروك ان المؤسسة البريطانية صعبة بالنسبة اليه، ومن المخجل جداً عدم الوصول الى طريقة ما للتعامل مع هذا المخرج الكبير، واعادته للعمل في بلاده. كما ان تاثير بروك وأفكاره التنظيرية في المسرح يبدو واضحاً اليوم على المسرح الملكي الشكسبيري في ستراتفورد، حيث يمتد المسرح، ويحيط المشاهدون به، ويقف الممثل على قلب الخشبة. ولا يرغب بروك في ان يحس القادمون بعده في مسرح نورد التجريبي ان تعليماته ملزمة بالنسبة اليهم ويقول في ذلك:"ما أردت تأسيسه بالدرجة الأولى بعد تمضية عمري كله في محاربة التقليدية- هو الابتعاد عن اختيار خلف لي هناك، يحاول السير على نهجي وتطويره.عن/ الغارديان
بيتربروك، يودع المسرح الباريسي
نشر في: 8 يناير, 2011: 04:46 م