المدى / محمود الجبوري
جدد المكون الكردي في ديالى شكواه من تزايد التهميش الإداري والأمني في محافظة ديالى خلال السنوات الأخيرة واتساع عمليات “التعريب الديمغرافي” بعد أحداث استفتاء الانفصال عن العراق، أو ما يعتبره الكرد استفتاء الاستقلال.
يشكو الكرد في ديالى من حملات تعريب ديمغرافية وتهميش أمني وإداري، اشتدت وتوسعت بعد أحداث 16 أكتوبر/تشرين الأول 2017 إبان إجراء استفتاء استقلال كردستان، ما دفع الأحزاب والقوى السياسية الكردية إلى ترك مقارها خوفًا من الاستهداف والتصفية.
المكون الكردي كان يشغل مناصب إدارة زراعة ديالى للفترة من 2012 لغاية 2015، ومنصب مدير حماية المنشآت التابع لوزارة الداخلية خلال الأعوام الممتدة بين 2007-2011، إضافة إلى إدارة دوائر فرعية في خانقين.
ويقول الإعلامي الناشط في ديالى، أمير خانقيني، في حديثه لـ(المدى): “رغم أن الكرد يشكلون ثاني أكبر قومية في ديالى، إلا أنهم تعرضوا للتهميش منذ بداية تشكيل الحكومة المحلية. فقد تم تجاهل الاتفاقات التي تضمنت منحهم منصب نائب المحافظ ومدراء عامين كتربية والصحة”، لافتًا إلى “استبعاد الكرد بشكل واضح في تشكيل لجان مجلس المحافظة، مما أدى إلى تهميشهم في السلطات التنفيذية والرقابية والتشريعية بالمحافظة.”
ويتابع: “هناك تفاهمات سياسية على منح الكرد حق تولي مناصب قيادية في خانقين، بما في ذلك قائممقامية خانقين ومديريات نواحي السعدية وجبارة. ومع ذلك، هناك مؤشرات على وجود عرقلة متعمدة لتنفيذ هذه الاتفاقات”.
ويكشف خانقيني عن معلومات تشير إلى وجود ضغوط ومساومات تهدف إلى إجبار الكرد على التنازل عن مناصب قيادية في دوائر أمنية وخدمية مقابل الموافقة على ترشيح قائممقام كردي، مما يشكل انتهاكًا واضحًا للاتفاقات المبرمة، محذرًا من تداعيات مجتمعية سلبية على واقع المحافظة التي تضم عدة قوميات وأديان ومذاهب، مما يضع القيادات السياسية في البلد وديالى بشكل خاص أمام ضرورة مراعاة ذلك ومعالجته بما يضمن مصلحة الجميع.
ويعتبر خانقيني تهميش مكون مهم، في إشارة إلى الكرد، في تشكيل حكومة محلية مسألة حساسة للغاية، وتؤدي إلى مجموعة من الآثار السلبية التي تهدد استقرار المجتمع وتماسكه وتعميق الهوة بين القوميات، وزيادة الشكوك المتبادلة، مما يزيد من حدة التوتر والصراعات، إلى جانب حرمان فئة كبيرة من المواطنين في محافظة ديالى من حقهم في المشاركة السياسية في تشكيل السلطة التنفيذية، مما يضعف شرعية الحكومة.
عضو لجنة العمل التعاوني في خانقين، وهي لجنة تطوعية تتابع أوضاع ومشاكل خانقين، سلام عبد الله، عزا تناقص التمثيل الكردي في مجلس ديالى إلى تشتت صفوف الأحزاب الكردية، مما سبب مشاركة انتخابية ضعيفة.
ويعلل عبد الله في حديثه لـ(المدى) غياب الكرد عن المناصب الإدارية إلى سيطرة الأحزاب العربية على الحكومة المحلية والاستحواذ على المناصب في الدوائر المدنية والأمنية.
الحزب الديمقراطي الكردستاني، عبر مناسبات عدة، حمل الاتحاد الوطني الكردستاني مسؤولية إفراغ المناطق المتنازع عليها في ديالى ومحافظات أخرى من النفوذ السياسي والأمني عبر اتفاقات من طرف واحد للحصول على مكاسب.
أحداث استفتاء الكرد في أيلول عام 2017 تسببت بتجريد الكرد من الإدارة المدنية لعدة وحدات إدارية في ديالى، وانسحاب البيشمركة والآسايش من تلك المناطق وتولي القوات الاتحادية والحشد الشعبي الملف الأمني لتلك المناطق.
ويوجز إبراهيم عزيز، عضو عامل في مركز خانقين لتنظيمات الحزب الديمقراطي الكردستاني، أسباب التهميش الكردي في ديالى إلى أحداث أكتوبر بعد استفتاء استقلال كردستان عام 2017 والخلافات السياسية التي تلتها بين الأحزاب الكردية.
ويحمل عزيز في حديثه لـ(المدى) الحكومة الاتحادية مسؤولية تهميش الكرد وسلب استحقاقاتهم لعدم التزامها بالاتفاقات السياسية والأمنية المبرمة مع حكومة الإقليم، والتي شكلت بموجبها الحكومة الاتحادية في الدورة الحالية.
ويذهب عزيز في حديثه إلى المشاكل والخلافات مع الاتحاد الوطني الكردستاني، والتي تسببت بتناقص نفوذ الكورد وفقدانهم لمناصب إدارة عدة وحدات إدارية، معربًا عن خشية الكرد من فقدان منصب قائممقام خانقين في ظل الأوضاع الحالية.
ويحذر عزيز من تناقص استحقاقات الكرد وتمثيلهم في السلطة الإدارية والأمنية في ديالى، محملاً الاتحاد الوطني الكردستاني مسؤولية ذلك بسبب اتفاقاتهم مع جهات الحشد الشعبي والجهات السياسية، سعيًا منهم في إشارة إلى الاتحاد الوطني للاستحواذ على إدارة المناطق المتنازع عليها، إلا أن ذلك لم يتحقق بحسب تعبيره.
تصاعد هوة الخلافات السياسية بين الأحزاب الكردية انعكست سلبًا على التمثيل الكردي في مجلس ديالى، وبمقعد واحد حصده الاتحاد الوطني الكردستاني.
مسؤول التنظيمات في مركز خانقين لتنظيمات الحزب الديمقراطي الكردستاني، شيركو توفيق، شكا من حملة ممنهجة لتجريد الكرد من استحقاقاتهم الإدارية والأمنية والحزبية في ديالى منذ 2008 وحتى الآن، واصفًا ما يجري في المناطق المتنازع عليها بديالى بأنه خطط تعريب ديمغرافية تقودها جهات سياسية لدواعٍ قومية وطائفية.
ويبين توفيق لـ(المدى) أن المكون الكردي محروم من استحقاقاته الإدارية والأمنية حتى عندما كان يشغل 6 مقاعد في مجلس ديالى خلال الأعوام الممتدة بين 2009-2013، تلاها حملات تهميش للكرد وتجريدهم من مناصبهم رغم أنها كانت رمزية وبعيدة كل البعد عن استحقاق المكون الكردي.
وعزز توفيق تزايد حملات التهميش والتعريب في مناطق النزاع بديالى إلى أحداث استفتاء استقلال كردستان في أيلول عام 2017، ما أجبر الحزب الديمقراطي على ترك مقاره الحزبية منذ ذلك الحين وحتى الآن، باستثناء الاتحاد الوطني الكردستاني الذي لا يزال يشغل مقاره ويمارس نشاطه السياسي بحرية تامة.
ويتابع: “حكومتا رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي والحالي محمد السوداني أصدرتا قرارات بعودة الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى مقاره في كركوك وديالى وصلاح الدين ونينوى، إلا أن القرار لا يزال حبرًا على ورق وخاصة في ديالى بسبب الأهواء والمزاجات الشوفينية المعادية للكرد”.
ويؤكد توفيق أن مناصب إدارة نواحي جلولاء وقره تبه التابعتين لقضاء خانقين إضافة إلى قضاء مندلي سُلبت من الكرد وتدار بالوكالة رغم أنها استحقاق إداري للمكون الكردي بحسب التركيبة السكانية والاستحقاق السياسي والقومي.
وبحسب الاستحقاق الانتخابي للكرد، يطالب جمال أكبر كاكي، نائب رئيس مركز تنظيمات خانقين للاتحاد الوطني الكردستاني، بمنحهم مناصب قائممقام خانقين وإدارة نواحي جبارة والسعدية وجلولاء وقره تبه ومنصب معاون ومستشار محافظ ومدير عام.
ويواصل حديثه لـ(المدى): “الكرد يشكلون 21% من سكان ديالى، والمناطق الكردية تخضع للمادة 140 من الدستور العراقي، ويجب منح الكرد استحقاقهم في المناصب الإدارية أسوة بالمكونات الأخرى لما تمثله ديالى من عراق مصغر للمكونات والقوميات والطوائف، إضافة إلى تقديم خدمات متساوية لجميع مناطق ديالى ومن بينها المناطق الكردية".
ويعتبر كاكي أن المكون الكردي في ديالى لا يزال حبيس التهميش والازدواجية في التعامل من خلال عمليات التعدي والتهجير وعدم إنصاف حقوقهم، كاشفًا عن سلب 3 مراكز لتنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في نواحي جلولاء وقره تبه منذ عام 2017 وحتى الآن، وتم الاستيلاء عليها لأسباب غير معروفة “ولا نعرف متى ستعاد إلينا”.
ويستدرك حديثه: “رغم ذلك، نحن عازمون ومستمرون في تنفيذ متبنيات الزعيم الراحل جلال طالباني ورئيس الاتحاد الوطني الحالي بافل طالباني بترسيخ الأمن والاستقرار والتعايش السلمي وضمان حقوق جميع المكونات في المناطق المتنازع عليها بديالى والمحافظات الأخرى”.
عضو مجلس ديالى عن الاتحاد الوطني الكردستاني، أوس المهداوي، أكد لـ(المدى) أن الاتحاد الوطني نال استحقاقه في مجلس ديالى بعد حصد نحو 30 ألف صوتًا في انتخابات مجلس ديالى.
المهداوي عزا أسباب تناقص التمثيل الكردي في مجلس ديالى إلى خلل عدم تحالف الأحزاب الكردية في ديالى لخوض الانتخابات المحلية بقائمة موحدة، مما سبب حرق وتشتيت لأصوات الكرد ومشاركة ضعيفة في الكثير من المناطق الكردية.
ويؤكد المهداوي أن الاتحاد الوطني لن يكون طرف نزاع أو تهديد للتعايش السلمي في ديالى والمناطق المتنازع عليها بشكل خاص، وهذا تكريس لثوابت زعيم الاتحاد الوطني الراحل ورئيس الجمهورية الأسبق مام جلال الطالباني، وكذلك نهج وسياسة زعيم الاتحاد الوطني الحالي بافل طالباني.
ويلفت إلى أن “أصوات الاتحاد الوطني مستحقة وسينال استحقاقه الانتخابي في ديالى وفق اتفاقات تشكيل حكومة ديالى الحالية”، في إشارة منه إلى الاستحقاقات الكردية في الدوائر المدنية والأمنية.