بغداد/ تميم الحسن
تقول تحليلات غربية واراء لزعامات محلية، غربي الانبار، إن الجماعات المسلحة المتناثرة بالصحراء، يمكن ان تنفذ هجمات باستخدام "الاحزمة الناسفة"، تعليقا على الغارة الاخيرة التي قتلت عددا من قيادات "داعش" في المحافظة.
وتنتقد هذه الزعامات تجاهل دور مسلحي العشائر، الذين لعبوا دورا مهما في الحرب ضد "داعش" في السنوات الـ10 الاخيرة، ثم ابعدوا لأسباب غير مفهومة عن القيام بدوريات بالصحراء لتعقب المسلحين الفارين.
وأعلن أمس، عن زيارة نائب قائد العمليات المشتركة الفريق أول الركن قيس المحمداوي الى مكان "العملية النوعية" التي شهدت مقتل 14 مسلحا من تنظيم "داعش" في الأنبار بمساعدة من القوات الامريكية.
ورافق المحمداوي رئيس جهاز مكافحة الإرهاب ومدير هيئة الاستخبارات المشتركة مع ضباط الركن، للاشراف الميداني على عملية أطلق عليها "وثبة الاسد"، بحسب بيان لخلية الإعلام الأمني.
ووجه المحمداوي "القطعات بالاستمرار في العمل التعرضي وأسبقية الأهداف المقبلة وأهمية عدم إعطاء أي فرصة للعناصر الإرهابية الخائبة حتى ولو كانت بشكل تواجد او مرور وقتي في أي شبر من تراب الوطن الغالي" على حد وصف البيان.
وكانت قيادة العمليات المشتركة، اعلنت يوم السبت، العثور على 14 جثة لإرهابيين من الذين تم استهدافهم في العملية التي أعلن عنها يوم الجمعة، في منطقة الحزيمي شرقي وادي الغدف ضمن صحراء الأنبار.
وقالت العمليات في بيان انه "عثرت القوة على 14 جثة لإرهابيين من الذين تم استهدافهم يوم أمس، كما تم العثور عدد من الأحزمة الناسفة، جرى تفجيرها تحت السيطرة وأسلحة وأعتدة مختلفة ومستمسكات ومواد فنية وأجهزة حاسوب وهواتف ومستمسكات أخرى مهمة جديدة".
وأشارت إلى، أنه "أثناء هذه العملية رصدت القوات الأمنية المكلفة بهذا الواجب عجلة تقل إرهابيين اثنين، إذ شرعت بتطويق العجلة والقبض عليهما وحسب التحقيقات الأولية معهما تبين أنهما قد هربا من أحد الأوكار لنقل مستمسكات مهمة ومواد أخرى كانت بحوزتهما".
من أين جاء المسلحون؟
ويفترض ان العمليات العسكرية ضد "داعش" قد انتهت أواخر 2017، وأعلن حيدر العبادي، رئيس الوزراء الاسبق انذاك، ماسمي بـ"يوم النصر"، لكن بالحقيقة كانت هناك ثغرات كبيرة، بحسب زعامات عشائرية في الانبار.
ويؤكد زعيمان في غربي الانبار لـ(المدى) بانه "في السنوات الاربع الاخيرة (من 2019 الى نهاية 2023) نفذنا اكثر من 20 واجبا في الصحراء، واستطعنا إن نقتل 40 مسلحا من القيادات البارزة للتنظيم".
الزعيمان اللذان طلبا عدم ذكر اسمهما لدواع أمنية أكدا ان "المسلحين هربوا قبل عمليات التحرير الى الصحراء، وبقيت عمليات الاستهداف التي تشارك بها الولايات المتحدة بشكل دقيق في تقليص أعداد (داعش)".
وتعترض الزعامات العشائرية على تجاهل دورهم في عمليات التعقب بالصحراء، وقالوا انه "لا يوجد لدينا وقود ولا عجلات ولا نعرف لماذا تم ابعادنا عن هذه المهمات التي تساعد الجيش".
وتقدر القيادة العسكرية وجود بين 200 الى 300 مسلح في العراق، وهو رقم يقل عن التوقعات الامريكية.
وتكشف الزعامات العشائرية، ان المسلحين في الصحراء "يتناثرون بمواقع بعيدة عن المدن بنحو 150 كم"، مشيرين الى انهم يتوزعون ضمن "مفارز صغيرة تضم الواحدة بين 5 الى 7 أفراد كحد اقصى".
وتؤكد تلك الزعامات أن على الرغم من تراجع قوة وتمويل "داعش" في الصحراء، لكن "اغلبهم يرتدون احزمة ناسفة ويمكن ان ينفذوا هجمات باي وقت".
وتتفق مراكز تحليلات امريكية مع هذا الرأي، حيث تعتقد أن "داعش" في السنوات بين 2014 الى 2019 كان قد جمع أموال طائلة من بيع النفط وسرقة أموال من سوريا والعراق، وهو قادر على تمويل نفسه.
وترى ان الخطورة في "الستر الناسفة" التي يرتديها المسلحين، وامكانية شن هجمات في اوروبا كما حدث في ألمانيا مؤخرا، وقبلها في تهديدات لحفل في جنوبي فرنسا، وهجمات في روسيا، وايران، وتركيا، بعد نشاط ولاية "خراسان" في أفغانستان.
وتؤكد الزعامات العشائرية، بان المسلحين في الصحراء "يتنقلون بين المضافات المدفونة تحت الارض، وبعضهم تسلل من الحدود لكن بشكل ضيق جدا".
أهمية عملية الصحراء
وكانت العملية الاخيرة في صحراء الانبار التي شاركت فيها القوات الامريكية بدور أكبر من "استشاري"، كما تصفه الحكومة العراقية، قد نوقشت في لقاء بين وزير الخارجية العراقي والسفيرة الامريكية.
واهتم فؤاد حسين، وزير الخارجية بمشاركة الولايات المتحدة بـ"العملية المهمة"، بحسب وصف بيان الخارجية، أثناء لقاء السفيرة آلينا رومانوسكي.
وكانت القيادة العسكرية الامريكية أعلنت إصابة 7 عسكريين بالعملية، أحدهم نقل الى العلاج، وفق تقارير صحفية امريكية.
والجمعة الماضية، أعلنت القيادة العسكرية الامريكية في الشرق الأوسط (سنتكوم) ان قواتها نفذت مداهمة مشتركة مع قوات الأمن العراقية غربي العراق في الساعات الأولى من يوم 29 آب، ضد تنظيم "داعش".
وذكرت سنتكوم في البيان أن "هذه المجموعة من عناصر تنظيم داعش كانت مسلحة بالعديد من الأسلحة والقنابل والأحزمة المتفجرة"، مضيفة أنه "لا يوجد ما يشير إلى وقوع إصابات بين المدنيين".
واستهدفت العملية التي أُعلن عنها، مساء الجمعة، "قادة في تنظيم داعش بهدف التعطيل والحد من قدرة التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ هجمات ضد مدنيين في العراق وكذلك ضد المواطنين الأميركيين والحلفاء والشركاء في كل أنحاء المنطقة وخارجها". وفق بيان "سنتكوم".
وأشارت القيادة العسكرية الأميركية إلى أن "قوات الأمن العراقية تواصل استكشاف موقع الغارة"، مشددة على أن "تنظيم داعش لا يزال يشكل تهديداً للمنطقة وحلفائنا وكذلك لوطننا".
وقالت "ستواصل القيادة المركزية الأميركية إلى جانب التحالف وشركائنا العراقيين ملاحقة هؤلاء الإرهابيين بقوة".
التحذيرات هل تؤثر على مفاوضات الانسحاب؟
وهذه المرة الثانية التي تحذر فيها واشنطن من خطر وجود التنظيم. القيادة الامريكية قالت في تموز الماضي أن "داعش" تبنى 153 هجوماً في العراق وسوريا خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024 مقارنة بـ 121 هجوماً خلال العام الماضي.
واشارت حينها إلى ان أن الزيادة في الهجمات تشير إلى أن "داعش يحاول إعادة تشكيل نفسه بعد عدة سنوات من انخفاض قدراته".
وتنشر الولايات المتحدة نحو 2500 جندي في العراق وقرابة 900 في سوريا المجاورة، في إطار التحالف الذي أنشأته عام 2014 لمحاربة تنظيم "داعش".
وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات في شأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف في العراق، من دون إعلان موعد رسمي للانسحاب المفترض.
ويقول حسن فدعم، وهو عضو في تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، ان البيان الأمريكى حول العملية الاخيرة "غير مهم، ولن يؤثر على قرار انسحاب القوات الامريكية".
فدعم أكد في اتصال مع (المدى) ان "القرار هو عراقي والحكومة العراقية والاحزاب اخذت موقف نهائي لا رجعة فيه في انهاء تواجد قوات التحالف"، لافتا إلى أن "العراق هو من استعان بالتحالف الدولي ضد (داعش) والآن دورها انتهى".
واوضح بان "هناك مراقبة لاي محاولات امريكية لايجاد ذرائع لتعطيل الانسحاب، كما ان الجميع يدعم الحوارات والطرق الدبلوماسية لحسم الموضوع".