اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الأحزاب السياسية .. برامج غير واضحة وقواعد ومرتكزات ضعيفة

الأحزاب السياسية .. برامج غير واضحة وقواعد ومرتكزات ضعيفة

نشر في: 8 يناير, 2011: 05:02 م

طارق الجبوريرغم ما كان معروفاً عن العراقيين من اندفاع للعمل السياسي ، سواء من خلال الانخراط في التيارات السياسية او العمل الواجهي ( نقابات او منظمات وجمعيات مهنية) الذي كان مركز تنافس الاحزاب التي كانت معروفة آنذاك لاستقطاب اكبر عدد مؤيديها ، فان انكفاءً عن هذا التوجه وابتعاداً عن العمل الحزبي ، ووجود لون واحد، ادى الى تغيير كبير وخطير في صورة الخارطة السياسية  خاصة في التسعينات وما بعدها، انهارت بسببه حتى تقاليد العمل الحزبي التي كانت معروفة سابقاً .
كما ان مخزون الهزائم والنكسات القومية والوطنية  في مجتمعلتنا العربية ومن ضمنها العراق، وحالات الفشل المتواصلة ، وعدم بلورة مشروع ديمقراطي دفع المواطن الى اليأس من ايجاد مخرج يمكن ان ينتشله من الواقع الصعب الذي يعيشه ، خاصة في مجال الحريات المستلبة ، مع ما رافق ذلك من تدهور وجوع ونقص خدمات ، الذي زاد من حالات اليأس والقنوط لدى عدد غير قليل من المواطنين ، بل وصل الامر الى ان تغادر ملاكات متقدمة من احزاب عريقة قومية او ماركسية مواقعها لتنزوي وتبتعد عن اية انشطة سياسية ، حتى وهي في الخارج وبعيدة عن بطش السلطة وعينها . هذه هي باختصار الصورة التي كانت سائدة قبل 2003في العراق . و في اجواء الحرية النسبية التي تحققت في العراق ،  تشكلت عشرات الاحزاب والحركات السياسية ، لتدخل حلبة العمل السياسي مع غيرها من احزاب المعارضة التي اصبحت الاجواء مهيأة لها للعمل في الداخل ، بعد فترة ابعاد واقصاء عن العمل ، استمرت طويلاً ، افقدتها ميزة تكوين قاعدة حزبية ،لاسباب كثيرة من بينها حملات القمع والتنكيل لكل صوت معارض ، ارغم الناس على الابتعاد عن ساحة العمل السياسي خاصة في مجال الانخرط في الحركات المحظورة ، إبان فترة النظام السابق .وكان الكثير يتوقع تحسناً في اداء وعمل الحركات السياسية سواء الدينية منها التي وجدت نفسها تتسيد ساحة العمل ، او العلمانية والليبرالية التي وكما يبدو ارتضت ان تعيش على ذكريات وامجاد مناضليها في السابق،  وبقيت بعيدة عن وسطها الحقيقي الشعب . نعم  ان ظروفاً عديدة من بينها الارهاب حال دون تحقيق تواصل مع شرائح المجتمع ، وجعل قادة الاحزاب جميعها تتحصن في متاريس خاصة بها ، زادت في جدار العزلة والابتعاد بينها وبين المواطنين ، غير ان هذا لايعطيها المبرر في هذا الإخفاق الكبير الذي حال دون ان تعيد للعراق شيئاً من تقاليد العمل الحزبي العريقة المبنية على علاقات حقيقية مع المواطنين بمختلف مكوناتهم وارتباط حقيقي معهم . ونستطيع القول بكل صراحة انها شجعت على سيادة نوع من العلاقات المصلحية وتغذيته طائفياً وعشائرياً وعرقياً ، في مجال من استطاعت استقطابهم ، حيث ان عدداً غير قليل منهم انتسب شكلياً الى الاحزاب ، خاصة الدينية بدوافع آنية منها الحصول على وظيفة او مكسب هنا وهناك ، لذا فقد كان ديدن هذه الاحزاب والحركات هو اللهاث وراء الامتيازات والحصول على اكبر المغانم ، ومثل تلك العلاقات لاتؤسس لعمل سياسي حقيقي يفضي الى ترسيخ تقاليد عمل ديمقراطية صحيحة . ورغم ان نجاح الانتخابات منذ اول تجربة لها جرت في عام 2005  حتى الاخيرة في آذار 2010، يؤشر لحالة تقدم في وعي المواطن ، اكثر تقدماً مما هو موجود لدى التيارات والكتل السياسية ، فإنها لا يمكن عدها مؤشراً على امتلاك هذه الحركة اوتلك قاعدة شعبية يعول عليها . فالمواطن خاصة في الانتخابات الاخيرة ،  انحاز لتطلعه للتغيير ، ما زال مؤمناً بحتمية حصوله ، مع كل ما لمسه من ممارسات لاتمت بصلة الى تقاليد العمل الحزبي المتعارف عليها. ومن المؤلم ان تجد بعض الاحزاب العلمانية ذات التاريخ العريق في العمل السياسي تقف عاجزة بعد اكثر من تجربة انتخابية ، من استشراف آفاق جديدة للعمل يعيد إليها حجم التأثير الايجابي في اوساط شعبية كان أمر ولائها وكما يفترض محسوماً لصالحها ، كما ان من المؤلم ان نجد الاحزاب الدينية مدفوعة بنشوة انتصاراتها ،تستمر بالعمل على وفق صيغ استقطاب للمواطنين ، ترسخ مفاهيم طائفية ، بدلاً من اعتمادها برامج تكرس قيم المواطنة ، التي بدونها لايمكن ادعاء  الحرص على الديمقراطية .لانريد ان نلقي اللوم على حزب بحد ذاته في هذه الصورة المشوهة ، غير ان ما نسعى للتوصل إليه هو انتقال طبيعة  وأسلوب العمل فيها من مجاله الضيق الى فضاءات أوسع تتسع لكل المواطنين ،وابتعادها عن أساليب العمل الفردية الى صيغ جماعية ، يجعلها اكثر قرباً من الناس ، تتبادل وإياهم التأثير .ليس هنالك من مناص من الاعتراف بتأثير تراكمات الماضي ، غير ان هذا لايعطينا المبرر او الحجة ، باستمرار حالة الضبابية وغير الوضوح في فكر وايدلوجية هذه الاحزاب وحقيقة برامجها والى ماذا تريد الوصول كما ان من الضرورة ان يصار الى اهتمام بالجانب الفكري عند هذه الاحزاب وتحديد هويتها ، ليصار الى تمييز حقيقي بينها . وإذا كان مقبولاً التسليم بهذا الشكل او ذاك ، بالقول بان عصر الايدلوجيات قد انحسر وفقدت هذه الايدلوجيات وهجها الذي كانت عليه ، فإن الحقيقة التي لاتقبل النقاش ان اي حزب يريد الاستمرار لابد من ان يمتلك نظرية عمل سواء دينية او علمانية ، كما ان هذه النظرية لابد من ان تستجيب لمعطيات الواقع وتتطور معه ، وهذا الواقع يعلن  ضرورة التعامل مع حالة جديدة في هذه المرحلة تتمثل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram