الموصل / سيف الدين العبيدي
بعد النكبة التي عاشتها مدينة الموصل في عام 2014، تعرضت المؤسسات الثقافية والتعليمية فيها للدمار والتخريب. كانت المكتبة المركزية بجامعة الموصل واحدة من أبرز المؤسسات التي تعرضت للحرق، مما أدى إلى فقدان مليون كتاب. ولم تكن المكتبة المركزية العامة، التي تأسست في عام 1921، بمنأى عن هذا الخراب، حيث تعرضت للتخريب من قبل تنظيم داعش في عام 2016.
في ظل هذه الظروف، ساهمت مؤسسة (المدى) بتزويد المكتبتين العامة والجامعية في الموصل بالاف الكتب المتنوعة في مجالات السياسة، الاقتصاد، التاريخ، الاجتماع، الأدب، وغيرها. هذه الإصدارات جاءت كمحاولة لتعويض جزء من الخسائر الثقافية الهائلة التي عانت منها المدينة.
دعم ثقافي متواصل
تحدث جمال العبد ربه، مدير المكتبة العامة في الموصل، عن دور المكتبة وما تحتويه من خزائن وكتب، حيث تضم المكتبة أكثر من 100 خزانة خاصة، تعود إلى كتاب ومؤلفين وشخصيات مهتمة بالقراءة. كما أشار إلى أن المدى كانت من بين المؤسسات التي تبرعت بالكتب بعد تحرير المدينة، مما ساعد القراء في الموصل على إعادة التواصل مع العالم الخارجي بعد انقطاع دام ثلاث سنوات.
كما كشف العبد ربه عن وجود قسم خاص بالنوادر يضم إصدارات متنوعة للصحف العراقية، من بينها صحيفة المدى وأرشيفها. وأكد أن الموظفين قد قاموا بتغليف الأعداد الصادرة للحفاظ عليها، بالإضافة إلى أرشيف كامل لصحيفة الوقائع العراقية منذ تأسيسها عام 1922 وحتى اليوم.
تزويد المكتبة الجامعية
سيف الأشقر، مدير المكتبة المركزية بجامعة الموصل، أوضح في حديثه لـ(المدى) أن مؤسسة المدى أهدت المكتبة أكثر من 4 آلاف كتاب في مجالات متنوعة، إلى جانب 234 مجلة. هذه الكتب وصلت في حزيران/يونيو 2021 وساهمت في توفير مصادر المعلومات التي يحتاجها الطلاب.
منذ تحرير الموصل، تسعى المدينة جاهدة لاستعادة ما فقدته من كتب ومصادر معلومات، وقد أسهم الأدباء والكتاب الموصليون في إثراء المكتبات العامة بإنتاجات جديدة لتعويض الخسائر، حيث أصدروا أكثر من ألف عنوان في مجالات متنوعة منذ عام 2017.
رد فعل ثقافي قوي
الناشر الموصلي يوسف عبدالمطلب وصف مساهمة المدى بأنها خطوة ليست بالغريبة عن مؤسسة تعتبر من رواد الثقافة في العراق. ودعا عبدالمطلب باقي المؤسسات ودور النشر، سواء في الموصل أو بغداد أو حتى من الدول العربية، إلى المساهمة في تزويد مكتبات الموصل بالكتب، مشيرًا إلى أن المدينة تهتم بشدة بالقراءة والدراسات العلمية.
وأشار عبدالمطلب إلى أن المدى أحدثت نقلة نوعية في الحركة الثقافية من خلال معارض الكتب والجلسات الأسبوعية التي تقيمها في شارع المتنبي، وتعاونها مع مؤسسات ثقافية محلية ودولية تهدف إلى نشر ثقافة القراءة والتأليف ودعم الفنون بمختلف أشكالها.
احتياجات المدينة الثقافية
رغم جهود الأدباء الموصليين في رفد المكتبات بمؤلفاتهم، يرى عبدالمطلب أن المدينة التي يقطنها 5 ملايين نسمة تحتاج إلى المزيد من الكتب والإصدارات المتنوعة، وخاصة في مجالات الصحافة والإعلام، حيث يوجد نقص كبير في مصادر هذا المجال، خاصة مع توسع دراسة الإعلام في جامعة الموصل منذ افتتاح قسم الإعلام في نهاية عام 2012.