السودان/ متابعة اخبارية مع ساعات الصباح الأولى من هذا اليوم الاحد التاسع من كانون الثاني 2011 سيكون العالم على موعد مع بداية ولادة دولة جديدة في قلب افريقيا، حيث تشير كل الدلائل ان السودانيين الجنوبيين بملايينهم الاربعة المشمولين بالاقتراع ماضون الى النهاية في توجههم للتصويت
للانفصال عن السودان في استفتاء تقرير المصير الذي سينطلق اليوم ويستغرق اكثر من خمسة ايام . لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو هل ان الجنوب مستعد لكي يصبح دولة ام ان الموروث المعقد من التداخلات الاثنية والثقافية والاجتماعية وانعكساتها على الواقع الجيوبوليتكي للكيان الجديد سيفرض نفسه بقوة على مآلات الدولة الجديدة وخياراتها.وعلى الرغم من وجود ترسيم للحدود الدولية تنحدر من الحقبتين الاستعمارية والاستقلال، الا ان موروث غياب شكل وتنظيمات صارمة للدولة في المنطقة والتداخلات العرقية والاجتماعية للمجاميع البشرية التي تسكن المنطقة والمتجاوزة للحدود الوطنية ستمثل التحدي الاكبر للجنوب في سعيه لدولته ، ولا يقتصر الامر على التداخلات الحدودية مع البلد الام السودان بل يمتد الى دول الجوار الاخرى، حيث يمتلك الجنوب حدودا واسعة مع عدد من الدول الاخرى تمتد من جمهورية افريقيا الوسطى غربا مرورا بجمهورية الكونجو الديمقراطية واوغندا وكينيا جنوبا وانتهاء باثيوبيا شرقا.توترات ساخنة وتمثل الحدود الشمالية الحدود الاطول اذ تمتد على مسافة حوالي 2010 كيلومترات مربعة، وقد حددت اوليا اتفاقية السلام الشامل لعام 2005 خط هذه الحدود اوليا بالاعتماد على حدود عام 1956، بيد انها لم تستطع ان تحسم كل التداخلات التي فرضها موروث الحراك الاجتماعي والعرقي داخل البلد الواحد طوال الفترة الماضية ، و لايخفى ان هذه الاتفاقية التي انهت حربا اهلية ضارية بين شمال السودان وجنوبه لم تستطع أن تنهي كل الخلافات القائمة في مجال ترسيم الحدود بين الجانبين، بل وخلقت نقاط توتر ساخنة هددت التعايش الاجتماعي القائم في مناطق التماس والذي نجحت الجماعات العرقية والقبائل في المنطقة في خلقه على مدى تاريخ طويل من العيش المشترك.وقد أثارت التقسيمات السياسية الجديدة مشكلات ملكية الارض واستخدامها وحقوق الرعي وتوزيع الجماعات العرقية على خط الحدود، ويعد الصراع الحاصل على منطقة ابيي الغنية بالنفط المثال الابرز في ذلك، وان تمت صياغته في ضوء التوزيعات العرقية بين قبائل المسيرية التابعة للشمال والدينكا نقوك الجنوبية ، كما يمثل الخلاف على الحدود بين قبائل الدينكا ملوال في شمال بحر الغزال والرزيقات في جنوب دارفور مثالا اخر، يعززه ايضا مطالبة الجنوب باستعادة منطقة "كفيا كنجي وحفرة النحاس" من ولاية جنوب دارفور.موروثات عرقية وسياسية وإذا كانت تلك الامثلة تتعلق بنزاعات حدودية واضحة في تفسير حدود جنوب السودان التي تم اعتماد ترسيم الحدود إبان استقلال السودان في كانون الثاني عام 1956 اساسا لها، فان قضايا جبال النوبة في ولاية جنوب كردفان الحالية وجبال الانقسنا جنوب ولاية النيل الأزرق وهما ولايتان شماليتان على وفق التقسيم الجديد، تطرح نقاط توتر اخرى وان بدت خارج التداخل الحدودي المباشر على وفق حدود 56 الا انها حملت موروث تدخلات عرقية وسياسية منذ مرحلة الحرب الاهلية.وقد شهدت المرحلة الماضية حرص شريكي اتفاقية السلام الشامل وحكومة الوحدة الوطنية، الحركة الشعبية لتحرير السودان والمؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم، على القفز على تلك المشكلات إبان تطبيق استحقاقات اتفاقية السلام وتأجيل لحظات التوتر الناجمة عنها التي قد تهدد مجمل الاتفاق.ويرى الباحث دوجلاس اج جونسن الذي كتب عن مشكلة الحدود في جنوب السودان: ان الدفاع عن حقوق الجماعات العرقية في المناطق يمكن ان يستخدم كقناع للنزاع على المستوى الوطني للسيطرة على الموارد الطبيعية بين الاحزاب السياسية المهيمنة في الخرطوم وجوبا.ويضيف ان الاختلافات بشأن الاستخدام المشترك للارض على جانبي الحدود التي كانت تحل بسهولة نسبيا بين المجتمعات المحلية في المنطقة تبعا لاعراف وممارسات حل المنازعات التي طورتها هذه المجتمعات قبل الاستقلال (أي قبل مرحلة الحروب الاهلية التي ضربت اطنابها في السودان بعد هذا التاريخ) قد تعقدت الان بفعل سياسات التنمية الاقتصادية الوطنية التي اعطت اولوية كبيرة لاستغلال الاحتياطيات النفطية وتوسيع برامج الزراعة الآلية.وحاولت الحكومة السودانية في مفاوضاتها مع الحركة الشعبية اعتماد الترسيم المعروف للحدود بين الشمال والجنوب في لحظة الاستقلال عام 1956، وحاولت تأجيل النظر في قضايا ابيي وجبال الانقسنا وجبال النوبة، وفصل مسار التفاوض عليهما الذي ظلت الحركة الشعبية تعتبره مطلبا جوهريا لديها لاسيما ان الكثير من قادتها وعناصرها قد تحدروا من هذه المناطق.ويعرف الباحث موسى محمد الدود جبارة في بحثه "دور قبائل التماس في تحقيق التعايش السلمي في مرحلة ما بعد انفصال جنوب السودان" مناطق التماس بأنها "عبارة عن شريط من الأراضي يغطي جانبي الحدود الفاصلة/الواصلة بين جنوب السودان وشماله.وبمعنى أدق تقع مناطق التماس المعنية بين خطي العرض 7و13 درجة شمال خط الإستواء وخطي ا
جنوب السودان فـي طريقه اليوم لإعلان دولته الجديدة بحماس كبير

نشر في: 8 يناير, 2011: 05:22 م