واسط / جبار بچاي
كشف الخبير في ملف المياه، علي حسين حاجم، أن دول الجوار نجحت في تصدير مياهها إلى العراق على شكل منتجات زراعية، في وقت يتزايد فيه الجفاف الذي يضرب البلد بشكل غير مسبوق، والتصحر يقترب من تخوم العاصمة بغداد. وأوضح حاجم أن إدارة ملف المياه في العراق حولت أراضيه من إقطاعيات زراعية إلى “إقطاع مائي”، يتمثل في إرضاء المتنفذين بتوزيعات المياه، ومنحهم حصصًا فائضة على حساب الآخرين، دون اتباع المعايير الفنية اللازمة.
وفي حديثه لـ(المدى)، أوضح حاجم أن “ملفات المياه في العراق متعددة، أخطرها الملف الخارجي حيث تستحوذ دول المنبع على أكثر من 65% من واردات العراق المائية. أما على الصعيد الداخلي، فإن إقليم كردستان يستحوذ على العديد من مغذيات السدود الكبيرة، مما يعرقل مساعي الحكومة المركزية لبناء سد بخمة”.
وأشار إلى أن “الاتفاقيات المتعلقة بالمياه مع دول المنبع، خاصة تركيا، غير واضحة. وكان آخر هذه الاتفاقات بين الحكومة العراقية والرئيس التركي خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد، والتي ركزت جزئياً على تحسين إدارة المياه وزيادة حصة العراق، لكن ما حدث هو العكس، حيث تراجعت حصة العراق المائية وتقلصت معها المساحات الزراعية، مما أجبر العراق على استيراد المنتجات الزراعية من إيران وتركيا بدلاً من زراعتها محليًا”.
وأضاف حاجم أن “سوء إدارة المياه الداخلية يساهم في توسيع الفجوة، حيث يتم إرضاء المتنفذين بمنحهم حصصًا إضافية من المياه على حساب الآخرين، مما أدى إلى اتساع رقعة الإقطاع المائي”.
وأكد حاجم، الذي شغل سابقًا منصب مدير عام في وزارة الموارد المائية، أن “إدارة المياه العليا في العراق تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الإخفاقات، حيث تساهم في تلميع صورة دول المنبع أمام الرأي العام العراقي، وتصويرها على أنها متجاوبة، بينما الواقع يعكس عكس ذلك تمامًا”.
وأشار إلى أن “إدارة المياه العليا سمحت بتمرير أجندات خطيرة ضد العراق، عبر تبني فلسفات إدارة مائية جديدة مليئة بالشبهات، مما أدى إلى تفاقم الجفاف والتصحر الذي يهدد الآن بغداد”.
وأوضح حاجم أن “إدارة المياه اضطرت مؤخرًا للاعتراف ببعض الأخطاء في مؤتمر حضره المحافظون، لكن المؤتمر لم يأتِ بجديد ولم يطالب بحقوق العراق المائية المشروعة دوليًا، مما يثير الشكوك حول وجود تواطؤ مع دول المنبع في استغلال الوضع المائي بالعراق لبيع منتجاتهم الزراعية”.
وختم حاجم بالإشارة إلى أن “الاتفاقيات التي تم توقيعها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد لا تزال مبهمة وغير واضحة، ولا أحد يعرف تفاصيلها الدقيقة”.
يذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زار بغداد في 22 نيسان/أبريل 2024، في زيارة استغرقت يوماً واحداً، التقى خلالها برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وناقش عدة ملفات، من بينها تقاسم المياه وصادرات النفط والأمن الإقليمي.
وكان القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني محمود خوشناو، قد أكد أمس الثلاثاء ان تركيا نجحت بإدخال العراق بالفقر المائي، فيما أشار الى ان هناك أطراف داخلية عراقية تتناغم مع الأجندة التركية.
يقول خوشناو في لقاء متلفز إن "أزمة الحدود في العراق ليست جديدة، فهي موجودة مع الجانب الإيراني منذ عقود، أما الجانب التركي فالمشكلة معه منذ ثمانينيات القرن الماضي، كما أن الحكومات العراقية سابقا وحاضرا لم تصل معه إلى نقطة صفرية".
ويضيف، "نعتقد أن تركيا غير جادة في حل الموضوع مع العراق أو مع حزب العمال الكردستاني مثلما فعلت مع إيران، حيث بنت جدارا عازلا ووضعت كاميرات حرارية وأبراج مراقبة منعت تسلل أي شخص".
ويتابع، أن تركيا نجحت بإدخال العراق بالفقر المائي، واستخدمت هذه الورقة إضافة إلى ورقة حزب العمال، مستغلة ضعف الحكومات الموجودة، مع وجود أطراف داخلية عراقية تتناغم مع الأجندة التركية، مما أضعف القرار العراقي، مع ملاحظة أن المادتين السابعة والثامنة من الدستور العراقي منعت استخدام الأراضي العراقية للعدوان على دول الجوار.
ويؤكد إن موقفنا هو رفض أي عدوان أو تدخل بالشأن العراقي، سواء كان من إيران أو تركيا أو أميركا أو غيرها، وفي حال وجود أي جماعات معادية لإيران أو غيرها من الدول، فهي مطالبة بمخاطبة الحكومة العراقية، وأن تكون هناك علاقات أوسع وخيارات أفضل بعيدة عن الخيار العسكري.
أما قضية حزب العمال الكردستاني، فيبين، "فمعالجتها لا تكون من خلال الحظر، لأنه لن يؤدي إلى حل للمشكلة، على اعتبار أن المشكلة التركية تم ترحيلها إلى أراضي العراق، وتم استغلالها لتنفيذ أجندة توسعية، فحل الأزمة يتحقق بالحوار السلمي بوساطة عراقية، أما باقي الحلول، فلن تكون مجدية".