TOP

جريدة المدى > سياسية > بهرز تتحدى الإرهاب والجفاف: من "معقل القاعدة" إلى عاصمة الذهب الأخضر!

بهرز تتحدى الإرهاب والجفاف: من "معقل القاعدة" إلى عاصمة الذهب الأخضر!

نشر في: 4 سبتمبر, 2024: 12:10 ص

ديالى / محمود الجبوري
بعد حقب مظلمة من الإرهاب والعنف والجفاف وشح المياه، تجاوزت مناطق ناحية بهرز جنوب بعقوبة أعتى الظروف المعيشية والأمنية، وتحولت إلى أكبر مركز لإنتاج وتصدير الثيل في العراق بمختلف أنواعه.
تقع ناحية بهرز على بعد 7 كم جنوب بعقوبة، وكانت معقلاً للجماعات المسلحة خلال الفترات الممتدة من 2004 إلى 2008، وما زالت تحوي بؤرًا أمنية ساخنة في قراها الزراعية.
تحولت قرى جنوب ناحية بهرز، أو ما يسمى "بزايز بهرز"، إلى قبلة تقصدها جميع المحافظات العراقية من دهوك إلى البصرة لاقتناء أجود أنواع الثيل الطبيعي في ظل توسع حركة البناء والإعمار والحصول على المساحات الخضراء.
محمد مشعان، صاحب مزرعة لإنتاج وتصدير الثيل الطبيعي، يروي لـ(المدى) ازدهار أغلب مناطق ناحية بهرز معيشياً واقتصادياً عبر تجارة الثيل الطبيعي، مؤكدًا أن بهرز تتصدر إنتاج وتصدير الثيل الطبيعي في العراق، وباتت قبلة يقصدها الجميع من الشمال إلى الجنوب ومنها محافظات إقليم كردستان.
ويوضح مشعان أن أبرز أنواع الثيل المنتجة في بهرز هي الهندي والإسباني والأمريكي بأسعار 1000 دينار للمتر الواحد، إلى جانب الثيل الإيطالي (الرئاسي) الذي يتجاوز سعر المتر الواحد 10000 دينار ويلقى إقبالاً كبيرًا من الميسورين وأصحاب الدخل العالي، مشيرًا إلى أن أسعار الثيل تباع في المشاتل والشركات بين 2000-3000 دينار.
ويعود مشعان بحديثه إلى حقب وفترات مظلمة عاشتها مناطق بهرز إبان سطوة تنظيم القاعدة على قرى الناحية خلال الأعوام الممتدة من 2005 إلى 2007، وما تلاها من ظروف جفاف وشح المياه التي تسببت بانهيار القطاع الزراعي وتردي الأوضاع المعيشية لغالبية سكان الناحية الذين يعتمدون الزراعة كمصدر معيشي أساسي.
ويبين مشعان أن زراعة الثيل لا تحتاج إلى تكاليف مادية باهظة باستثناء منظومات الري بالتنقيط وقلاعات الثيل والأسمدة، رغم شح المياه في أغلب الأحيان وصعوبة الاعتماد على مياه الآبار لري الثيل بسبب ملوحتها. وعن شكاوى الأدغال التي تظهر في حدائق الثيل، يقول المزارع: "هي موسمية، تنبت في الشتاء مع الأمطار وتختفي وتتلاشى في فصل الصيف".
ويتفق مع مشعان، رئيس مجلس ناحية بهرز المحلي سابقاً، عبد المطلب السامرائي، حيث يؤكد أن ناحية بهرز تشهد أكبر حركة لتجارة الثيل، وتتوافد عجلات نقل الثيل من الفجر وحتى المساء في نهضة اقتصادية لم تشهدها الناحية مسبقاً.
ويعتبر السامرائي في حديثه لـ(المدى) أن تجارة الثيل في بهرز أنقذت آلاف المزارعين من كوارث معيشية سببتها ظروف الإرهاب وتنظيم القاعدة آنذاك وما تلاه من ظروف شح وانعدام المياه التي شلت القطاع الزراعي وأجهضته.
ويشير السامرائي إلى أن تجارة الثيل في بهرز تحقق أرباحاً مزدوجة تبدأ في الزراعة والإنتاج ومن ثم تشغيل عجلات أصحاب مزارع الثيل لنقل المنتوج إلى مناطق ديالى وجميع المحافظات الأخرى، منوهًا إلى أن زراعة وتجارة الثيل بدأها مزارعون يمتلكون مساحات زراعية شاسعة.
وتتوجه (المدى) إلى مدير شعبة ناحية بهرز، محمد عبد الستار، الذي يوجز قصة نجاح وازدهار تجارة الثيل في بهرز قائلاً: "مخلفات الإرهاب والجفاف وتردي القطاع الزراعي دفعت المزارعين للاعتماد على هذه التجارة المربحة التي باتت تسمى ‘الذهب الأخضر في بهرز’."
ويبين عبد الستار لـ(المدى) أن مساحات زراعة الثيل في بهرز تتجاوز 700 دونمًا وتروى "سيحًا" عبر الآبار لإنتاج ثيل طبيعي خالٍ من الأدغال والحشائش الأخرى، رغم وجود نسب ملوحة في الآبار بين منطقة وأخرى. فيما تروى مساحات الثيل أيضًا في بعض المناطق "سيحًا" عبر نهر خريسان بمنظومات ري بالتنقيط بسبب نقص الإيرادات المائية.
ويعد عبد الستار ازدهار زراعة وتجارة الثيل عاملاً مهمًا في عودة بعض المناطق التي نزحت بسبب الإرهاب أو شح المياه وتردي القطاع الزراعي، معززًا حديثه بأن "زراعة الثيل" أسهمت بتعافي الوضع الاقتصادي للكثير من سكان بهرز بعدما أصبحت مصدر دخل كبير لا يحتاج لتكاليف مادية كبيرة باستثناء المنظومات وأدوات قلع الثيل والأسمدة الخاصة.
ويواصل حديثه: "زراعة ديالى والجهات الحكومية لم تقدم أي دعم لمزارعي الثيل بسبب اقتصار الدعم على المحاصيل الزراعية الاستراتيجية ضمن الخطط الزراعية."
أخيرًا، تقف (المدى) عند مدير إعلام زراعة ديالى، محمد جبار المندلاوي، الذي أشاد بتجربة زراعة وتجارة الثيل في بهرز بجهود ذاتية من المزارعين دون أي دعم حكومي أو زراعي.
ويعد المندلاوي في حديثه لـ(المدى) نجاح وازدهار تجارة الثيل في بهرز ناتجاً عن تردي القطاع الزراعي وشح المياه، مما دفع المزارعين لإيجاد بديل استراتيجي واقتصادي يفوق الزراعة التقليدية من حيث التكاليف والإنتاج والمردود المادي في إشارة منه إلى الثيل الطبيعي.
وينضم المندلاوي إلى الإجماع الرسمي والشعبي على نجاح تجربة الثيل الطبيعي في بهرز قائلاً: "ثيل بهرز بات ماركة مشهورة من دهوك إلى البصرة، وهو نهضة اقتصادية لم تشهدها مناطق ديالى أو المحافظات الأخرى".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

مقالات ذات صلة

رواتب موظفي كردستان.. هل تحولت مادة للابتزاز والضغط على الديمقراطي الكردستاني؟!
سياسية

رواتب موظفي كردستان.. هل تحولت مادة للابتزاز والضغط على الديمقراطي الكردستاني؟!

أربيل / سوزان طاهرما تزال قضية رواتب الموظفين في إقليم كردستان تشكل أزمة كبيرة تلقي بظلالها على المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الإقليم. حيث يرى عدد من السياسيين أن قوى الإطار التنسيقي تستخدم هذه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram