أربيل / سوزان طاهر
ما تزال قضية رواتب الموظفين في إقليم كردستان تشكل أزمة كبيرة تلقي بظلالها على المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الإقليم. حيث يرى عدد من السياسيين أن قوى الإطار التنسيقي تستخدم هذه القضية كوسيلة ضغط على الحزب الديمقراطي الكردستاني، باعتباره الحزب الأكبر داخل الإقليم، خاصة مع اقتراب موعد انتخابات برلمان كردستان المقرر إجراؤها في العشرين من شهر تشرين الأول من العام الحالي.
حجة لإضعاف "البارتي"
يصرح ريبين سلام، عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، بأن الإطار التنسيقي باعتباره القوة الرئيسية داخل الحكومة العراقية يتخذ من قضية الرواتب حجة ومحاولة لإضعاف الحزب الديمقراطي. ويؤكد في حديثه لجريدة (المدى) أن "الإطار يمارس الابتزاز في عملية الرواتب، وكما فعلوا في كركوك ونينوى بالتآمر مع عدد من الأحزاب الكردية، يحاولون تكرار ذلك في انتخابات كردستان، والطعن في الحزب الديمقراطي مرة أخرى".
ويضيف سلام أن "قضية الرواتب حسمتها المحكمة الاتحادية عندما قررت توطينها وصرفها دون تأخير لموظفي الإقليم، ولكن هناك قوى سياسية تحاول تعطيلها واستخدامها لأغراض سياسية، بهدف تحريض الشعب الكردي على حكومة الإقليم، وتحديدًا على الحزب الديمقراطي". ويعبر عن رأيه بأن الأحزاب الكردية الأخرى، مثل الاتحاد الوطني الكردستاني والقوى الأخرى، تشارك في الحكومة عند المغانم، ولكنها تتخلى عنها عند الأزمات وتلقي باللائمة على الحزب الديمقراطي الكردستاني وحده.
من جهتها، تعزو فيان صبري، رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في مجلس النواب العراقي، سبب التأخير في إرسال رواتب موظفي إقليم كردستان إلى "عدم تطبيق قانون الموازنة وعدم الالتزام بالاتفاقيات". ورغم صرف حكومة إقليم كردستان لرواتب الموظفين والمتقاعدين لشهر تموز، تبقى الأزمة قائمة، ولا يزال مصير رواتب شهر آب والأشهر المقبلة مجهولًا حتى الآن، دون اتفاق محدد على موعد الصرف الشهري.
غياب الشراكة السياسية
المحلل السياسي الكردي آرام سعدي يشير إلى أن "رواتب الموظفين يجب أن تبتعد عن الحسابات السياسية، ومحاولات التآمر والتصفية على حساب الشعب الكردي، الذي عانى خلال السنوات الماضية من أزمات اقتصادية لا حدود لها". ويضيف في حديثه لـ (المدى) أن "الإطار يمارس عملية الضغط السياسي، ويجير كل قطاعات الدولة لصالحه، ويقوم بسياسة الابتزاز في التعامل مع بقية المكونات، ومنها الكرد".
ويؤكد سعدي أن "الإطار التنسيقي باعتباره أكبر كتلة سياسية يجب أن يتعامل مع القوى السياسية الأخرى، ومنها الحزب الديمقراطي، كشريك في تحالف إدارة الدولة. لكنه لم يتعامل وفقًا لهذا المنطق إطلاقًا، بل تعامل بمنطق الغلبة والربح والخسارة والمؤامرات". ويتابع قائلاً: "قرارات المحكمة الاتحادية العليا حسمت قضية الرواتب وأكدت على عدم جعلها ضحية للسجالات السياسية. ومع اقتراب موعد انتخابات برلمان إقليم كردستان، يبدو أن وضع العراقيل أمام تنفيذ الاتفاقات المتعلقة بالرواتب هو جزء من عملية الضغط السياسي على الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقود الحكومة في الإقليم".
ويرى سعدي أن "محاولة الإطار هذه تأتي بضغط من بعض القوى الكردية التي فشلت في منافسة الحزب الديمقراطي جماهيريًا، ولجأت إلى الإطار ليستخدم هذه الطريقة في محاولة لإضعاف الديمقراطي وتقليل عدد جمهوره. لكنني أعتقد أن هذه المحاولة لن تنجح إطلاقًا".
منذ نحو 10 سنوات، يعاني الموظفون والمتقاعدون في إقليم كردستان من مشكلات اقتصادية قاسية نتيجة تأخر صرف رواتبهم. وبالرغم من قرار المحكمة الاتحادية العليا بتوطين رواتب موظفي الإقليم ومتقاعديه مع بغداد، لا تزال قضية الرواتب تشكل أزمة وتتأخر شهريًا.
عدم الالتزام بالاتفاقات
من جانبه، يشير سعيد مصطفى، عضو برلمان إقليم كردستان عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، إلى أنه "لا يوجد أي عائق يؤخر صرف رواتب الموظفين في الإقليم". ويضيف في حديثه لـ (المدى) أن "الإقليم تعاون بشكل كبير وقدم كل ما تطلبه الحكومة الاتحادية من معلومات وبيانات وأرقام، كما أنه سلّم الإيرادات غير النفطية وفقًا لقانون الموازنة العامة". ويؤكد مصطفى أن "قضية الرواتب تستغل لغرض سياسي وتهدف للضغط على جهة معينة داخل إقليم كردستان. ويجب الالتزام بتنفيذ قرارات المحكمة الاتحادية والاتفاقيات التي أبرمتها حكومة الإقليم مع الحكومة الاتحادية".
وفي سياق متصل، يرى الكاتب والصحفي الكردي هردي ملا جمال أن "عددًا من الأحزاب الكردية، بعد نجاحها في كركوك ونينوى بمساعدة الإطار التنسيقي، تسعى لتحقيق نفس الهدف في إقليم كردستان". ويشير في حديثه لـ "المدى" إلى أن "الاتحاد الوطني يريد استغلال علاقته مع الإطار التنسيقي، ويستخدمون قضية الرواتب حاليًا لغرض الضغط على الحزب الديمقراطي مع اقتراب موعد انتخابات كردستان. ويعتقدون أن هذا الأمر سيساهم في تقليل عدد مقاعد الحزب في انتخابات البرلمان المقبلة".
جميع التعليقات 1
نصير نصير
منذ 3 شهور
لقد فهمنا وجهة نظرالكورد من قطع الرواتب، ولكننا نريد ان نفهم وجهة نظر الحكومة عن اسباب قطع الرواتب، فنحن شبعنا من شتم الحكومة ليل نهار، ونريد ان نستخدم عقولنا في فهم المشكلة من جانبيها. هل هي فقط ضغوط سياسية ام هناك نقص بالمعلومات