ترجمة: عدوية الهلالي
بعد عرضه في مهرجان كان، اعتبره النقاد واحدا من افضل الأفلام الفرنسية لهذا العام. انه فيلم "سجينة بوردو" للمخرجة باتريشيا مازوي الذي يجمع بين إيزابيل هوبرت وحفظية حرزي والذي عرض مؤخرا في دور العرض.
تجسد (إيزابيل هوبرت) في الفيلم دور (الما) وهي برجوازية مكتئبة، تشعر بالملل في منزلها الكبير والجميل. وهي تزور زوجها في السجن كل يوم تقريباً. كان زوجها جراحا مشهورا تم سجنه بتهمة دهس المشاة بسيارته وهو في حالة سكر. وفي السجن، تلتقي الزوجة الحزينة بزائرة أخرى هي مينا (حفظية حرزي) وهي امرأة لديها طفلان وتتمتع بشجاعة نادرة.. ستعرض عليها ألما مساعدتها ثم تنشأ بينهما علاقة وطيدة وصداقة غير محتملة بين شخصيتين متعارضتان في كل شيء..
تقول المخرجة باتريشيا مازوي: "كان علينا أن نجعل المرأة البرجوازية مميزة.. إنها تطفو فوق فراغ حياتها، وهي في حالة من الترف والعزلة المطلقة، وفي الواقع سوف تحفز مينا المشاعربداخلها".إنه فيلم عن تحرر المرأتين، فعنوان الفيلم يدل على انهما سجينتان، لكن أزواجهن هناك، بينما يمكن اعتبارهما سجينتان بسبب حالتهما الاجتماعية واسباب أخرى.
ومن الواضح أن القوة الكبيرة للفيلم تكمن في هذا الثنائي الهائل من الممثلات:إيزابيل هوبرت، المضحكة والمؤثرة،وحفظيةحرزي التي تتمتع بكاريزما وأسلوب إداء متميز، فالثنائي إيزابيل هوبرت وحفظية حرزي كلاهما على النقيض من بعضهما البعض، بما في ذلك طريقة ادائهما وحياتهما.
كانت إيزابيل هوبيرت قد ظهرت خلال هذا العام في دور شرطية مكتئبة في فيلم آخرمؤثر بعنوان (الناس في البيت المجاور) للمخرج أندريه تيشينيه.
يصور أندريه تيشينيه في الفيلم عالمين متعارضين، يستكشفهما من خلال اللقاء بين شخصيتين لم يكن من المقدر لهما أبدًا أن يلتقيا، ناهيك عن التعاطف بينهما.
تواجه لوسي (ايزابيل هوبيرت) في الفيلم صعوبة في التعافي من انتحار زوجها، وهو ضابط شرطة مثلها. وعلى الرغم من حزنها وظروف العمل الصعبة المتزايدة، تعود لوسي إلى العمل. وعندما يسكن الى جوارها زوجان شابان وابنتهما الصغيرة روز، يكسر ذلك عزلتها. وحتى عندما أدركت بسرعة أن جارها يان، ناشط شاب مناهض للشرطة ومقرب من المعارضين لهم، تستمر لوسي دون أن تقول أي شيء في التسكع مع العائلة والاعتناء بروز، وكأن شيئًا لم يحدث.
ويصور أندريه تيشينيه في هذا الفيلم الروائي الجديد الصعوبات والقلق في حياة الشرطة الفرنسية، والانقسام الذي يفصل الشرطة عن المجتمع المدني. وهذه الظاهرة، التي نشاهدها عادة على شاشة التلفزيون في تقارير ساخنة تظهر اشتباكات عنيفة بين الشرطة ومجموعات من الملثمين، يتم تناولها هنا من زاوية إنسانية وحميمية.
فمن هم ضباط الشرطة هؤلاء، وما الذي يعيشونه يوميًا، وما هي ظروف عملهم، ومعاناتهم، ومن ناحية أخرى، من هم هؤلاء الأفراد الملثمون المستعدون لمهاجمة الشرطة؟ هذا ما يكشفه هذا الفيلم الروائي الأخير للمخرج اندريه تيشينيه.
ويبدو السيناريو بين الطرفين، على شكل صداقة غير متوقعة بين ممثلين لمجموعتين يبدو أنهما لا يمكن التوفيق بينهما. "نحن لا نعيش في نفس العالم"، يؤكد يان، الذي يشير إلى استحالة العيش معًا. وتجيب لوسي: "لكن ربما يمكننا أن نبذل جهداً لتحقيق ذلك".وبمجرد أن يعرف الجميع المكانة التي يحتلها الآخر في المجتمع، تصبح الصداقة مسألة ضمير. وهذا هو بيت القصيد من الفيلم، الذي يكسر الأقنعة، من جهة أو أخرى، ويكشف البعد الإنساني والفروق الدقيقة في قناعات الجميع.
ويسلط المخرج الضوء على انزعاج الشرطة، ويرسم صورة جميلة أخرى لامرأة وهي جوليا (هاسيا هيرسي) زوجة يان، التي تحب إحساسه الشديد بالعدالة الاجتماعية، وتوافق على أفكاره، ولكن ليس طريقته في الدفاع عنها.
وهكذا نصبح مرتبطين بالشخصيات، وبالحبكة حيث تجسد إيزابيل هوبرت بدقة مؤثرة شخصية الشرطية الحزينة، والتي ستكون صداقتها مع "العدو" بمثابة عدالة تصالحية. وهنالك في الفيلم شخصية خفية، تمامًا مثل يان، يؤدي دورها الممثل الممتاز ناهويل بيريز بيسكايارت بدور المعارض ذي السجل الإجرامي الثقيل والتي تخفي وراءها شخصًا منسلخًا عن مجتمعه، شخصًا غير اجتماعي، فنانًا لا يشكل الرسم بالنسبة له متنفسًا كافيًا لتهدئة الغضب الذي يسكنه.
تنشأ بين لوسي ويان رابطة غير متوقعة ولقاء حقيقي نأمل أن يكون منقذًا لحياة كل منهما، وتسيطر الإنسانية والفروق الدقيقة على العنف.انها "تجربة السينما، المدينة الفاضلة" التي يلخصها أندريه تيشيني في الفيلم.
ايزابيل هوبيرت.. زوجة سجين وشرطية في فيلمين جديدين
نشر في: 5 سبتمبر, 2024: 12:22 ص