بغداد/ تميم الحسن
تدور شكوك حول "توظيف سياسي" بشأن ما بات يعرف بـ"شبكة جوحي" المتورطة بالتنصت على زعامات شيعية ومؤسسات رسمية، لضرب شعبية رئيس الحكومة محمد السوداني.
ويُعتقد أن الضجة التي أثيرت حول القضية "مفتعلة" و"مبالغ بها"، وكان يمكن حل الازمة بشكل بعيد عن الاضواء، حسبما يقول مقربون من رئيس الحكومة.
وكان رئيس الحكومة قد وجه في 20 آب الماضي، بـ"تشكيل لجنة تحقيقية بحق أحد الموظفين العاملين في مكتب رئيس مجلس الوزراء، لتبنيه منشورا مسيئا لبعض المسؤولين، وعدد من السادة أعضاء مجلس النواب، وإصدار أمر سحب يد لحين إكمال التحقيق".
وتداولت معلومات بان القضية أوسع من "منشورات مسيئة" وتتعلق بـ"شبكة تنصت" داخل مكتب السوداني، وضحاياها زعيمين شيعيين – لم تذكر اسماءهما- اضافة الى التجسس على رئيس مجلس القضاء فائق زيدان.
ويرى النائب السابق علي جبار، وهو مقرب من تيار الفراتين، الذي يقوده رئيس الوزراء، بان "هناك مبالغة وتضخيما في القضية لاهداف سياسية".
ويشير في اتصال مع (المدى) إلى أنه "لا يمكن لاي مسؤول في العراق ان يتنصت على هاتف شخص اخر إلا بموافقة قضائية حتى لو كان رئيس الوزراء شخصيا".
واعتبر بيان سابق للحكومة بعدما اثيرت ضجة التنصت بان "هناك من يعمل على جرّ الحكومة وإشغالها عن نهجها الوطني، عبر محاولات يائسة لا تصمد أمام الإجراءات القانونية".
ويعتقد المقرب من حزب رئيس الوزراء بانه "تم استغلال القضية لضرب شعبية السوداني التي تصاعدت بسبب الانجازات التي حققها في أقل من عامين".
وتزامنت إثارة "شبكة جوحي"، مع تسريبات عن اقتراب السوداني من تشكيل تحالف سياسي تمهيدا لانتخابات 2025، كشف عنه أول مرة في آذار الماضي، احمد الاسدي وزير العمل.
ويقول جبار: "لا يوجد ما يمنع السوداني من خوض الانتخابات والفوز بولاية ثانية. السوداني ليس الكاظمي الذي اشترط عليه الإطار التنسيقي بان يحكم لمرة واحدة".
وكانت أطراف اخرى مقربة من السوداني، اعتبرت ما يجري بانه "تمثيلية" ضد رئيس الحكومة الذي صعدت شعبيته، وفق ما قاله بهاء الاعرجي، رئيس الوزراء الأسبق.
وقال مستشار السوداني ابراهيم الصميدعي، إنه تم اعتقال شخصين اثنين في مكتب رئيس الوزراء؛ وهما محمد جوحي، وعلي مطير (منتسب في الأمن الوطني منسب الى مكتب رئيس الوزراء)، بسبب قضية رسائل مسيئة أرسلت إلى نواب، حملت بعضها "تجاوزات"، حسبما قال المستشار.
وجوحي شغل منصب معاون مدير عام الدائرة الإدارية في مكتب رئيس الوزراء، ويشاع بانه ابن أخ رائد جوحي، مدير مكتب رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي.
وأضاف الصميدعي ان "الرسائل كانت قد انتحلت صفة سعد البزاز، رئيس مجموعة الشرقية"، فيما نفى وجود شبكة للتنصت في مكتب رئيس الحكومة.
كواليس اجتماعات التحالف الشيعي
في داخل الإطار التنسيقي، تشير مصادر الى وجود ارباك بعد المعلومات التي تسربت، ومحاولات لـ"توظيف الازمة" بالحصول على جزء من مكاسب قد تتحقق للسوداني بالانتخابات المقبلة.
المصادر قالت ان التحالف الشيعي عقد في الايام الأخيرة عدة اجتماعات تحت عنوان "ازمة رئيس البرلمان"، لكن في الحقيقة كانت تبحث عن حلول بـ"اقل الخسائر" عن ما يثار حول شبكة التنصت.
وكشفت المصادر، المقربة من احد الزعامات الشيعية، بان هناك محاولات للتصعيد وتبني مواقف مشددة، مثل الكلام عن "سحب الثقة من الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة" في حال ثبت تورط السوداني بقضية التجسس.
لكن في كل الاحوال فان الاطار التنسيقي، ينتظر الان تحقيقات القضاء – الذي يشاع انه احد ضحايا شبكة التجسس- لحسم القضية.
وكان مجلس القضاء قد وصف المعلومات المتداولة بشأن قضية التنصت بأنها "غير دقيقة". وقال ان المعلومات حول هذا الموضوع "مبنية على التحليل والاستنتاج".
وسبق للمجلس أن أصدر بيانا سابقا نفى فيه صحة ما يجري تداوله على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عن شبكة جوحي، "بشأن وجود محاولات تنصت على القاضي فائق زيدان".
انزعاج من صورة!
وبدأت الحرب ضد السوداني، كما يعتقد مقربون من رئيس الحكومة، حين ظهر في صورة خلال الزيارة الاربعينية مع 3 محافظين، وهم اسعد العيداني (البصرة)، نصيف الخطابي (كربلاء)، ومحمد المياحي (واسط).
وتسربت انباء عن تحالف سيجمع الشخصيات الاربعة، وهو أمر نفاه بعد ذلك المحافظون الثلاثة، لكن الحرب لم تتوقف عند هذا الحد خصوصا وان هناك رغبة لرئيس الحكومة بالحصول على ولاية جديدة، بحسب عالية نصيف، النائبة التي انشقت مؤخرا عن دولة القانون.
وأكدت نصيف، التي يعتقد بانها انضمت الى فريق السوداني، أن رئيس الوزراء يواجه في هذه الأثناء أكبر عملية ابتزاز سياسي بسبب كشفه عن 15 تريليون دينار كانت في طريقها إلى "اقتصاديات أحزاب"، لم تسمها، فيما فهم بانها تشير إلى محاولات التلاعب بجدول موازنة 2024.
وقالت نصيف في لقاء تلفزيوني إن "ظهور السوداني في الصورة الشهيرة مع المحافظين الثلاثة أثارت قلق بعض القوى السياسية من اكتساح انتخابي"، كاشفة عن رفض السوداني عروضاً من القوى السياسية منها أن يستقيل قبل الانتخابات بـ 6 أشهر، أو أن لا يترشح نهائياً مقابل ضمان التجديد له بولاية ثانية "لكنه يصرّ على خوض الانتخابات ويريد أن يكون زعيماً سياسياً".
الذهاب إلى انتخابات مبكرة
في السنة الاخيرة من عمر الحكومة تصاعدت دعوات الانتخابات المبكرة، ويدافع نواب عن دولة القانون عن هذا الطرح، رغم نفي زعيم الائتلاف نوري المالكي مناقشة هذه القضية داخل الإطار التنسيقي.
وتتقارب هذه الدعوات مع الحلول التي طرحت داخل التحالف الشيعي الان للرد على أزمة "شبكة جوحي". ويقول مصدر داخل "الإطار" إنه "حتى لو كانت الحكومة على علم بالشبكة فإن هناك استثمارا للقضية حتى يتقاسمون المكاسب مع السوداني".
المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه أكد لـ(المدى)، ان "بعض القوى تعتقد ان السوداني قد يحصل على 50 مقعداً، وجزء من الشركاء يريدون حصة عن طريق الدخول في تفاهمات او تحالفات قادمة مع رئيس الحكومة".
وكان لافتا ان تبدأ بعض قوى الإطار التنسيقي، تتداول سراُ انباء الانتخابات المبكرة بعد الكشف عن قضية التنصت، بعدما كانت الغالبية في التحالف الشيعي قد رفضت هذا الاجراء، واعتبرته غير ضروري، قبل أشهر قليلة.
وفي كل الأحوال يقول النائب السابق علي جبار إنه "كان يمكن تجاوز كل هذه الازمة والضجة الإعلامية لو تمت معالجة الاتهامات بقضية التنصت سرا".
مقربون من السوداني ينفون وجود شبكة تنصت: القضية وظفت لضرب شعبية رئيس الحكومة
أطراف في "الإطار" تتبنى مواقف تصعيدية وتعيد الكلام عن الانتخابات المبكرة
نشر في: 5 سبتمبر, 2024: 01:11 ص