TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > القرار 101

القرار 101

نشر في: 7 ديسمبر, 2012: 08:00 م

في الدول المتقدمة  تصدر القرارات  عادة استنادا الى الاستعانة بالخبراء واصحاب الشأن ، وفي  الازمات تتشكل خلية تتولى مهمة  اصدار القرار ، وباعتماد هذا الاسلوب في ادارة الحكم  لا وجود اطلاقا  لقرار فردي يصدر عن رئيس او زعيم ، وعلى هذه القاعدة حافظت الدول المتقدمة على  استقرار اوضاعها السياسية  والاقتصادية والامنية ،  ودول المنطقة العربية لها اسلوبها في اتخاذ قراراتها ، فهي تعتمد قاعدة "نفذ ثم ناقش "  في وقت تعلن فيه حالة الطوارئ  او الاحكام العرفية لاعتقادها بان امن السلطة  يتطلب اجراءات من هذا النوع  ، لحماية النظام من التهديدات الداخلية والخارجية .

الحالة العراقية في اتخاذ القرار مبتكرة ، وذات خصوصية مستقلة لا  مثيل لها الا في بعض بلد واحد او ربما او اكثر مجاور للعراق،  "القرار 101"   يخذه  المسؤول بالاستعانة بمسبحته  فهو لا يقدم على اية خطوة من ان يستمع لصوت اخر ،  او هكذا يعتقد ،  يأمره  او ينصحه بالموقف المناسب ، وايمانا بهذه القاعدة يصدر القرار في افتتاح  استقبال وفد رسمي خارجي او اصدار بيان او استخدام الخيار العسكري في  معالجة ازمة سياسية  وتشكيل تحالفات ، وابعاد مسؤول متورط بالفساد عن منصبه .

بعد العام 2003  ارتفع عدد المستشارين  الذين توزعوا بين الوزارات والدوائر الرسمية وحتى المنظمات المهنية ، ووسائل الاعلام ، وعلى الرغم من كثرة عددهم يبقى  "القرار 101" هو المرجع الوحيد لصناع  القرار،  فبه  حافظوا على مناصبهم ومواقعهم من اجل خدمة ابناء الشعب العراقي ،   كما اعلنوا ذلك في برامجهم الانتخابية .

احد مراسلي قناة  فضائية  كانت له  قصة مع الابتكار العراقي في صنع القرار  بأسلوب مسبحة 101 خرزة ، ففي مطلع العام 2007  رافق  المراسل احد كبار المسؤولين الى قضاء المحمودية في زيارة تفقدية لناحية اللطيفية، ولقاء الأهالي والوجهاء هناك لبحث تامين الطريق الواصل بين بغداد ومحافظة بابل ، وملاحقة الجماعات الإرهابية،  وطبقا لرواية المراسل  فان المسؤول الكبير  اخر عودته  ثلاث  ساعات ، وكان بين آونة واخرى يخرج مسبحته من جيبه ، وفي اخر محاولة ارتسمت على وجهه علامات الرضا وامر الموكب بالتوجه الى بغداد ،  فوصلنا  سالمين بعد اتخاذ  المسؤول "قرار 101".

في كتاب صدر منتصف عقد التسعينات بعنوان "المنازلة الكبرى"  يسلط الضوء على الأحداث قبل وبعد الثاني من آب عام 1990 اي غزو النظام السابق للكويت،  جاء فيه أن معظم أعضاء مكان يعرف بمجلس قيادة الثورة علموا بالقرار من  التلفزيون أما العراقيون فأصيبوا بصدمة، ومن يمتلك منهم بعد نظر توجه الى الأسواق لشراء مواد غذائية قابلة للخزن تحسبا لسنوات عجاف، وهذا ما حصل فعلا بفرض الأمم المتحدة على العراق عقوبات اقتصادية  وإخضاعه لطائلة البند السابع نتيجة قرار  قائد "المنازلة الكبرى" التي انتهت بتوقيع شروط غير معروفة في خيمة صفوان ،  ومن يريد ان ينصب خيمة  مماثلة  سيواجه مادة في الدستور تنص على منح مجلس النواب صلاحية الموافقة  على اعلان الحرب وحالة الطوارئ بأغلبية الثلثين بناء على طلب من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

فصائل "بلا أب".. رسائل باحتمال ضرب طهران بعد "الحوثيين"

خسائر سنوية تصل إلى 500 مليار دينار بسبب الاختناقات المرورية في العراق

تقرير دولي: 111 مليون دولار أرباح داعش من تجارة الاستعباد الجنسي

11 عضوًا في مجلس ديالى يقررون إقالة رئيسهم بسبب "الضعف والفشل الإداري"

ما الذي يؤخر إقرار جداول موازنة 2025؟

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: عندما يغط البرلمان بالنوم !!

العمود الثامن: أحلام الليبرالي الأخير

قناطر: من سقيفة بني ساعدة الى الساحل السوريّ

العمود الثامن: بين مستشار ومستشار

العمود الثامن: محبة عراقية

العمود الثامن: محبة عراقية

 علي حسين أتابع العمود الاسبوعي الذي تكتبه الصحفية والروائية إنعام كجه جي، وكنت ومازلت مغرماً بروايتها الساحرة التي تكشف لنا من خلالها عمق ارتباطها بوطنها ومحبتها التي تتعمق يوما بعد آخر بالعراق برغم...
علي حسين

السياسيون يدركون أن المهاجرين يدعمون الاقتصاد

نوربرتو باريديس ترجمة: عدوية الهلالي تشغل قضية المهاجرين مساحة متزايدة في المناقشات السياسية في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، الذي من المتوقع أن يتلقى أكثر من مليون طلب لجوء هذا العام، وهو أعلى رقم منذ...
نوربرتو باريديس

الدروز بين الشرع وإسرائيل

عبد الرحمن الراشد تاريخياً، إيرانُ الخميني تعاونت عسكرياً مع إسرائيلَ، وكذلك فعل عراق صدام. واستقبل شيعةُ لبنانَ قواتِ إسرائيل ونثروا عليهم الرُّز والوردَ، ولجأ مسيحيُّو لحد إليها. إسرائيلُ خبيرةٌ في صراعات المنطقة، واليوم تعرض...
عبد الرحمن الراشد

العراق يستحقُ نظرةً موضوعيةً لمواجهةِ الواقعِ السياسي المضطرب

عصام الياسري انفعالات الرأي العام بسبب ممارسات الساسة المتسلطين وانعدام الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي والنفسي، متراكمة للغاية، وستشتد كلما ضاق أفق الأمل بالمستقبل وتعاظمت التحديات والضغوط الاجتماعية والقوانين السلبية وعندما تبلغ الانفعالات درجة النضج...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram