ميعاد الطائي أصبح واضحا للجميع ان تشكيل حكومة الشراكة الوطنية في العراق أصبح نقطة تحول في العلاقات العربية العراقية وانعطافة كبيرة في هذه العلاقات حيث شهدنا زيارات متتالية لمسؤولين عرب بمستويات رفيعة حضرت الى العراق للتهنئة بمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة ولبدء صفحة جديدة في العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية .
وان القوى السياسية نجحت في إقناع المجتمع الدولي بان التجربة الديمقراطية تسير بخطى صحيحة نحو إصلاح السياسات الخاطئة التي مارسها النظام السابق وإنها نجحت في الإبقاء على عراق موحد ومستقر في ظل المصالحة الوطنية واحترام جميع المكونات الاصيلة وان العراق يسالتخلص من تبعات النظام الشمولي من خلال رفع العقوبات المفروضة على هذا البلد منذ 1990 كشهادة تقديرية لحسن الأداء السياسي في التجربة العراقية خلال السنوات التي تلت 2003بالإضافة إلى نجاح العراق في إصلاح النظرة المتسرعة التي كونتها الأنظمة في المنطقة بعد سقوط النظام الدكتاتوري حيث شهدت العلاقات العربية العراقية حينها توترا تولد من خلال الفهم الخاطئ للتجربة الديمقراطية وغياب الثقة بمقومات العملية السياسية. ومن الجدير بالذكر ان الأيام الأخيرة من عام 2010 شهدت اول زيارة لمسؤول عربي رفيع المستوى بعد تشكيل الحكومة العراقية تمثلت بزيارة وزير الخارجية المصري ابو الغيط الذي شكلت زيارته بغداد مؤشراً مهما على سعي الدول العربية لتنشيط وتحسين علاقاتها مع العراق .ثم جاءت زيارة رئيس الحكومة الأردني سمير الرفاعي لتأكيد هذا الانفتاح العربي والدعم المقدم للعراق مع بداية العام الجديد رسالة للشعب العراقي على وقوف الحكومة الأردنية الى جانب التجربة العراقية .كما تعد زيارة عمر موسى لبغداد مهمة جدا لتأكيد الحضور العربي ولتعبر عن دعم الجامعة العربية للتجربة العراقية بصورة عامة ولتشكيل الحكومة الجديدة بصورة خاصة إضافة الى دعم مصر والجامعة العربية لعقد القمة العربية القادمة في بغداد في مارس/ آذار القادم .ومن المتوقع ان يزور العاصمة بغداد العديد من الشخصيات العربية والإقليمية المهمة لنشهد انفتاحا كبيرا مع المحيط الخارجي ولتعبر هذه الزيارات عن الدعم العربي والدولي للحكومة الجديدة.ولقد كانت مصر من أولى الدول التي بادرت إلى زيارة بغداد وسعت الى تطوير العلاقات بين البلدين من خلال قنصلية في اربيل إضافة الى قنصلية في البصرة وسفارة في العاصمة بغداد ,وتعد هذه الزيارة بمثابة دعوة لباقي الدول العربية للإسراع في اتخاذ مواقف مماثلة في سبيل إعادة العراق الى محيطه العربي والمشاركة في ملف إعادة الاعمار والحصول على فرص الاستثمار في هذا البلد في ظل التنافس مع الدول الأخرى وخاصة ايران وتركيا حيث شهدت التبادلات التجارية مع هذه الدول مستويات عالية تجعل الدول العربية تتطلع الى دور اكبر في هذا الملف المهم والحيوي.ويرى المتابعون ان موقف الدول العربية هذا الداعم للتجربة العراقية جاء متأخرا، وانه لو جاء قبل سنوات للعب دورا مهما في الإسراع في نجاح التجربة الديمقراطية في العراق، وربما كان ليقلل من التضحيات التي تعرض لها الشعب العراقي جراء ابتعاد أشقائه عن المشهد السياسي وغياب التعاون في الملفات المختلفة وأهمها الملف الأمني والاقتصادي حيث تعرض العراق لقطيعة عربية وإقليمية شبه تامة بعد سقوط الصنم ليعود اليوم لموقعه الطبيعي بفضل صدق النيات والمساعي التي بذلها لإرساء علاقات متوازنة مع جيرانه وإخوانه بما يساهم في تعزيز السلم الإقليمي والدولي .ولكن نقول هنا أن تأخر هذه المواقف الداعمة خير من ان لا تأتي واليوم عاد العراق بقوة إلى محيطه العربي من خلال الأداء السياسي المتوازن الذي قدمه عبر السنوات السابقة ويقدم دعوة لمن تخلف عن الركب السائر نحو بغداد بان يحذو حذو إخوانه وخاصة ونحن على أبواب انعقاد القمة العربية القادمة في العاصمة بغداد التي تفتح أبوابها للجميع.
بغداد تفتح أبوابها
نشر في: 9 يناير, 2011: 05:30 م