بغداد / جنان السراي
يشهد العراق موجة متزايدة من حالات العنف الأسري والاعتداءات الجنسية التي تطال الأطفال والنساء، وذلك في ظل غياب قانون فعّال يحمي الأسرة من هذه الجرائم.
يأتي ذلك في وقت يبدو فيه البرلمان العراقي مشغولًا بتعديل قانون الأحوال الشخصية، فيما تصاعدت دعوات المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني لتشريع قانون يحد من العنف الأسري ويشدد العقوبات على الجناة.
وفقًا لتقرير صادر عن دائرة الطب العدلي، تعرض 421 شخصًا للاعتداءات الجنسية خلال الأشهر الستة الماضية، وكانت النساء هن الأكثر تضررًا بـ 327 حالة مقارنة بـ 94 حالة للذكور.
لينا أسعد، مديرة شعبة الوقائع الجنسية، أكدت أن التعامل مع هذه القضايا يتم بسرية تامة من قبل فريق طبي مختص.
من جانبها، أفادت وزارة الداخلية بأن العنف الجسدي يأتي في مقدمة أنواع العنف الأسري، تليه الاعتداءات الجنسية، ثم العنف اللفظي. وسجلت بغداد أعلى نسبة من جرائم العنف الأسري بـ 31%، فيما كانت محافظة صلاح الدين الأقل بنسبة 5%.
فاضل الغراوي، رئيس المركز الستراتيجي لحقوق الإنسان، أشار إلى أن العراق سجل 53,889 دعوى عنف أسري خلال السنوات الثلاث الماضية، مع تسجيل 13,857 حالة خلال النصف الأول من عام 2024.
وأضاف أن قلة الوعي الثقافي، المشكلات الاقتصادية، ضعف الوازع الديني، وتعاطي المخدرات ساهمت جميعها في تفاقم هذه الجرائم.
الغراوي دعا الحكومة إلى تسريع تشريع قانون العنف الأسري، مع إطلاق حملات توعية مجتمعية واسعة، تشارك فيها المؤسسات الدينية والتعليمية ومنظمات المجتمع المدني، للحد من هذه الظاهرة.
من جهته، أكد حقي كريم، رئيس جمعية حماية وتطوير الأسرة العراقية، في حديث لـ(المدى)، أن «تزايد معدلات الفقر والبطالة يُعزز من توتر العلاقات الأسرية، ما يدفع البعض إلى استخدام العنف كوسيلة للتنفيس عن الإحباط».
وذكر كريم أن «استمرار الاضطرابات السياسية في العراق وغياب الاستقرار الأمني يفاقم من حدة العنف في المجتمع، في ظل ضعف القانون الذي يوفر شعورًا بالحصانة للجناة».
بدوره، رأى جعفر البريقعاوي، الطبيب النفسي، أن تعاطي المخدرات يشكل عاملًا رئيسيًا في تفاقم جرائم العنف الأسري، مشيرًا إلى أن المخدرات تحدث تغييرات في كيمياء الدماغ تجعل المتعاطين أكثر عرضة لارتكاب الجرائم دون وعي. كما أشار إلى أن العادات والتقاليد الاجتماعية تعزز الهيمنة الذكورية، مما يسهل ممارسة العنف ضد النساء دون رادع قانوني كافٍ.
إلى ذلك، أكدت الناشطة النسوية سارة جاسم أن العنف الممارس ضد النساء هو نتاج تراكمات اجتماعية وثقافية تعطي الحق للزوج أو الأب «بتأديب» الأسرة. وأشارت إلى أن ضعف العدالة وغياب العقوبات الرادعة للجناة يشجع على تكرار هذه الجرائم. كما شددت على ضرورة الإسراع في تشريع قانون يحمي الأسرة ويضمن محاسبة المعتدين بصرامة.
تصاعد العنف الأسري والاعتداءات الجنسية وقوانين حماية الأسرة "غائبة"
نشر في: 8 سبتمبر, 2024: 07:31 ص