بغداد/ تميم الحسن
في يوم 5 آب اخذ نوري المالكي، زعيم دولة القانون، ثواني ليرد على سؤال مقدم بأحد البرامج الحوارية العراقية حول الانتخابات المبكرة، ليجيب "نحن بدأنا الانتخابات بالفعل"!
كان المالكي يلمح في الحوار الذي اجري معه في منزله ببغداد، وهو أحد قصور النظام السابق، بالمنطقة الخضراء، إلى أن الأجواء السياسية المتشنجة في اخر شهرين، تشبه "اجواء الانتخابات".
في العراق، في اغلب الاحيان، تسبق الانتخابات موجة من الفضائح السياسية والتخلص من شخصيات مهمة، كما حدث مع محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان، قبل الانتخابات المحلية 2023.
وتأسيسا على كلام المالكي في حواره الاخير "لو فتشنا قليلا الان سنرى ان الماكينات الانتخابية قد تحركت" فإنه يمكن وصف الشد والجذب السياسي حول مواضيع مثل "سرقة القرن" و"شبكة التنصت" ضمن أدوات الترويج الانتخابي.
يقول مقربون من الإطار التنسيقي، ان كل الاحداث السياسية في اخر شهرين "مقسومة على اثنين" داخل التحالف الشيعي؛ مؤيد ومعارض، يمين ويسار.
وكلام قيس الخزعلي، زعيم العصائب، عن "محاكمة علنية" للمتهم الرئيسي بما بات يعرف بـ"سرقة القرن" هو تاييد لدعوة عمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة بهذا الخصوص.
الحكيم والخزعلي، يبدوان وفق معادلة "القسمة على اثنين" في فريق واحد، على الرغم ان الزعيمين يختلفان في قضايا اخرى.
الخزعلي أكد بانه يؤيد "دعوة سماحة الأخ السيد عمار الحكيم (أعزه الله) إلى إجراء محاكمة علنية وكبرى في قضية سرقة القرن"، بحسب تغريدة لزعيم العصائب على منصة "إكس".
وأضاف: "تبثها القنوات الفضائية ووسائل الإعلام بشكل مباشر، ليطلع شعبنا العراقي العزيز على الحقيقة كما هي".
وكان رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، دعا يوم الخميس، إلى أن تكون محاكمة المتهمين بسرقة القرن علنية، فيما رد على من يخشون إعلان أسماء متورطين، بالقول: "خل ينكشف، خل يجي جره (في اشارة الى اعتقال اي متورط بالحدث مهما كان)"، وذلك في فيديو نشره مكتبه الإعلامي.
هذا الاندفاع والاتفاق نحو "محاكمة علنية" يصوب ضد محمد السوداني، رئيس الحكومة، لانه هو المعني بهذه القضية (سرقة القرن)، خصوصا وانه أعلن قبل نحو عامين، بان حكومته استلمت جزء من مبلغ السرقات من نور زهير "وسيخرج بكفالة ليعيد باقي المبالغ".
يقابل ذلك سكوت من الزعيمين (الحكيم والخزعلي) وأطراف اخرى داخل الفريق الشيعي، عن استضافة علنية اخرى، يتم الدعوة اليها، بخصوص ما وصف بـ"قنابل حنون"، التي كشف عنها المؤتمر الاخير لرئيس هيئة النزاهة حيدر حنون.
حنون في المؤتمر الذي عقد في اربيل مساء الاربعاء، كان قد رمى مسؤولية التلكؤ في قضية نور زهير، في ملعب القضاء، بعيداُ عن الحكومة.
ويقول مستشار للسوداني، بان الاخير ليست له علاقة بما آلت اليه أحداث سرقة القرن، وهروب المتهم الرئيسي. ويضيف "حسنا فعل ضياء جعفر حين اعترف بانه هو من أصدر قرار الكفالة عن زهير".
وكان نواب عدة، جمعوا تواقيع بعد مؤتمر حنون، وطالبوا الرئاسة باستضافة القاضيين "حنون وجعفر" في البرلمان لكشف ملابسات "سرقة القرن" بشكل علني، لكن رئاسة مجلس النواب لم تعلق حتى الان.
في قضية التنصت
حين انتشرت الاخبار عن ما سمي بـ"شبكة جوحي" للتجسس على هواتف زعامات شيعية، استخدم جزء من الاطار التنسيقي "ماكينات اعلامية"، ومجموعة من المحللين السياسيين بعضهم كان قد غاب عن الفضائيات لفترة، لمهاجمة السوداني.
وبحسب ما سربت أطراف قريبة من فريق يمكن وصفه بـ"المعارض" للسوداني داخل التحالف الشيعي، بان رئيس الحكومة "منع من حضور اجتماع الاطار"، حتى مساء الاربعاء الماضي.
وفي الاجتماع الاخير كان الإطار التنسيقي قد اتفاق على انتظار "نتائج القضاء" في قضية التنصت، بحسب بيان للتحالف.
وقبل ذلك كان "الإطار" قد اجتمع مرتين؛ مرة بمنزل المالكي، ومرة اخرى بمنزل هادي العامري (زعيم منظمة بدر) بدون السوداني، تحت عنوان "مناقشة ازمة رئيس البرلمان"، لكن الحقيقة ان "الاجتماع كان حول التنصت"، بحسب ما يتداوله الاعلام.
وقال المالكي في خطاب اسبوعي، وهو تقليد كان يتبعه زعيم دولة القانون إبان رئاسته للحكومة سابق، وعاد اليه مؤخرا، بان "التجاوز على القضاء أخطر من الارهاب"، في اشارة فهمت على انه يلمح إلى احتمال تعرض فائق زيدان، رئيس مجلس القضاء، الى عملية تنصت، كما يجري الحديث عنه بالإعلام.
وأضاف المالكي متحدثا عن قضية التنصت "نثق بالقضاء للفصل في المسائل والأمور التي تحتاج إلى قرار قضائي".
وقبل يوم الاربعاء، كانت العصائب التي تعتبر أكبر الداعمين لحكومة السوداني "زعلانه" من الاخير، بحسب وصف فادي الشمري المستشار السياسي الأبرز لرئيس الحكومة.
وقال الشمري ان "سوء فهم" حدث بين الطرفين، مؤكدا ان "اعلام العصائب سوف يهدأ" في اشارة الى التصعيد الاخير الذي قام به إعلام الخزعلي ضد رئيس الحكومة.
وبثت المنصات الاخبارية التابعة للعصائب، معلومات كثيرة على "شبكة جوحي" المزعومة بحسب وصف الحكومة، وحملت الحكومة كذلك مسؤولية ماجرى بـ"سرقة القرن".
وكشف الشمري عن ان في اجتماع الإطار التنسيقي يوم الاربعاء والذي حضره السوداني، حدث "عتب احبه"، في اشارة الى الخلاف بين الخزعلي والسوداني وربما أطراف اخرى.
ونفى مستشار السوداني نية رئيس الحكومة "تفكيك الإطار التنسيقي".
وبحسب التسريبات، ان الخلافات انطلقت بسبب التسريبات عن وجود "تحالف للسوداني" سيخوض الانتخابات في 2025، وكان الاخير رفض المشاركة بالانتخابات المحلية الاخيرة، وقيل حينها بانه "منع من قبل الإطار".
ويقول علي مؤنس، وهو قريب من تيار الفراتين الذي يقوده السوداني في اتصال مع (المدى): "لو كان هناك بند في ورقة الاتفاق السياسي (الورقة التي حكمت أساسيات تشكيل الحكومة بعد انسحاب التيار الصدري في 2022) تمنع السوداني مثل الكاظمي (مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء الاسبق) من الانتخابات، فليكشفوا عنه الان".
وكان احمد الاسدي، وزير العمل كشف في آذار الماضي، بان هناك تحالف جديد للسوداني. وقال بانه "اول المنضمين اليه".
وبحسب مقرب من زعيم شيعي تحدث لـ(المدى) بان "الخلافات مع السوداني هي بسبب رغبة بعض أطراف الإطار التنسيقي بمشاركة مكاسب متوقعة بالانتخابات المقبلة".
السوداني يتوقع، بحسب محللين، بانه قد يجمع 50 مقعدا، نصفهم الى التحالف الشيعي، على حد وصف المقرب من الزعيم الشيعي.
وكانت ذات المشكلة قد حدثت مع فالح الفياض، رئيس الحشد، الذي لايزال يتعرض لهجوم من العصائب، يطالبه بالتنحي عن المنصب.
وبحسب تحليل محمد نعناع، الباحث في الشأن السياسي في اتصال مع (المدى) ان "الانزعاج من الفياض لأنه يريد ان ينفرد بمشروع سياسي بعيدا عن الإطار التنسيقي، وبمشاركة زعامات سُنية في الموصل وصلاح الدين". ويوصف الفياض بانه من فريق السوداني.
وعن خطة الإطار التنسيقي في خوض الانتخابات المقبلة. قال المالكي في حواره الاخير "لم نتفق حتى الان بالنزول بقائمة واحدة او عدة قوائم".
تحالفات 2025 تنفخ النار في قضيتي "جوحي" و"حنون".. ماذا يقصد المالكي بأن: "الانتخابات بدأت"؟
العصائب "زعلانة" و"عتب احبه" في اجتماع الإطار التنسيقي الأخير
نشر في: 8 سبتمبر, 2024: 07:40 ص