 متابعة / المدى

اقام بيت المدى في شارع المتنبي، أمس الأول الجمعة، حفل توقيع رواية "الزعيم" للكاتب والروائي العراقي المعروف علي بدر، والذي تحدث عن عوالم روايته والانشغال الذي دفعه لكتابتها، لاسيما انها تناولت فترة صراعات محتدمة من تاريخ العراق الحديث.
وقال بدر في جلسة الاحتفاء والتوقيع، ان "واقع الرواية التاريخية نحن دائما ننظر الى التاريخ وكأنه تاريخ معزول وانا لم اشأ ان اكتب تاريخا معزولا وفي رواية (الزعيم) كتبت كل شيء، متى دخل البيبسي ومتى جاءت الملابس وماذا كانت تأكل الناس وتلبس وتشرب"، مبينا انه "في الوقائع من الصعب الوصول الى المحايدة كليا بالنظر الى الاحداث، ومن دون شخصنة الاحداث، ومن الصعب الوصول الى الحقيقة التاريخية".
وأضاف بدر، ان "مسألة التاريخ مسألة مهمة وصات فيها نظريات كثيرة وواحدة من هذه النظريات، تقول ان التاريخ عبارة عن رواية أصلا ويكتب باربع طرق، وهذا ما طرحه هايدن وايت، اما بطريقة انتصارية او مأساوية أو ساخرة أو الطريقة الدرامية العادية".
وأشار الى انه "على سبيل المثال حين نروي ثورة 14 تموز، بالنسبة للمملكة ترويها بطريقة تراجيدية، أي من قبل هؤلاء الذين لديهم فكر ملكي، ومن لديهم فكر ثوري وهم الشيوعيون الذين تبنوا موضوع الثورة والضباط الاحرار، يكتبوها بطريقة انتصارية، اذن لدينا روايتين، وهنا بدوري أرى ان هنا دور الرواية، ولماذا هي بالنسبة لي أهم من التاريخ، كونها تروي الاحداث بطريقة سردية ومن دون اختزالها لإعطاء ما يطلق عليه كونديرا الانهماك بالكائن، وكان يعتقد ان كل تاريخ الفلسفة الغربية اهمل الكائن والبشر، والرواية اعادت الاعتبار الى الكائن والبشر ومن غير الممكن النظر الى أي حدث من دون شخصنته في اطار بشري، كونه لديه مشاعر واحاسيس".
وأوضح، انه "في رواية (الزعيم) حاولت بقدر الإمكان ان ابين هذا الصراع، كوننا مع كل ذكرى لتاريخ ثورة 14 تموز تبدأ الصراعات في السوشيال ميديا، ناس تقول ان الثورة هي أسباب هذا الخراب وناس تقول انها ثورة مهمة، وهذا الصراع الاجتماعي حاولت ان اختصره في طريقتين، أولا، بيان المشاكل التي حدثت في فترة تشكل العراق ونشأة الدولة وهي بالأساس نشأة على أساس صراعات بين تكوينين، التكوين المدني والعسكري". ولفت بدر الى انه "اعتقد ان هذا تسرب فيما بعد وربما الى اليوم، هذا تشكل الدولة العنيفة والشرسة وحاولت ان اصورها وكأنها اشبه بالشكل الذي كل واحد يدخل فيه مرغم على استخدام الممارسات العنيفة، وحاولت بقدر الإمكان عن طريق الرواية ان اظهر ان هؤلاء ليسوا فقط صانعي التاريخ وانما ضحايا الرواية التاريخية والقوانين التي تحكمها وأدت الى مجازر 1963". وأشار الى ان "التصور ان المؤرخ هو عالم كبير فيه نوع من المبالغة، وقد يكونون اقل او أكثر معرفة، والتعامل مع الوثيقة لها قوانين وليس فقط في التاريخ، وكيف ان تتحقق من أصل الرواية التاريخية، وما حصل في العراق انه قبل التسعينيات يختلف عن ما بعدها، وقبل التسعينات لم تكن الوثائق البريطانية وخصوصا في وزارة الحرب مفتوحة، وفتحت بعد التسعينات وصارت لدينا وثائق مهمة جدا فيما يخص تاريخ العراق، وما عادت هذه الأشياء غامضة، وبدأنا نعرف تقارير المخابرات البريطانية".
وبين ان "الرواية أساسا مهداة الى الألمانية ماريون سلافيج وهي جاءت الى العراق عام 1952 وتزوجت عمر فاروق الاوقاتي وكان ضابطا في سلاح الجو الملكي، وبعد 1958 اكتشفت ان عمر شيوعي وبقيت معه كل هذه الفترة ولهما ولدان، وعام 1963 ألقي القبض على عمر فاروق الاوقاتي وقتل في السجن، اخذت عائلته الى المانيا وقررت ان تدرس تاريخ العراق، وكتبت اهم الكتب عن تاريخ العراق، وكل كتبها مهداة الى عمر فاروق الأوقاتي".
وتابع، انه "استمرت ماريون تبحث عن علاقة CIA بأحداث 1963 وبقيت قصة عمرها هي قصة مقتل الأوقاتي وتبعها زوجها الثاني في هذا الامر، كونها قصة تجسد واقع العراق وهو الموت في السجون من خلال التعذيب حتى الموت".
وذكر انه "في البداية لم أفكر بكتابة تاريخ عبد الكريم قاسم، وفي عام 2015 التقيت بطلاب في جامعة كولومبيا، واثيرت قضية الخلافات، وبدأت أفكر بان هذه الخلافات ممكن ان تكون داخل رواية، ومنها بدأ البحث في حياة الزعيم وكيف نضع تاريخ العراق في التاريخ العالمي، وليس أناس ينجزون ثورة بعيدا عن ما يحدث في العالم، لاسيما ان فكرة الاستيراد هي تشكل المجتمع".