بسام عبد الرزاق
تصوير : محمود رؤوف
اقام بيت المدى في شارع المتنبي، بالتعاون مع معهد "غوته" الألماني، أمس الأول الجمعة، جلسة استذكار للموسيقار العراقي الكبير طالب القرة غولي، شارك فيها عدد من المتحدثين، فضلا عن تقديم فواصل فنية من الحان واغنيات الراحل القرة غولي، قدمها د. كريم الرسام وفرقته الفنية وشاركه في الغناء الفنان مجدي حسين، فيما ادار الجلسة الباحث رفعة عبد الرزاق.
أول المتحدثين د. عبد الله المشهداني، قال ان "القرة غولي عرف بأغنية عنوانها (يا خوخ يا زردالي) وكاتب هذه الاغنية هو أحد نزلاء السجون وكتبها عندما وصل اليه خبر زواج حبيبته وهو في السجن، وقد سجلها طالب القرة غولي في الإذاعة وبتسجيلها عرف ملحنا".
وأضاف، انه "استطاع ان ينطلق بهذا اللون الجديد من التلحين والذي يطلق عليه تمدين الاغنية الريفية واضفاء الطابع المديني على الاغنية الريفية لتستمع من جمهور أكثر وبمساحات شاسعة، وبعدها اتجه طالب القرة غولي الى تلحين قصائد الشاعر مظفر النواب وخصوصا اغنيتي روحي والبنفسج التي غناها الراحل ياس خضر".
وأشار الى ان "هذا الارتباط بقصائد مظفر النواب اخرج الاغنية من التقليد واوصلها الى التجديد في كل شيء، بالكلمة المؤداة واللحن المديني وكان انتشار واسع لهذه المدرسة".
وبين ان "القرة غولي اشتهر ونجح نجاحا كبيرا خصوصا وهو يعيش وسط مدرستين من التلحين، المدرسة القديمة مدرسة الخمسينات يمثلها رضا علي وعباس جميل ويحيى حمدي، ووسط مجموعة من الملحنين الذين واكبوه وهم كوكب حمزة ومحسن فرحان ومحمد جواد اموري وكمال السيد، وتحسب له انه وسط المدرستين اشتهر بهذا اللون".
وتابع، انه "تعامل مع أصوات نسائية كثيرة، لكن يبقى رأيه ان صوت الراحل ياس خضر أقرب الى هذا اللون من ألوان التلحين، ووضع لمطربين اخرين الحانا مازالت عالقة في اذهان المستمعين، وتعامل مع أصوات عربية".
وأكمل، ان "طالب القرة غولي اغترب كغيره من الفنانين خارج العراق وخصوصا في بلدان الخليج العربية والدول الأوروبية واستقر أخيرا في السويد والتي منحته جنسيتها وعانى هناك من مرض السكري كثيرا وأوصى بنقله الى مدينته ليدفن هناك".
بدوره قال الموسيقي، حيدر شاكر حيدر، ان "الحديث عن طالب القرة غولي بحاجة الى دقة في الطرح، كونه عاش محطات مهمة في حياته، وكانت المحطة الأولى في الناصرية وبدأ في مديرية النشاط المدرسي في المحافظة وقدم اعمال كثيرة من خلال النشاط المدرسي إضافة الى ما تضمه تلك الاحتفالات من غناء باطوار الريف وهي معروفة الى المستمع والمتذوق العراقي".
ولفت الى انه "جاء الى بغداد وعمل في النشاط المدرسي في منطقة الكرخ، والتقيته عام 1969 في حفل خاص بمنطقة القناة وغنى الغناء الريفي والعربي ولم توثق وقتها"، مشيرا الى انه "تدرج في الاغنية البغدادية ثم بدأ النضوج في الفترة السبعينية مع اقرانه محمد جواد اموري ومحسن فرحان وياسين الراوي، وكان متأثرا أيضا في الغناء العربي". وأضاف، انه "سكن فترة طويلة في سوريا وقدم الحانه، لكنه عانى كثيرا من الامراض، وغادر بعدها الى السويد، وكانت محطته الأخيرة في العراق قبل عام 2013 وأقيم له احتفال كبير في دائرة الفنون الموسيقية، واتذكر في تلك الحفلة الصباحية قدمت العديد من اغانيه وقال طال متسائلا، هل فعلا انا لحنت كل هذه الاعمال؟، ثم الحفل الأخير الذي أدى فيه اغنية البنفسج في متنزه الزوراء".
مؤرشف الاغنية العراقية فلاح الخياط، أشار الى ان "الفنان طالب القرة غولي تزوج اربع مرات، الأولى من اقربائه والتي انجب منها ولده شوقي الذي يعمل مدرسا في الناصرية، والثانية التفات عزيز والثالثة غزوة الخالدي والرابعة لم يذكر اسمها".
وأشار الى ان "الناقد عادل الهاشمي الف كتابا عن الفنان طالب القرة غولي وكان على شكل مخطوطة، وبعد وفاة الناقد الهاشمي فان مخطوطة الكتاب ضاعت بين دائرة الفنون الموسيقية ودار الشؤون الثقافية، وسميت المخطوطة بـ(الوعد الأخضر) ونأمل ان نراه يوما ما مطبوعا"، مبينا ان "من اعماله للمطربين والمطربات العرب، للفنانة سميرة سعيد (عراق الكرامة) وسوزان عطية (عزيز القوم) ووردة الجزائرية (بغداد ام الثائرين)".
ونوه الى ان "علاقته بالملحن بليغ حمدي، كما يقول عنه طالب انه صديقه وكلما زار القاهرة يذهب اليه كون بليغ لا يعرف النهار وكانت حياته في الليل، وكان يعرفه على المجتمعات المصرية والفنانين المصريين، ويذكر لهم ان طالب أخطر ملحن عرفه في حياته".
الشاعر حيدر عبد خضر، قال ان "طالب القرة غولي ولد عام 1939 مع بدء الحرب العالمية الثانية ومرورا بكل الحروب الحصارات التي طحنت العراق، مر القرة غولي بتحولات سياسية وثقافية واجتماعية وانعكست على طبيعة الالحان التي يؤديها، والأساتذة الباحثون تحدثوا عن جوانب متعددة وقد يكونوا غفلوا عن جوانب أخرى أيضا، فبالإضافة الى المدارس اللحنية الكبيرة التي كانت ترافقه، كانت أيضا المدرسة العربية أيضا، وتأثر طالب بالتحولات اللحنية التي حدثت في التجربة المصرية وامتداداتها المتعددة لكنه اتسم بالروح العراقية".
وأضاف ان "من النقاط الرئيسية والجوهرية التي امتاز بها طالب القرة غولي هو ذكاؤه في اختيار الخامات الصوتية للألحان التي يلحن لها، وهذه نقطة تحسب له، ومنهم ياس خضر وسعدون جابر وحسين نعمة وكثير من الفنانين، ونلاحظ كل اغنية لها سمة خاصة تتناسب مع توجه الفنان ومع طبيعة الخامة الصوتية التي يمتاز بها الفنان".
وأنهى بالقول، ان "طالب القرة غولي كان يعتمد على الرمز والتورية في الكثير من اغانيه كونه اعتمد على شعراء كبار وشعراء مهمون ومعارضون، والذي يعتمد على شاعر كبير مثل مظفر النواب يجب ان يمتلك نوع من الذكاء في عملية التورية والرمز لان هذه الكلمات كانت مرتبطة بتحولات سياسية كبيرة".