TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: مثقفون مزيفون

العمودالثامن: مثقفون مزيفون

نشر في: 8 سبتمبر, 2024: 08:25 ص

 علي حسين

في هذا المكان كتبت عن ظاهرة مركز الرافدين وعن صاحبه زيد الطالقاني .. وقد كنت أشاهد مجموعة أطلق عليهم زوراً لقب مثقف يشاركون في فعاليات مركز الرافدين ، والبعض منهم أصبح من أعضاء الهيئة الإدارية للمركز ، وتجده يجلس مسترخياً والابتسامة ترتسم على وجهه ينظر بإعجاب إلى زيد الطالقاني وهو يستقبل السفراء وكبار المسؤولين .
هذا المثقف المزيف نفسه ستجده في جلسات " الأنس " الليلية يتحدث بحسرة وألم عن الفساد وضرورة التغيير ، وما أن تشرق شمس الصباح حتى يرتدي بدلته ليذهب مطمئناً للعمل في مكتب الحلبوسي أو مكتب عمار الحكيم أو أي مكتب من المكاتب التي توفر له مالاً وعلاقات وسهرات ليلية .. هذا المثقف المزيف أصيب بالخرس بعد أن تعرض زيد الطالقاني للملاحقة القانونية ..وتوارى عن الأنظار وهو يشاهد الطالقاني يُساق إلى السجن ، بل أن البعض منهم أخذ يبحث عن ممول جديد ليطوي صفحة مركز الرافدين ويتهيأ لفتح صفحة جديدة .
في كتابه الشهير " المثقفون المزيفون " – ترجمة روز مخلوف - يقدم لنا المفكر باسكال بونيفاس، قسمين من المثقفين، الأول: يسميهم المثقفين المزيِفين وهم الذين يمارسون تضليلاً متعمداً، ويصفهم بأنهم يلجأون إلى حجج هم أنفسهم لا يصدقونها. والقسم الثاني: ويعتبرهم أسوأ من الفريق الأول، فهم المثقفون الذين يعتنقون مواقف وفقا لمصالحهم الشخصية. وإلى هذا الصنف ينتمي الذين صمتوا وهم يشاهدون ما جرى لزيد الطالقاني .
لعل أسوأ ما ابتليت به حياتنا هو ذلك النمط من المثقفين الذين يصدعون رؤوسنا بأحاديث عن استقلالية المثقف، ثم لا يتورعون عن التقاط صورة مع سياسي "لفلف الأخضر واليابس " .
أكتب هذا الكلام الذي ربما يزعج البعض ، لكننا ياسادة نشاهد ونقرأ كيف يساهم " المثقف المزيف " بإشعال نيران التعصب وإشاعة الرثاثة عندما يصفق ويروج لأعمال ثقافية أو منتديات لا تنتمي للثقافة أو الفن بصلة ، لمجرد أنها تداعب حواسه الطائفية أو غرائزه المالية ، فنجده يرفع شعار أن هذه الأعمال تشبهنا ، وهي بالحقيقة تشبهه لأنها مزيفة مثله .
يضع إدوارد سعيد يده على رسالة المثقف الأساسية، حيث يطالب في كتابه " خيانة المثقفين " بأن يمارس المثقف دوره الحقيقي في الدفاع عن قدسية الحياة ، وعن القيم التي تجمع الناس. رسالة المثقف عند إدورد سعيد هي رسالة إنسانية، غايتها الأساسية الدفاع عن حرية الإنسان وكرامته واستقلاله ، بل تصل حتى للدفاع عن حرية من يختلف معه في الرأي، وفق لمقولة فولتير الشهيرة : قد أختلف معك في الرأي، ولكنني أبذل كل ما في وسعي للدفاع عن حريتك، ولو كلفني ذلك حياتي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram