بغداد/ تميم الحسن
يحمل الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان رسائل الى الولايات المتحدة ودول الخليج خلال زيارته المفترضة إلى بغداد منتصف أيلول الحالي، حسبما يرجح سياسيون ومحللون.
وسيوجه الاصلاحي بزشكيان رسائل تقليدية الى الداخل العراقي، وفق محللين، تتعلق باستمرار "الهيمنة" السياسية والاقتصادية والامنية، واستخدام فصائل عراقية في الحرب بالشرق الأوسط.
وكان السفير الإيراني في بغداد محمد كاظم آل صادق، أعلن أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان سيصل إلى العاصمة العراقية منتصف الشهر الحالي.
وذكر آل صادق في تصريحات صحافية نقلتها وسائل إعلام إيرانية يوم الجمعة، أنه "سيتم التوقيع على مذكرات التعاون الأمني"، في وقت انتقد فيه حزب كومله الإيراني أحد الأحزاب الكردية المعارضة للنظام في طهران، قرار إخلاء قواعد الحزب بإقليم كردستان، بضغط من طهران.
وفي تموز الماضي، أعلن وزير الخارجية فؤاد حسين، عن ان الاتفاق الأمني مع طهران، قد أفضى الى إبعاد كل الاحزاب الكردية – الايرانية المعارضة عن الحدود.
وكانت الخارجية الإيرانية قد أعلنت صيف العام الماضي، أن طهران وبغداد توصلتا إلى اتفاق لنزع سلاح من سمتها "الجماعات الإرهابية المسلحة" في إقليم كردستان العراق ونقلها إلى أماكن أخرى، وإغلاق مقارها العسكرية.
وعن جدول زيارة بزشكيان الذي تولى الحكم في طهران في تموز الماضي، قال السفير الإيراني "الرئيس بزشكيان سيزور محافظة البصرة وأربيل إذا توفرت الظروف بعد زيارة المراقد الشيعية المقدسة في كربلاء والنجف وبغداد".
ووجه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في شهر تموز الماضي، دعوة رسمية إلى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لزيارة العراق.
وكان بزشكيان قد أكد أن بلاده تولي اهتماماً كبيراً للعراق، وذلك خلال اتصال هاتفي مع رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، حسبما أعلنته وسائل إعلام ايرانية رسمية في مطلع شهر تموز ايضا.
وستكون زيارة بزشكيان هي الاولى للرئيس الجديد، والاولى منذ 5 سنوات لاخر رئيس ايراني زار بغداد بعد حسن روحاني، الرئيس الاسبق، فيما لم تكتمل زيارة ابراهيم رئيسي (الرئيس السابق) الى العراق والتي كانت من المفترض بعد أيام فقط من اعلان مقتله بحادث تحطم مروحية في أيار الماضي.
في أيام عصيبة
تأتي زيارة بزشيكيان المعلنة إلى بغداد "في ايام عصيبة" تمر بالشرق الاوسط، بحسب ما يراه السياسي والنائب السابق مثال الآلوسي، من تنافس وتدافع امريكي ايراني، بعد انتخاب الرئيس الإيراني الجديد.
والمنطقة مازالت مترقبة الرد الإيراني على اسرائيل، حسبما أعلنت الاخيرة، بعد مقتل إسماعيل هنية زعيم حركة حماس، بهجوم في طهران نهاية تموز الماضي.
ويقول الآلوسي في حديث مع (المدى) ان زيارة الرئيس الإيراني الأولى إلى العراق “ستتضمن إرسال رسائل من النظام الإيراني الجديد لأمريكا وللخليج، بأن العراق تابع لطهران والحديقة الخلفية والأمامية لها وعلى الجميع أن يقبل بهذا".
اغلب العراقيين بالحكومة او البرلمان وباقي الفعاليات السياسية الاخرى فأن إيران "ليست معنية باعطائهم رسائل لأنهم جزء من اللعبة ومساحة إيران"، بحسب الآلوسي، ويضيف "فلا ترشيح بالبرلمان ورئيس للبرلمان ورئيس وزراء ولا حتى قصف الفصائل لمواقع امريكية الا بموافقة إيران".
ويؤكد النائب السابق، أن "هذه الزيارة خطرة وفيها تأكيد ونصر واضح للمعسكر الايراني داخل العراق وبالتالي على المعارضين للتمدد الإيراني عليهم ان يحذروا من عمليات تصعيد بالقصف او الاغتيالات السياسية والتصفية الجسدية".
وتابع الالوسي وهو عضو سابق في لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان أن "زيارة الرئيس الايراني ستتضمن رسائل أخرى الى واشنطن واسرائيل بان دعونا نتقاسم النفوذ وثبتوا مناطق النفوذ في المنطقة ومنها العراق وسوريا ولبنان ونحن نسيطر على الفوضى في غزة".
واعتبر الالوسي بان الزيارة رغم انها تظهر تصعيدا إيرانيا على فرض الهيمنة على العراق، لكنها أيضا "علامة يأس من اصلاح الامور داخل إيران وهروب الى الخارج من المشاكل الامنية والسياسية والاقتصادية في طهران".
كذلك بيّن النائب السابق ان إيران "تريد ان تظهر الى امريكا واسرائيل بانها إذا ردت سترد عبر جيوب ماتسمى المقاومة العراقية والسورية واليمنية، لانها تريد إبعاد الضرر عن طهران".
هينمة اقتصادية
في غضون ذلك يعتقد غازي فيصل وهو دبلوماسي سابق وباحث بالشأن السياسي ان طهران تطمح أن يلعب العراق دور وسيط إضافي لسلطنة عُمان لنشر سياسة جديدة للرئيس مسعود بزشيكان في المنطقة.
وبحسب تحليل فيصل الذي تحدث به لـ(المدى) فان الرئيس الإيراني الإصلاحي المعتدل بزشكيان يحاول طرح سياسة خارجية مختلفة قدر الامكان عن سلفه رئيسي، لـ"استعادة العلاقات الدبلوماسية الطبيعية مع العالم واستئناف الحوار حول الملف النووي".
ويرى فيصل ان العراق متنفس اقتصادي لطهران للهروب من العقوبات الاقتصادية، خصوصا بعد كشف قضية بيع النفط الإيراني الذي يباع تحت "يافطة العراق".
وكان عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي بعثوا رسالة إلى الرئيس جو بايدن، أبدوا فيها قلقهم من الزيارة المرتقبة لوزير النفط العراقي حيان عبد الغني لواشنطن، قائلين إن المسؤولين العراقيين يبيعون النفط الإيراني باسم النفط العراقي.
ويقول فيصل وهو يدير المركز العراقي للدراسات الستراتيجية إن "انفتاح إيران على العراق مهم جدا للاولى، الان منذ 2003 استثمرت إيران الفوضى في العراق للتمدد بالحياة الاقتصادية، والعراق اليوم يمثل لطهران كما كانت تمثل تايوان بالنسبة للصين، بمعنى مجال للبنوك الايرانية فهناك اكثر من 10 مصارف أسستها ايران وفرع المركزي الإيراني في العراق، اضافة إلى تجارة النفط حيث حولت إيران العراق الى مستهلك للغاز الايراني، واحتكرت الطاقة الكهربائية عبر تصدير الغاز لإنتاج الكهرباء في العراق".
وبيّن الباحث في الشأن السياسي ان العراق أصبح سوقا مهما جدا للبضائع الايرانية في زمن العقوبات، وتجاوزت العلاقات التجارية بين البلدين الـ12 مليار دولار وتستهدف الوصول الى 20 مليار دولار سنويا.
وأضاف فيصل ان "إيران تحاول كسر العقوبات عليها عبر الهيمنة والنفوذ على العراق والتمدد نحو دول المنطقة من خلال لبنان ودول اخرى"، مشيرا الى ان "الانفتاح الايراني لن يكون تأثيره ايجابيا على العراق وانما سيكون لمصلحة طهران على حساب بغداد، لان الاخيرة تتعرض الى ضغوط كثيرة من قبل امريكا بسبب العلاقات مع إيران".
وتابع أن "إيران فشلت منذ 45 عاما في تحقيق علاقات ثقة متبادلة بينها وبين دول الجوار، بسبب سياستها وحروبها في المنطقة"، لافتا إلى أن خلق علاقات جديدة يتطلب احترام سيادة الدول ومواثيق الأمم المتحدة ووقف "تصدير فكرة الولي الفقيه إلى دول المنطقة عبر الفصائل المسلحة".
سياسيةمحللون عن زيارة بزشكيان القريبة إلى بغداد: رسائل هيمنة للداخل وإعلان الرد الإيراني عبر الفصائل
محللون عن زيارة بزشكيان القريبة إلى بغداد: رسائل هيمنة للداخل وإعلان الرد الإيراني عبر الفصائل
طهران كسرت العقوبات الدولية عبر 11 مصرفاً بالعراق
نشر في: 9 سبتمبر, 2024: 12:55 ص