TOP

جريدة المدى > عام > حنان الدرقاوي: كتبت سيرتي الذاتية انطلاقاً من دفاتر للبوح خلال علاجي النفسي بعد العنف

حنان الدرقاوي: كتبت سيرتي الذاتية انطلاقاً من دفاتر للبوح خلال علاجي النفسي بعد العنف

تقول: إنها لم تنتهج في (العشيق الفرنسي) نفس أسلوب رواياتها فهي أول قصة حب تكتبها

نشر في: 10 سبتمبر, 2024: 12:01 ص

حاورها/ علاء المفرجي
حنان درقاوي كاتبة ومترجمة مغربية تقيم في فرنسا. صدرت لها عدة أعمال سردية، في القصة "طيور بيضاء" (1997) "تيار هواء" (2003) "حياة سيئة" (2014) "بنت الرباط" (2014) "وردة لعائشة" (2018). وفي الرواية "جميلات منتصف الليل" (2014) "الخصر والوطن" (2014) "جسر الجميلات" (2014) "الراقصات لا يدخلن الجنة" (2020). وفي صنف الترجمة، صدر لها كتاب "الحاجة المذهلة للاعتقاد" لجوليا كرستيفا (2020). كما حصلت على عدة جوائز أدبية محلية وعربية، منها جائزة دبي للإبداع العربي (دار الصدى، 2003)، ووصلت روايتها "الخصر والوطن" إلى اللائحة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب صنف الرواية (2014). وترجمت أعمالها إلى عدة لغات كالإسبانية والإنكليزية والألمانية والأمازيغية. وهي مقيمة في فرنسا، وهي محللة نفسانية. التقتها المدى بمناسبة نشر روايتها (العشيق الفرنسي) عن دار العالي، للحديث عن الرواية وعن تجربتها في الكتابة.
التقتها (المدى) لتحدثنا عن تجربتها الحياتية والأدبية.
عن بدايتها في الكتابة تقول الروائية حنان الدرقاوي:
بدأت الاهتمام في الكتابة في عمر 18 عام، وكان أول نص كتبته عنوانه "دواليبك يا ابي" أتحدث فيه عن أبي الذي غادرنا وتركنا عالقين في عالم عنيف، كان حضوره يجعلني أحس بالطمأنينة، لكن غيابه جعلني أشعر بالفراغ، فبدأت اؤثث الفراغ بالكتابة فبدأت اكتب له الرسائل لكنه لم يكن يجيب وكان يقول ان لا وقت لديه لتفاهات مثل الرسائل التي كنت اضمنها اشواقي.
طفولتي كانت في ظل اسرة مفككة يسودها العنف والقسوة والاهمال والترحال. وكانت لدي رغبة في الرحيل عن العائلة لولا تعلقي بأخي الصغير، فانصرفت تماما للقراءة، كنت اكتب شعرا بالفرنسية ايامها ونثرا بالعربية. استمر الحال هكذا الى حدود الثانوي ولم اسعى للنشر لأنني كنت فاقدة الثقة في جودة ما اكتبه. في السنوات الجامعية انتميت للفصيل القاعدي وبدأت اكتب في المجلة الحائطية نصوصا قصصية ومقالات سياسية.
عندما أنهيت دراستي الجامعية، تعرفت على صديقة تدعى لطفية، كانت قد نشرت لتوها مجموعة قصصية، وأصبحت أكتب نصوصي وأتركها، الى أن راجعت النصوص ذات ظهيرة ونقحتها وصارت كتابا تحت عنوان "قصص من وحي الحشيش".
حدثينا عن روايتك الصادرة حديثا عن دار العالي البغدادية، (العشيق الفرنسي)، هل تنتهجين بها الأسلوب والموضوع ذاته، وهذه المرة في أحد ضواحي باريس، والموضوع قصة عشق؟
-الرواية عنوانها #العشيق الفرنسي# وهي قصة حب بين كاتبة عربية وفنان فرنسي, البطلة تقع في خب الفرنسي من اول نظرة، وهي تشتغل معيدة في اعدادية بالضاحية الجنوبية لباريس. لا انتهج الاسلوب ذاته اذ هاته اول قصة حب اكتبها. كتبت في مواضيع اجتماعية كالإجهاض السري ودعارة الطالبات كما كتبت عن الاضطراب العقلي والراقصات واحلامهن في الحب والسعادة. قصة الحب تفتح عالم البطلة على عالم الارتباط والتعلق اذ انها ظلت رحالة طيلة حياتها من مدينة الى اخرى ومن جسد لاخر الى ان التقت رفائيل الذي عاشت معه قصة حب دامت اربعة عشر عاما وهي اطول قصة في حياتها المضطربة.
الرواية تحكي عن قصة حب بين كاتبة عربية وفنان فرنسي، وترصد التشابهات والاختلافات بين الشرق والغرب؛ قصة حب عاصفة، لا تعترف بالتقاليد والموروث والاختلافات الدينية والحضارية. و قصة الحب تستمر لمدة طويلة، وتشفي قلوب البطلين من جراحاتهما الماضية، وتتناول الفروقات الجوهرية بين الشرق والغرب، معتمدة في ذلك رؤى فكرية ومشاهدات حسية، وتبرز الصور النمطية عن الشرق والغرب، وكيفية تجاوزها في أفق بناء علاقات وطيدة بين الشرق والغرب، لا تنزاح نحو الدونية ولا الانبهار بالآخر، وتدعو إلى الحوار والنقاش وبناء آصرة للتفاهم والتعاون في سبيل بناء مجتمع عالمي يؤمن بالاختلاف ويعزز التعددية الثقافية والفكرية والدينية"
كتبت الشعر، وأيضا المسرح إضافة الى انشغالك أحيانا بالترجمة، لكننا نلمس عندك انصرافا كاملا لكتابة الراوية، ما الذي يشكله هذا الجنس الابداعي لديك؟

  • كتبت الشعر في الاعدادي والثانوي وفي فترة التكوين الجامعي كتبت القصة القصيرة فيما بعد كتبت المسرح واشتغلت بالترجمة والصحافة قبل ان اتفرغ لكتابة الرواية, كتبت خمس روايات لحد الان واشتغل على رواية جديدة عن واحتي تنجداد منذ عهد الاستعمار حتى الستينات من القرن الماضي. الرواية تشكل لي مجالا تعبيريا خصبا وعميقا، فسحة كبيرة للتعبير عما بداخلي, الرواية مجال للخلق والابداع وتدبير مصائر الشخصيات, احس بقدر كبير من الحرية وانا اكتب الرواية حيث ان نفسي طويل في الحكي وفي القصة كنت اختنق تنتهي القصة قبل ان انتهي من كتابة ما بداخلي.
    بدايتي مع الكتابة، كانت في سن الثامنة بكتابة رسائل عاطفية لأبي الذي غادر إلى الرباط للدراسة، كتبت له على امتداد السنة رسائل عاطفية أحدثه فيها عن الحنين، أذكر منها رسالة أحدثه عن دواليبه وكيف أرتبها في انتظاره، أبي لم يجب على الرسائل لكن ذلك لم يمنعني من الاستمرار في مكاتبته. بعدها بدأت أكتب الشعر الرومانسي والديني، وكنت أكتب قصائد في المناسبات العائلية وقصائد أناجي فيها الله وأطلب عونه في الحياة، وكنت أكتب أكثر بالفرنسية، ثم تابعت الكتابة بالفرنسية والعربية، لكنني لم أشرع في تخيل نفسي كاتبة إلا بعد لقائي بصديقة العمر القاصة لطيفة باقا، وكانت أول كاتبة ألتقيها نشر لها كتاب كامل، وذات يوم في سنة تكوين الأساتذة دعوتها للغداء، وكتبت مجموعتي القصصية الأولى "طيور بيضاء" في يوم واحد لأقرأها لها في موعدنا، المجموعة كتبت بماء الشعر والتأمل الفلسفي في ما بعد كتبت المسرح والرواية.
    في روايتيك "جميلات منتصف الليل"، "جسر الجميلات"، تسردين سيرتك الذاتية، خاصة وانت قلت في حوار صحفي لك: "أتيت الى الكتابة من حزن قديم، وجرح كبيرين". . عل نحن إذن أمام بوح واعتراف؟
  • في جميلات منتصف الليل كتبت عن دعارة الطالبات وعن الاجهاض السري في المغرب من خلال قصة صليحة وصديقاتها، اما في جسر الجميلات فقد كتبت سيرة ذاتية عن ايامي الاولى في باريس حيث تشردت في بيوت الاصدقاء وملاجئ النساء المعنفات. عشت التشرد في ضواحي باريس مع طفلتين لاربعة اشهر قبل ان اجد عملا وسكنا وظيفيا واتى الحب فيما بعد. هاته المحنة جعلتني اتذكر جراحي في الطفولة ومع اسرتي حيث عشت العنف والتشرد والجوع. الرواية هي فلاش باك بين الحاضر في ضواحي باريس وبين الطفولة والمراهقة وايام الشباب الاولى في اسرتي المختلة حيث لا عطف و لاطعام وحيث الاب طاغية والام مسحوقة فسحقت بنتيها.
    هل تسهم هذه الاعمال الروائية التي تحكي جانبا مهما من سيرة الكاتب بقصد انعتاقه من أي ألم، وممارسة التطهير الذاتي؟
    -كتبت سيرتي الذاتية جسر الجميلات انطلاقا من دفاتر كنت استعملها للبوح خلال علاجي النفسي بعد العنف الزوجي والتشرد, استعملت الكتابة من اجل الاستشفاء من الالم، الم الهجرة والعنف وجرح الطفولة والحياة مع اسرة مقلوبة الاوضاع. بحت في جسر الجميلات بكل الامي وجروحي ونهياية اوهامي في التغيير المجتمعي في بلداننا حيث كنت منخرطة في المغرب في العمل الحقوقي وفي فترة الجامعة انتميت لفصيل ماركسي من اقصى اليسار. عدت من اوهامي في التغيير ذبيحة. لاتغيير مقبل في مجتمعاتنا في الافق جمهوريات اسلامية وحروب اهلية وذبخ للنساء على مذبح الرجولة والدين والاخلاق العامة والعادات والتقاليد
    دراستك الأكاديمية في الفلسفة وعلم النفس، ما مدى استثمارها ابداعيا في كتابتك للرواية؟
    -دراستي للفلسفة فتحت كتابتي على افق السؤال والدهشة والاشكاليات الفلسفية وكل اعمالي تطرج اسئلة فلسفية وترشح بمرجعيات فلسفية من الشرق والغرب منذ بواكير اعمالي. اما دراسة علم النفس فقد فتحت نصوصي على بواطن الشخصيات ودواخلها. صرت اركز على بواعث السلوك وعلى لا وعي الشخوص في رواياتي.
    مشروعي فكري مثلما هو أدبي وفني، قرأت لكتاب أمريكيين مثل بول أوستر وغيره يقومون بدورات تكوينية في علم النفس لتجويد كتاباتهم. الروائي مهمته إمتاع القارئ أولا، بموضوع وأسلوب فني، وثانيا الإشارة إلى مواقع الخلل في الواقع، فيما بعد، يمكن للسياسي أن يغير الواقع، الكاتب لا يغير الواقع هو يشير إليه فقط، والتغيير يأتي من السياسي وليس من الكاتب وهو ليس مصلحا اجتماعيا، بل هو فنان مهمته خلق فضاء للمتعة من خلال ما يكتبه.
    أرى ان روايتك "الراقصات لا يدخلن الجنة" طرحت أسئلة فلسفية، فضلا عن كونها تدخل في باب الادب المكشوف.. ما تعليقك؟
    -روايتي الراقصات تطرح سؤال الحرية الجنسية والسعادة هل يكفي ان نكون احرارا جنسيا لنكون سعداء؟ هل من حق الجميع ان يحلم بالحب؟ هل من حق راقصات العري حثالة باريس ولحمها العاري ان تنال الامان والسعادة؟ الحرية الجنسية لاتكفي انها الدرجة الصفر من الحرية اذ الحرية قرار فكري وموقف فلسفي من الوجود. تطرح ا لرواية ايضا صراع المقدس والمدنس من خلال شخصية فاديا التي تعيش ممزقة بين تدينها الفطري وعالم الليل اللذي تشتغل فيه. الرواية تحسم بموتها بجرعة هيروين زائدة وسط روائح الخمر ومني الثري العربي الذي نامت معه من اجل المال. صراع المقدس والمنس يخترق مجتمعاتنا العربية الاسلامية يذكيه رجال الدين الجهلة. كل نساء الحي الذي كنت اسكن به بالمغرب تحجبن نتيجة هذاالصراع. تلميذاتي في الصف الثانوي كن يعشن هذا الصراع وكن يسارعن بوضع الخرقة على الراس والمواظبة على الفروض الدينية. في واحتي حيث كان اللباس الامازيغي منتشرا قبل قناة اقرا والمنار تحجبت النساء واسدل الشباب لحاهم نتيجة هذا الصراع
    روايتي تدخل ضمن الادب المكشوف لانها تعري واقع فئة من المهاجرات قذفت بهن باريس تلك المدينة الوحش الى مراقص العري والدعارة. انها فئة موجودة في الواقع وانا استلهمت قصصا واقعية وزدت عليها توابل الخيال
    هل أثرت إقامتك في باريس على طبيعة ما تكتبين، ولا أقول على الأفكار التي تناولتها روايتك وأعمالك القصصية؟
    -حياتي في فرنسا امنة وبها الكثير من الحرية الفردية لهذا اكتب بجرعة جرأة زائدة منذ هجرتي. كتابتي تغيرت صارت اكثر واقعية واشبه بالصراخ لإدانة الواقع الذي نعيش فيه كمسلمين وعرب في ديار الغربة وفي بلداننا حيث انعدام الكرامة والحقوق والحريات
    أتؤمنين بأدب نسوي وأدب رجالي. أم أن الكتابة لديك الحقيقية للجنسين ترفض مثل هذا التوصيف؟
    -أؤمن بوجود خصوصية لما تكتبه المرأة من حيث طبيعتها البيولوجية فهي تكتب بدم الحيض وتلتقط التفاصيل اليومية وفي ذلك حياتها وحياة اطفالها. المرأة مختصة بالحمل والرضاعة والعناية بالأطفال في كل المجتمعات من ثم فكتابتها تتأثر بهاته المعطيات وغيرها من الخصوصيات التي تجعل كتابتها مختلفة اومن بوجود فروقات بين كتابة الرجل وكتابة المرأة وهذا لا يمس في شيئ، ضرورة المساواة في الحقوق والكرامة
    تعرضت لهجوم في مواقع التواصل الاجتماعي بتهمة الكفر والالحاد، ماذا كان ردك على دواعش الفكر ولماذا لا تلجئين للحوار؟
    -اتعرض في مواقع التواصل الاجتماعي الى تهم بالتكفير والالحاد بسبب ما اكتبه عن النصوص الدينية من مختلف الاطياف. انا انسانة لا دينية وعلمانية وأقف بنفس المسافة من كل الاديان والمعتقدات. لم أكن قد عرفت الجنس بعد وكنت طهرانية وفيما بعد قرأت في الاديان فايقنت انني لا اومن بالغيبيات.
    هناك اشكالات يطرحها تطبيق هذا النص في شقه المدني والمطلوب تعطيل آيات الاحكام والابقاء على آيات الشعائر والعبادات لكي يكون الدين خالصا لله الغرب قطع مع الدين المسيحي ومع غيبياته شق لنفسه طريق الحداثة والعلم والتطبيب للجميع علينا ان نتجه هذا الاتجاه وان نجتهد ونأخذ بالأسباب الدنيوية ونترك ترهات الاخرة والقيامة والدينونة يجب ان نصنع جنتنا على الارض كما فعل الغرب وضمن الكرامة لمواطنيه. باختصار لا ارد على السب والقذف لأني لا ازج بنفسي في نقشات بيزنطية مع اناس دوغمائيين لن يتغيروا لهذا اتركهم يكفرونني ويتهمونني بالإلحاد وامضي في طريقي نحو النور.
    من هم أباؤك في الأدب، الذين أثروا في كتاباتك؟
  • القرآن الكريم هو أول كتاب أعطاني الرغبة في الكتابة والقراءة، في ما بعد أتى عطية الأبراشي وابن المقفع وشهرزاد ومارسيل بانيول وزولا ومحفوظ وزفزاف وموباسان ومحيي الدين وابن عربي وماركيز ونيرودا والسياب والرومي وفولكنر؛ كل الكتاب أثروا في ذائقتي في القراءة والكتابة واللائحة لا متناهية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

انطلاق المعرض السنوي السادس والأربعين للجمعية العراقية للتصوير

العلاق: عدد المتقدمين لتأسيس مصارف رقمية في العراق تجاوز الـ70

القبض على إرهابي في كركوك

مدينتان عراقيتان في قائمة المناطق الأعلى حرارة بالعالم

فرد حجاية| عن الكهرباء ومتى توفرت أول مرة في بغداد

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

شخصيات أغنت عصرنا . . الكاتب والروائي عبد الرحمن منيف

موسيقى الاحد: بوكستهوده في هلسنيور

المعماري خالد السلطاني وذكرياته عن غائب طعمه فرمان

متحف ليف تولستوي يستضيف دارسيه ومترجمي أعماله للغات الأجنبية

الثورة الرقمية تجتاح الجامعات المرموقة

مقالات ذات صلة

الثورة الرقمية تجتاح الجامعات المرموقة
عام

الثورة الرقمية تجتاح الجامعات المرموقة

لطفية الدليميجويس كارول أوتس واحدةٌ من أحبّ كُتّاب الرواية إليّ، ومعرفتي بها بعيدة تمتد لعقود طويلة. قرأتُ لها العديد من رواياتها المترجمة وغير المترجمة. هي ليست كاتبة رواية فحسب بل شخص متعدد الانشغالات: أستاذة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram