متابعة / المدى
يشهد الاقتصاد العراقي ضغوطاً متزايدة نتيجة الاعتماد الكبير على إيرادات النفط، حيث تُطرح تساؤلات حول مستقبل الاقتصاد في ظل تراجع أسعار النفط وارتفاع النفقات التشغيلية.
بينما يحذر خبراء من احتمال انهيار مالي في حال استمرار انخفاض الأسعار، تؤكد الحكومة التزامها بتأمين رواتب الموظفين، رغم التحديات المستمرة في تنفيذ المشاريع الاستثمارية والتشغيلية.
انهيار وشيك
وحدد الباحث الاقتصادي منار العبيدي ثماني نقاط ضعف رئيسية في الاقتصاد العراقي، مشيراً إلى أن انهيار الاقتصاد قد بدأ فعلياً منذ فترة طويلة، وأن تقلبات أسعار النفط ما هي إلا عامل يسهم في تأخير أو تسريع الانهيار. وأوضح العبيدي في إيضاح على منصات التواصل الاجتماعي، أن “الاقتصاد العراقي يعاني من ضعف في تنوع مصادر الدخل والاعتماد الكبير على النفط، في ظل عجز النظام الاقتصادي عن خلق فرص عمل كافية للباحثين عن العمل”.
وأضاف أن الاقتصاد العراقي يعتمد بشكل أساسي على مبيعات النفط، وهو غير قادر على تحقيق استدامة اقتصادية في ظل بيئة أعمال متردية وغياب الاستثمار الأجنبي.
وأشار العبيدي إلى أن “الفساد، وعدم الشفافية، والاعتماد على القطاع العام في تشغيل أكثر من 6 ملايين موظف بإنتاجية منخفضة، يجعل من الصعب تحفيز القطاع الخاص أو جذب الاستثمارات الأجنبية”، مؤكداً أن الانهيار حدث بالفعل، وأن تقلبات أسعار النفط إما تؤجل أو تسرع هذا الانهيار.
الحكومة في مواجهة العجز
في سياق متصل، كشف رئيس تحالف المعارضة النيابية، عامر عبدالجبار، عن عجز الحكومة في تسديد رواتب الموظفين في حال استمرار انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 67 دولاراً للبرميل.
وذكر عبدالجبار في تصريح صحفي أن “الحكومة اعتمدت بشكل كامل على أسعار النفط المرتفعة دون تفعيل الإيرادات غير النفطية”، منتقداً سوء التخطيط الحكومي والقرارات غير المدروسة مثل تغيير سعر صرف الدينار وزيادة التعيينات العشوائية.
وأضاف عبدالجبار أن هذا العجز قد يؤدي إلى تمدد العجز المالي من الموازنة الاستثمارية إلى الموازنة التشغيلية، ما قد يجبر الحكومة على الاقتراض لتغطية رواتب الموظفين، محذراً من أن هذه الإجراءات قد تزيد من تعقيد الوضع المالي وتفاقم الأزمة.
تأثير انخفاض أسعار النفط
انخفاض أسعار النفط تسبب في تحريك المخاوف البرلمانية والشعبية حول قدرة الحكومة على إدارة الأزمة المالية.
ومع تسجيل خام البصرة خسائر أسبوعية بلغت 6.1 دولارات ليصل إلى 68.76 دولاراً للبرميل، يزداد الضغط على الاقتصاد العراقي المعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط.
وأوضح الباحث الاقتصادي أحمد صباح أن تراجع أسعار النفط إلى ما دون 70 دولاراً للبرميل، مع التزام العراق بتخفيض مستوى الإنتاج وفق تعهدات منظمة أوبك، سيؤدي إلى تأثيرات سلبية على الإيرادات العامة.
وأضاف صباح أن “الإيرادات النفطية الحالية تقدر بتسعة تريليونات دينار شهرياً، منها ثمانية تريليونات تخصص لتمويل رواتب الموظفين، بينما يتم تخصيص الجزء المتبقي لتغطية نفقات أخرى مثل شركات التراخيص النفطية والبطاقة التموينية”.
تحذيرات الخبراء
من جانبه، حذر الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي من أن استمرار انخفاض أسعار النفط سيؤدي إلى ضغوط كبيرة على الاحتياطي الأجنبي في البنك المركزي العراقي، في ظل غياب صندوق سيادي لمواجهة الأزمات. وأكد المرسومي أن “وزارة المالية قد تواجه صعوبات في تمويل الرواتب خلال الأشهر المقبلة إذا استمر سعر البرميل في نطاق السبعين دولاراً”.
رغم هذه التحذيرات، طمأنت اللجنة المالية في البرلمان العراقي المواطنين بأن انخفاض أسعار النفط لن يؤثر بشكل مباشر على سداد رواتب الموظفين، مؤكدة أن الموازنة العامة قد تم تصميمها بناءً على سعر نفطي يقدر بـ70 دولاراً للبرميل. وأشار عضو اللجنة المالية، مصطفى الكرعاوي، إلى أن “الانخفاض الحالي سيؤثر على المشاريع الاستثمارية، لكنه لن يؤثر على التزامات الحكومة في دفع الرواتب”.
الاقتصاد العراقي بين التحديات والانهيار: تقلبات أسعار النفط تهدد الاستقرار المالي
نشر في: 10 سبتمبر, 2024: 12:12 ص
جميع التعليقات 1
أ.د. سناء مصطفى. رئيس قسم الاقتصاد في الاكاديمية العربية في الدنمارك
منذ 2 شهور
جميع هذه المعلومات والاحصائيات سبق وان تطرقت لها وشرحتها في مداخلاتي ومقابلاتي في قناة الرافدين الفضائية العراقية وكذلك في مقالاتي المنشورة في شبكة الاقتصاديين العراقيين وفي مواقع تللسقف و الحوار المتمدن وجريدة الزمان وموقع أخبار وموقع ساحة التحرير.