قاسم مطرودmasraheon@gmail.comهل فكر احد مسرحيينا وأنا واحد منهم بان نكون في مصاف مسرحيي العالم ؟ وهل طمحنا إلى ان تدرّس نصوصنا ومناهجنا في كبريات العواصم العالمية، كما تتلمذنا، إن لم نقل نسخوا على عقولنا قدسية وهالة الحضارة والمناهج الغربية، يوم كنا نتلقى من أساتذتنا غير المجددين والناقلين ما نقل لهم، باستثناء القلة القليلة التي أثارت الأسئلة الكونية فينا.
تربينا ولسنوات طوال ونحن صغار على سماع كلمة (لا) على كل شي، حتى على إمكانية النطق بأسمائنا، أو التعبير عن رغباتنا في شرب الماء، أو النوم أو الاستيقاظ، إن كلمة ( اللا) هي الدرس البليغ الذي سرنا عليه جميعا ونحن نحبو، منع علينا الحضور إذا جاء الزوار، لأننا لسنا أهلا لتمثيلهم، وتسبق جلوسنا ألف (لا) إذا وضعت مائدة الطعام، ومن منا كان يجلس مكان الأب أو الأخ الأكبر وكأننا مازلنا تحت سلطة العبادة الأبوية التي تتبوأ الأمكنة والأزمنة في المخيال. وعلى هذا الحال ذهبنا إلى المدارس وحقائبنا منتفخة بآلاف ( اللاءات)، والمدرسة تعني لنا السجون الأبدية وبابها يعني المقصلة ووجه المعلم هو الجحيم ذاته إن لم نحضر الدرس لأي سبب كان، فأننا سنرمى في نار لها أول وليس لها آخر، ومن منا كان له الجرأة على ان يقترح أو يقول شيئا مخالفا للمعلم، أتذكر كنت اجلس إلى جانب معلم العلوم الأستاذ طارق، عندما كان يخرج الصف في الساحة كون الشمس مشرقة، وبهمس أساله هل يمكنني صنع طائرة حقيقية أو غسالة، وكان الجواب معروفا بالنسبة للذين حاولوا السؤال مثلي أو لم يحاولوا.خرجنا من بيوتنا ومن مدارسنا ونحن مستعدون للانكسارات والهزائم والخيبات والخوف من الخوف نفسه، لم نعرف أية كلمة تشجيعية على التقدم إلى الأمام حتى ولو كان ذلك من باب الخيال، وكبرنا وكبرت معنا تراجعاتنا وهزائمنا الذاتية. أخذنا الهزائم كلها التي أعدها لنا ممن لا يريد تقدمنا ومن ساعده من أبناء جلدتنا ممن باعوا أنفسهم للشيطان، لذا رضعنا مفهوم نكسة حزيران التي أبكت وهزمت ثقافتنا ومثقفينا وكأن وجودنا مرهونا بعبد الناصر وغيره من الأفراد، لقد استطاع من يريد تهميشنا من الخارطة العالمية أن يغرس مفهوم اليأس وعدم القدرة على الخلق والإبداع واعتبارنا في آخر الركب وفي تصوري هذا هو اكبر انجاز حققه من معاركه معنا.وليس محل ذكر الأسماء التي قدمت خبراتها إلى الإمبراطورية الانكليزية قبل احتلالها الهند بان تفتت ثقافتهم وتجعلهم خواء ومن ثم تخترقهم. ترى هل حدث شيء من هذا في ثقافتنا وإضعاف قدراتنا، واعني الوطن العربي كله ؟ ولكن ما يخصني الآن هو العراق، إذ وبعد غربتي وزيارتي الكثير من البلدان العربية وجدت بأنها اخترقت حاجز الآخر، ووصلت إليه، فمصر مثلا أثبتت وجودها على المشهد الثقافي العالمي وكذلك سوريا ولبنان والأردن وفلسطين وجميع هذه البلدان ليست نفطية، ولا تعد من الدول الغنية، فقط الثقافة والحضارة في العراق لم تتجاوز باب الدار، وكم أتمنى أن أتطرق إلى هذا الموضوع في هذه النافذة إلى إمكانية الوصول إلى الآخر ودعوته لتصفح منجزنا العراقي الذي يستحق الوقوف لماذا لا نقيم معارض خاصة لمنجزاتنا الحضارية في كبرى العواصم العالمية ونفتح مراكز ثقافية غير مؤدلجة وظيفتها إيصال الصوت العراقي سواء كان فنا تشكيليا أو مسرحيا أو سينمائيا، نحن المغتربين محتاجون سماع صوت الوطن قبل الآخر، أقمنا وبشكل شخصي عبر مؤسسة مسرحيين العديد من الأماسي للجالية العراقية والعربية بتقديم المسرحيات العراقية المسجلة على الأقراص ونقيم بعدها مناقشة عن الواقع الثقافي والهم المسرحي ضمن الطاولة المستديرة وقد نجحت أيما نجاح، لكننا بحاجة إلى العديد من الهمم والعمل الذي يسبقه ويسير إلى جانبه ومعه الضمير الحي النظيف.
عالمية المسرح العراقي
نشر في: 10 يناير, 2011: 05:11 م