د. صباح نوري المرزوكعرف الدكتور حسين علي محفوظ بهذا اللقب لدلالته على حبه لبغداد وحرصه على الكتابة عنها والتعريف بها ، وقد عاش محفوظ سنوات موغلة بالإبداع وهو ممن تفتخر به الأمة في المجال الإبداعي والنهضوي والفكري والعلمي ، ولقد استطاع ان يلتفت في كتاباته الموسوعية إلى رفع الغبار عن كثير من المعارف والعلوم، فهو وريث المدرسة المعرفية القديمة يضاف إلى ذلك الاطلاع على المعارف الحديثة. فقلما نجد ان رجلا مثل الدكتور محفوظ قد وازن بين القديم والجديد، حيث برزت إلى السطح أفكار كثيرة في مجال الثقافة ،
مثل قدم الخط العربي وانه مشتق من خط عربي أقدم ، وإشارته إلى الألفاظ وقدمها في دلالتها ومعانيها ، ورأيه في دور العروض العربي الذي ظهر تأثيره واضحاً في الآداب الشرقية ، وفي التقاويم الإسلامية وعلم الفلك وفقه اللغة المقارن .لقد كان وداعه باردا لا يليق بمنزلته العلمية وكلما نشر وأذيع عنه حينذاك لا يتناسب وعمره الثقافي الذي بذله في البحث والكتابة .ونتساءل عن مصير المخطوطات التي كانت بحوزته مستشهدا برأي الكاتبة الروائية لطفية الدليمي حيث ان السلطة السابقة قد تعمدت الاستيلاء عليها في الثمانينيات حيث أرسلت اليه أولا من يشتريها بثمن بخس ليتاجر بها بعض مهربي الآثار والمخطوطات ، وحينما رفض ذلك جرى الاستيلاء بطريقة رسمية وعلنية ، وبشكل همجي فحملوا كنوزه في عربات فحز ذلك في قلبه واثر على نفسيته ثم على صحته ، ونؤكد ما سمعناه انه طلب من هؤلاء ان يسمحوا له بنقل الملاحظات التي سجلها على مخطوطة (معجم القاموس المحيط) ولكن لا حياة لمن تنادي. والكاظمية عند محفوظ هي أخت بغداد وخطها وقرينتها ، فهي قامت حين قامت بغداد ، فراح يكتب عن تاريخها وخططها وشعرائها ومخطوطاتها وبيوتاتها وكل ما يتعلق بها. ومن المعلوم ان محفوظ نشأ يتيما فكفله عمه محمد الذي هيأ له جوا للدراسة الرسمية ، وانه كتب الشعر وهو في الدراسة المتوسطة، ومن اهتماماته المبكرة الرسم ، فحصل على البكالوريوس عام 1948م متأثرا بتدريسه من قبل أساتذة أفاضل مثل الدكتور مصطفى جواد والدكتور محمد مهدي البصير والدكتور عبد العزيز الدوري، ثم يختار طهران مكانا لدراسته في مرحلة الدكتوراه ويتخرج عام 1952م متخصصا في الأدب المقارن ، ولما عاد إلى بغداد لم يعين في الجامعة وإنما عين مشرفا تربويا على ملاك وزارة المعارف ثم نقل بعد ذلك إلى ملاك جامعة بغداد وكان له الأثر في تأسيس قسم اللغات الشرقية نواة كلية اللغات فيما بعد.اما محفوظ المجمعي فقد كان عضوا في مجمع اللغة العربية في دمشق منذ 1952م وفي مجمع القاهرة منذ عام 1956م وفي المجمع الهندي 1976م. لقد كان محفوظ ناشطا وحاضرا في مجالس بغداد، وقد كتب عنه الكثيرون وأفاضوا في ذكر فضله وبيان أخلاقه ومتابعة نشاطه. لقد تركت وفاته عام 2009م أثرا في نفوس محبيه، وأصدقائه وطلبته، لأنه كما وصفه احد الباحثين (موسوعة متحركة).
في ذكرى رحيل شيخ بغداد الدكتور حسين علي محفوظ
نشر في: 10 يناير, 2011: 05:12 م