TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: العراق - الكويت.. كرة القدم تطيّب القلوب

قناطر: العراق - الكويت.. كرة القدم تطيّب القلوب

نشر في: 11 سبتمبر, 2024: 12:27 ص

طالب عبد العزيز

في البدء، أنا غير معني بلعبة كرة القدم، ولا يعنيني من سيلعب، ومن سيفوز، في لعبة العراق مع الكويت، لكنني آمل أنْ تكون فعاليات مثل الرياضة وكرة القدم بالذات -لشعبيتها- فرصة لطي صفحات خلافية كثيرة، مازالت تُستلُّ بين حين وآخر، من هذا الطرف أو ذاك، للإيقاع بين البلدين، فيما الحياة خارج إطارنا الإقليمي والعربي تبدو غير ذلك، وتمَّ تجاوزها الى ما أتاح لمواطنيهم التواصل والتواشج ودخول هذا ومغادرة ذاك، وعلى وفق مبدأ احترام المواثيق والحدود. وكلنا مطلع ومحيط بشؤون وشجون الشعبين، فما يعاني منه الفرد العراقي من مخلفات الماضي لا يختلف كثيرا عما يعاني منه الكويتي اليوم، لكنَّ حبال الثقة لا تبدَّ أنْ تمتدَ، لينعم الجميع بالحياة التي يستحقها كل منهما.
مرةً، وبعد أحداث غزو صدام حسين للكويت، وفي حوار مع باحثين تبثّه إذاعة الـ بي بي سي من لندن، وكعادته أبو ناجي يدسُّ السم بالعسل قال أحدهم:" إنَّ عقد الكويت هي العراق لأنها لا تمتلك تأريخه" قد تبدو الجملة واقعيةً جداً، فالعراق بتأريخه القديم والحديث، وبغداد بعظمتها وأهميتها في العالم آنذاك لا يمكن مقارنتها بالكويت، الدولة القائمة اليوم، لكننا، إزاء دولة وشعب وسيادة واعتراف أممي وارتباطات وأحلاف عسكرية.. الخ بما يجعل الكويت شعباً ونظاماً وحدوداً واقعاً عقلياً، ودولة ذات سيادة، لها مالها من تأثير في السياسة والمحافل الدوليين، يعزز من وجودها، ويعاظمُ من شعور أبنائها بدولتهم وثقتهم بأنَّ الدولة لا تقاس بصغرها وبقلة عدد سكانها.. وهذا لا يعني انتقاصاً من العراق وحدوده وسيادته.
لكن، يؤسفنا القول بأنَّ هناك من الكويتيين من مازال يعاني من عقدة الضعف والنقص، مثلما هناك من العراقيين من مازال يعاني من عقدة القوة والكثرة، وكلاهما مخطئٌ بكلِّ تأكيد، فلا الضعف حقيقة ولا القوة حقيقة أيضاً، ويؤسفنا أكثر أنْ نرى أنَّ كلا الحكومتين اسهمتا بتعزيز العقدتين هذين، فحكومة الكويتُ بإجراءاتها الصعبة في قضية منح فيزا دخول العراقيين لها تعزز من مخاوف انسانها من جهة، وتؤكد ضعفها كدولة ذات سيادة، من جهة أخرى، وهي تصور العراقيين على أنه الـــ (بعبع) الذي سينقضُّ ويبتلعهم لا محالة، وهذا لا يعني بأنَّ الحكومات العراقية المتعاقبة بعد 2003 عملت على لجم المتطاولين، من مليشيات وعشائر ومدونين على دولة الكويت، أو ترسيخ مبدأ احترام الحدود والسيادة لدولة شقيقة وشعب مسالم هو الأقرب للعراقيين من سواه.
طبيعة المجتمع الكويتي المستقر سياسياً واجتماعياً واقتصادياً تختلف كلياً عن طبيعة المجتمع العراقي المضطرب في أغلب مفاصله، وهذا ما سيلمسه العراقيون، الذين حضروا المباراة بين الفريقين. النظام والهدوء والعمل المؤسساتي صفة غالبة على الحياة هناك، ورجل الجمارك والحدود ورجل الامن والموظف في الدائرة والمرور والفندق وو هناك يؤدي عمله بعيداً عن كلِّ مؤثر خارجي، ولا وجود لتعدد عناصر القوة، لأنَّ الدولة هي الحاكمة، وهي بلا أحزاب وكيانات سياسية ورجال دين وشيوخ عشائر مؤثرين، وبلا مليشيات لذا، سيكون من الصعب على المخالف النجاة من سلطة القانون، والانسان الكويتي لا يميل الى العنف والمواجهات المسلحة، وطبيعة الحياة بعامة هادئة، بسبب تركيبة المجتمع الذي بني على أساس الرغد والوفرة في المال والتسهيلات التي تقوم بها الحكومة لصالح الشعب، على خلاف طبيعة الانسان العراقي، التي هي نتاج جملة الازمات التي منها الخوف والقلق والنفاق السياسي والفساد والتصلب الاجتماعي.. الخ لذا، يستوجب على الداخل الى الكويت مراعاة ذلك، وطمأنة الجمهور، ومنع الاحتكاك سياسياً وطائفياً، والابتعاد عن كل ما من شأنه تعكير صفو العلاقة، في سبيل طي الصفحة المزعجة التي تسبب بها رأس النظام السابق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. جعفر صادق

    منذ 4 شهور

    خلال1295 سنة و هي عمر بغداد، كانت تحت حكم عربي فقط ل 335 سنة، فقط 25% من تأريخ وجودها كانت تحت حكم عربي. بغداد لم تكن مركز حكم الا خلال حكم العباسيين. التفاصيل في https://www.youtube.com/watch?v=fI5hqLDax9Y&t=1139s

يحدث الآن

القصة الكاملة لـ"العفو العام" من تعريف الإرهابي إلى "تبييض السجون"

الأزمة المالية في كردستان تؤدي إلى تراجع النشاطات الثقافية والفنية

شركات نفط تباشر بالمرحلة الثانية من مشروع تطوير حقل غرب القرنة

سيرك جواد الأسدي تطرح قضايا ساخنة في مسقط

العمود الثامن: بين الخالد والشهرستاني

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جنرالات الطائفية

العمود الثامن: لماذا لا نثق بهم؟

الصراع على البحر الأحمر من بوابة اليمن "السعيد" 

العمود الثامن: رئيستهم ورئيسنا !!

كيف يمكنناالاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمود الثامن: بين الخالد والشهرستاني

 علي حسين أعرف جيداً أن البعض من الأعزاء يجدون في حديثي عمّا يجري في بلدان العالم نوعاً من البطر لا يهم المواطن المشغول باجتماعات الكتل السياسية التي دائما ما تطابنا بـ " رص...
علي حسين

قناطر: الربيع الأمريكي المُذِل

طالب عبد العزيز هل نحن بانتظار ربيع أمريكي قادم؟ على الرغم من كل ما حدث، وقد يحدث في الشرق الأوسط، نعم، وكم هو مؤسف أن تتحرك دفة التغيير بيد القبطان الأمريكي الحقير، وكم قبيح...
طالب عبد العزيز

تضارب المصالح بين إسرائيل وتركيا في سوريا وعواقبه

د. فالح الحمـــراني كما بات معروفاً، أن وزير الدفاع الإسرائيلي وبنيامين نتنياهو*، خلال لقاء حول موضوع الوجود التركي في سوريا، طرحا مقترحاً لـ"تقسيم سوريا إلى مناطق مقاطعات (الكانتونات)". وذكرت صحيفة إسرائيل هايوم عن خطة...
د. فالح الحمراني

النظام السياسي في العراق بين الخوف من التغيير وسؤال الشرعية

أحمد حسن لفهم حالة القلق التي تخيم على النخبة السياسية في العراق مع كل تغيير داخلي أو إقليمي، لا بد من تحليل عميق يرتكز على أسس واضحة ومنطقية. فالشرعية السياسية، التي تعد الركيزة الأساسية...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram