يوسف العانيما أحلى وأبهى.. وما أعمق وأنبل وأكرم حين يجمعنا المسرح موحدين به.. منتمين إليه... من أكثر من موقع عربي..أرى اليوم أمامي لبنان بمسرحه والخليج بمسارحه ومصر بمسرحها العريق والعراق بإصرار مسرحييه على العطاء وسوريا بتواصل عطائها ومسرح الأردن بنشاطه، أرى فضاءات المغرب العربي المتعددة لأعود إلى مشرقه.. أراه كله موحداً تحت شعار مبارك:المسرح العربي...
ولكن وأرجو إلا يستفزكم تساؤلي: هل لدينا حقاً مسرح عربي؟لا تفكروا بالرد على هذا التساؤل الان.. فتتعبوا أنفسكم منذ سطور رسالتي الأولى.. أو ترددوا بصوت هامس أو عال وبعجلة نعم...أو لا..؟فانا ما جئت لأقدم رسالة الهيئة العربية للمسرح حسب..بل لأعيش أيام فرح معكم وبكم.. نتبادل الهموم المرة ممزوجة بحلاوة هذا الفرح.. وتظل عيوننا وقلوبنا متطلعة إلى الأمل.. فنحن كما قال سعد الله ونوس.. محكومون به..****اليوم 10/1/2011 .. وأنا بينكم أبا وأخاً وزميلاً لن أعيد ما تضمنته الرسائل التي قرأت في يوم المسرح العربي في الأعوام الثلاثة الماضية لاسيما ما يتعلق- بما يجب علينا ان نعمله جميعاً- لأنني اؤيد ما ورد فيها جملة وتفصيلاً. وقد أضيف إليها توصيات أخرى.في صغري كنت احلم بالوحدة العربية... أهتف لها وأسير في مظاهراتها الصاخبة معتقداً ان صراخي وصراخ أخواتي سيفتح أمامي حدود البلاد العربية كلها أتنقل فيها وكأنني أتنقل من بيت إلى بيت آخر لجاري أو شقيقي..*****وكبرنا ودخلنا مراكز الشرطة والمعتقلات أكثر من مرة وصار مسرحنا منذ بداياته يشكل جريمة يعاقب عليها القانون لأنه مسرح معارض، ودرست القانون ومارست المحاماة زمناً ولم أجد مبرراً لما اتخذ أو يتخذ ضدنا. وجاءت أنباء من البلدان العربية الشقيقة ان هناك مسرحيين مثلنا... لكننا لم نكن ندري ماذا حل أو يحل بهم.. وبعد زمن قصير اكتشفت ان الوحدة التي هتفت لها.. والمسرح الذي بدأنا به صدقاً وأخلاصاً وشرفاً...لن يكتمل أو ينمو ويقوى أثراً وفرحاً وضوءاً في النفس إلا بالتعارف الحقيقي لكل منا ومسرح كل منا. وصارت السياسة التي تعنى بالإنسان في كل مكان جوهراً مسرحياً. لقد أقمنا المؤتمرات والمهرجانات وصار من حسن حظي أو سوئه- لا ادري- إنني حضرت وشاركت فيها منذ عام 1957 حتى بلغت 58 مؤتمراً ومهرجاناً للمسرح.ونحن في كل مرة نبحث عن مسرح يكون جسراً ثقافياً واحداً وان اختلفت جغرافية المكان الذي يصب فيه من كل بلد عربي.كنا نصدر القرارات عسى ان نخطو خطوة ليكون لنا تأكيد على مسرح عربي متقارب له جذوره وبعده الأصيل... سيما وهناك محاولات جادة ومخلصة في أكثر من بلد عربي، لكنها ظلت في الخطوة نفسها التي انطلقت منها... كما ظلت قراراتنا في أدراج المسؤولين متكدسة مع آلاف الأوراق والسطور الملتوية الأخرى: دون ان ينفذ لها بصيص ضوء أو نسمة ريح لتتحول إلى فعل جاد مخلص..وتتجدد العروض المسرحية بمهرجاناتها في أكثر من بلد فلا جديد إلا في العدد لا بالعدة حيث يكون الهدف إرضاءً "للفوق" بأن الكم قد زاد وان النوع قد تراجع أو ظل مقلداً أو قريباً من مدارس مسرحية تعلمناها أو استنسخناها وجئنا بها وما استطعنا إلا بالقليل والنادر لان نلائمها مع مسرحنا الذي نريد..عام 1973 تمت لنا محاولة جريئة في بغداد لان نقدم مسرحية"دون تبديل أو تعديل في النص.. وعرضناها في بغداد ثم في دمشق والقاهرة والإسكندرية..بعد عرض المسرحية بدمشق جاءنا مدير فرقة فايمار الألمانية وهو أحد مريدي مسرح برتولد برشت.. ومن الذين اشتركوا في مهرجان دمشق نفسه.. جاء مهنئاً بنجاح العرض.. ثم قال:- لقد شاهدت اليوم مسرحية عربية.. أعني ليست ألمانية بكل ما شهدت وبلا تقليد أو استنساخ لما نقدمه نحن.. مع ذلك كان برتولد برشت موجوداً: قلت له: لقد استضفنا برشت فصار ضمن مسرحنا. قال: هذا صحيح..****هذه المحاولة ومحاولات عديدة أخرى وفي أكثر من بلد عربي- إذا ما استبعدنا واستثنينا المسرح الطارئ على الفهم الحقيقي لفن وثقافة المسرح- أكدت وما زالت تؤكد ان ما نقدمه في مسارحنا ليس"عالة" على مسارح الغرب او الشرق بل هي بمصافها بوعي وبقدرات ما عادت غفلة من الزمن الحضاري.. لكن الكثير من مسرحيينا ما زال يتوجس من ان يثبت حضوره وإبداعه الأصيل النابع من عمق وأصالة عطائه...****إننا ورغم ما أشرت إليه علينا ان نعيد النظر في تجاربنا نحو الإيجاب والسلب.. وان نؤكد أهمية تعاون وتبادل الخبرة في البلد العربي الواحد أولاً. بين المسرحيين المبدعين أنفسهم لا ان تقف كل مجموعة ضد أخرى من اجل إلغاء عطاء الآخر وحتى المبدع فيه! بل ان يكون في منافسة شريفة نحو الأفضل.الاستفادة من الرعيل الأول بما اغنوا وبما أبدعوا.. وأن نتبنى الشباب بصدق حماستهم المثقفة.. بما يقدمون من محاولات إبداعية مطورة لما كان.. وألا نقف موقف المتعالي على الكفاءات الجديدة.. فهي مفتاح المسرح الآتي... لا بد من أن نكون أمناء في اختيار ما نعرض في كل مهرجان عربي أو ودولي..ان تكون هناك تجربة جديدة مضافة إلى تجارب أخرى لنتوحد فيها ونسير معها في درب المسرح الذي نريد..****لقد صار العالم صغيراً لكن الأمل الذي كان يحكم فنان المسرح قد اتسع واتسع حتى صار حلماً.. يحكم الشباب والشيوخ.فأنا وعمري المسرحي الان قد بلغ السابعة والستين بسنواته الطويلة وتجاربه الكثيرة التي تنوعت وت
نص الورقةالتي ألقاها الفنان الرائديوسف العاني في مؤتمرالمسرح العربي في بيروت
نشر في: 10 يناير, 2011: 05:13 م