أفراح شوقي- محمود النمرسنوات طويلة مضت، كانت فيها المؤسسات الأكاديمية في العراق تجري على نسق من التكامل مابين نهجها التربوي والثقافي واندماجها مع المجتمع بمفاهيمه الإنسانية والعلمية على حد سواء، إضافة الى توجهاتها وحرصها نحو تكامل واندماج المشهد الأكاديمي مع المشهد الثقافي والفني.
من يردم الهوة الحاصلة بين المثقف والجامعة ؟ ومن اين تبدأ الخطوة الأولى في التواصل .عقدة التواصل الشاعر المغترب فراس عبد المجيد استاذ في المعهد العالي للفنون التشكيلية في المغرب قال :الحقيقة يجب ان ننظر الى الموضوع بشكله المؤسساتي ،يعني الجامعة كمؤسسة هل هي منفتحة على ماهو خارج اسوار الجامعة ؟ام هي مقتصرة على الاكاديميين الذين يشكلون الركائز الاكاديمية ،هذه من جهة ..ومن جهة اخرى ،المثقف نفسه هل هو منفرد ام هو ضمن المشهد الثقافي كأن يكون في اتحاد الادباء او روابط الشعر والقصة والامكنة الثقافية ،هل هذه المؤسسات الثقافية التي هي خارج الجامعة هل حاولت ان تطرق باب الجامعة ؟ اذن نحن نحتاج الى عمليتين متفاعلتين من قبل الجامعة والمؤسسات الثقافية ،وهل هناك امكانية لمثل هذا التفاعل ؟قد تكون هناك فجوة من قبل الجامعة والمؤسسات بنظرة ضيقة كأن تكون حزبية او طائفية ،يمكن ان تجعلها على انماط معينة واسلوب معين ،متى ما تخلصنا من هذه المشكلات اعتقد تكون عقدة التواصل منطوية.اكيد هناك فائدة كبيرة في التواصل لأن الطالب الجامعي لن يبقى محصورا في قواميس ومناهج الجامعة لابد له من الانفتاح على الحياة وعلى نبض الشارع ،وهناك امثلة كثيرة مثل محمود درويش هو شاعر كبير وغير اكاديمي ،لكنه كان يلقي محاضرات في الكثير من جامعات العالم وغيره من الادباء والمبدعين الذين هم خارج الجامعات وليس لهم علاقة بالمناهج ولكن من الضروري الاطلاع على تجاربهم الثرة في سبيل اكتساب التجربة من قبل الطلبة وهذا ما يحدث في جامعات العالم للاحتفاء والاطلاع على تجارب مبدعيهم ،الابداع لايولد من بطون المناهج الجامعية بل العكس ،وهذه الاشكالية تحتاج الى فهم وزج وانفتاح لردم الهوة.rnسبعينيات القرن المنصرمالكاتب والأديب ناظم السعود أوضح في بداية كلامه أن انغلاق الوسط الأكاديمي على المشهد الثقافي يرجع الى حوالي ثلاثين سنة خلت، فقبل السبعينيات كان هناك انفتاح وتواصل كبيران ما بين الوسط الثقافي والأكاديمي، وفترة الأربعينيات تعد من الفترات الذهبية، أيام دار المعلمين العالية، ذلك ان اهم شعراء العراق والوطن العربي خرجوا من هذه الكلية ولاسيما الرواد أمثال بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وعشرات الشعراء والنقاد، كانت هناك علاقة جوهرية وصميمية بين الجامعات والوسط الثقافي العام، علاوة على وجود قواعد مشتركة بين اتحادات المنظمات الأدبية والفنية والمؤسسات الأكاديمية في العراق، وأضاف السعود: ان تلك العلاقات جعلت من الاستحالة بمكان ان يبرز أديب عراقي ألا من خلال تلك الكليات العلمية أو الإنسانية على حد سواء، الأمر الذي حفز الكثير من الأدباء العرب إلى المجيء للعراق كي يدرسوا في هذه الجامعات التي جذبت عشرات الأسماء العربية مثل سليمان العيسى وآخرين، فالتواصل مابين المشهد الثقافي والأكاديمي خلق حالة من الإمكانية لدى الطالب لان يكون مبدعاً من خلال التواصل والانفتاح مع الوسط الأدبي ، لكن في السبعينيات من القرن الماضي حدث الخراب الكبير وليس الخراب الثقافي فقط، واقصد على مستوى الإنسان والموارد العامة انه خراب متعدد الأقطاب ، وكان من نتائجه ابتعاد الجامعات العراقية بشكل كامل عن المشروع الثقافي، ليس هناك اهتمامات صميمية كما كانت في الأربعينيات أيام الانتداب البريطاني، وكأن العملية مقلوبة ! فعندما كانت البلاد تعيش تحت الانتداب البريطاني كانت الجامعات تشهد حراكا ملموسا ضمن أوساط المجتمع لكن بعد التحرر والاستقلال حصل نكوص وابتعاد الجامعات عن استقطاب الأدباء وهو لا يخص الطلبة الذين يعيشون في الجامعة وإنما ايضا المنتسبين فيها ، واقتصر الوقت على الدرس المنهجي، بشكل تلقيني لأجل الامتحان والنجاح فقط ، وصار هناك جمود ثقافي كبير ، و هو شيء خطير بالتأكيد.rnالمنتديات الثقافية متهمة بالانغلاق على نفسها ودافع الأستاذ الجامعي علوان السلمان الأمين العام لرابطة النقاد في الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين، بالقول ان المنتديات الثقافية هي التي انغلقت عن المؤسسات الاكاديمية في العراق، ففي أي نشاط يقام لا يتم دعوة الأديب او صاحب الخبرة او المثقف لتقول له انت مدعو لحضور نشاط ثقافي معين يقام في الجامعة الفلانية، في الفترة الأخيرة قامت الرابطة بفتح هذا المجال وفسحت المجال للأكاديميين بحضور هذه الجلسات مع عدد كبير من الأكاديميين ضمن انطلاقة مفرحة ومشجعة على الرابطة لأنها الفرع الأدبي الوحيد الذي استطاع ان ينهض بعبء المشاركة مابين الجهتين، أما الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين&
انفتاح الجامعة على المشهد الثقافي الإبداعي
نشر في: 10 يناير, 2011: 05:15 م