الموصل / سيف الدين العبيدي
تواصل جوامع الموصل التراثية عودتها الى الحياة واحدا تلو الاخر وبجهود ذاتية من ابناء المدينة دون اي دعم حكومي، بعد ان اقدمت عصابات داعش على هدم اغلب المساجد والجوامع. ومن سلم منهم، واجه نيران معارك التحرير فأما ان تضرر أو هدم ايضاً، وهذه المرة من وسط شارع النجفي الذي يحتوي على جامع (الإمام العباس بن مرداس السلمي) الذي فجره داعش عام 2014 بسبب وجود ضريح فيه.
كان الجامع في البداية عبارة عن ضريح فقط يعود تاريخه الى القرن الثالث الهجري بحسب كتب التاريخ، وأصبح جامعا قبل 400 سنة بحسب كلام المؤرخين الموصليين.
واليوم اقدمت عائلة الشبخون المعروفة في الموصل بإعادة بناء الجامع على نفقتهم الخاصة، وبدأت عملية الإعمار قبل عامين وتبلغ مساحة ١٤٦ مترا مربعا، اعيد بناؤه باستخدام المواد القديمة الاصلية من المرمر الموصلي والجص والحجر من اجل الحفاظ على طابعه الاثري.
فجميع جدران الجامع مغلفة بالمرمر، وما يميزه ايضاً هو ان منارته حديدية وهي كانت اولى من نوعها تشيد في جوامع الموصل انذاك.
ويقول احمد الشبخون المشرف على بناء الجامع في حديث لـ(المدى) انه في بداية تأسيس هذا الجامع كان عبارة عن ضريح وجدد في سنة ٣٠٥ هجرية، وجدده (عبدالباقي الشبخون) هدمه واعاد بناءه في عام ١٩٢٧ خلال توسعة شارع النجفي وبنى فيه مدرسة صغيرة للعلوم الشرعية وفوقه مصلى بسبب صغر مساحته التي تبلغ ١٤٦م واتخذه جامعا.
واكد ان منارته هي من حديد فكانت اول منارة حديدية في الموصل بذلك الوقت، وعند تفجيره استطاع أحد الخيرين من الاحتفاظ بالمنارة في منزله لكنه توفي واولاده قاموا بإعادتها إليهم، وبين ان الجامع يحتوي على اول منبر مقعر بإم الربيعين.
وأضاف الشبخون انه خلال نكبة الموصل قام داعش بهدمه والانقاض اصبحت فوق الضريح ولم يتضرر الضريح بشكل كبير، لذلك قررت عائلة الشبخون اعادة اعماره وباشروا بالعمل عام ٢٠٢٢ تحت إشرافهم ومن نقطة الصفر وعلى النفقة الخاصة للعائلة.
واشار الى ان الجامع اعيد على طرازه التراثي واستخدام المرمر الموصلي في واجهته وعلى جدرانه، واضاف اليه خانة ماء السبيل، وحالياً هو الجامع الوحيد في شارع النجفي.
ولفت الى انه قبل ذلك عملت عائلة الشبخون على إعادة جامع عمر الاسود، و كذلك جامع الخلفاء او جامع سوق الحنطة في سوق باب السراي وهو من الجوامع التاريخية، واعادوا اعماره في ثمانينيات القرن الماضي وكذلك ترميمه بعد تحرير ام الربيعين، واكد ان الجامع اكتمل وسوف يسلمه لديوان الوقف السني في الايام المقبلة من اجل بدء إقامة الصلاة فيه.
الى ذلك اكد صلاح الوراق مسؤول منتدى عودة شارع النجفي في حديث لـ(المدى) ان جامع الإمام العباس يعتبر من أقدم الجوامع في العالم الذي يجعله ضمن التراث العالمي، وعودته ستعزز الهوية التراثية لشارع النجفي، داعياً الى وجوب الاهتمام به ومتابعته من قبل الجهات المعنية بالتراث، وبين ان ما يميزه ايضاً هو ان منارته مصنوعة من الحديد يدوياً ومركبة بدون أي لحام منذ 100 سنة.