TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: ماذا يحدث؟

العمودالثامن: ماذا يحدث؟

نشر في: 11 سبتمبر, 2024: 12:42 ص

 علي حسين

ماذا حـدث؟ .. قالها صديق عاد إلى الوطن بعد غربة طويلة.. سألني: لماذا أصبحت الهوية الطائفية حاضرة بقوة هذه الأيام؟ هل لأنّ هناك خطراً على الشيعة، أم أن السـُّنة يتعرضون لحملة اجتثاث؟ كانت أسئلته تجسيداً لما يحدث في العراق هذه الأيام. لماذا أصبحت الطائفة أهم وأقوى من الوطن؟ ولماذا يصرّ الساسة على ترسيخ منطق الجماعات بدلاً من المواطنين؟
يكتب مهدي عامل في الدولة الطائفية: إن الاستبداد يوحِّد الطوائف، ينشر اليأس ويزيد أعداد المستضعفين..وهذا سرّ النزعة العنيفة تجاه الطائفة أو القبيلة ". ويُضيف وهو يضع إصبعه على الجرح الطائفي النازف إن " الدّين أو الطائفة هنا ليس أكثر من لافتة تتجمع عندها عصبية، تتوهم حرباً عقائدية، ستكون بديلاً عن حروب أخرى تتعلق بحياة الناس ومستقبلهم."
الطائفي إذاً لا يخوض حرباً من أجل أبناء طائفته، لكنه يخوض حرباً بالناس لصالح موقعه في السلطة.. قال الصديق؛ منذ أيام وأنا أعيش بين أهلي مناخاً يعلو الطائفية والقبلية.. ويختتم جملته بعبارة واحدة..لماذا يريدون مني أن أصبح طائفياً في شهر فقط، هي المدة التي أريد أن أقضيها بين أهلي وأصدقائي؟
عام 1885 أطلق بول لافارغ السياسي من أصل كوبي وصهر ماركس مقولته الشهيرة حول الحق بالحماقة، كانت المقولة في حينها مدهشة وجديدة وتعبر عن نوع من الحزن والأسى إلى ما وصل إليه مجتمع الساسة آنذاك من الاستهتار بمقدرات الناس وعقولهم في مجتمعات تحرِّض على العنصرية وتشيع التمييز الطبقي والطائفي، ويبدو أن مفهوم الحماقة اليوم بدأ يشمل الشعوب التي تسلّم أمرها بيد سياسيين فاقدي الصلاحية والأهلية، ويكفي أن نأخذ عينات مما يجري في العراق، كي نرى حجم الاستخفاف بالإنسان، فشراء الذمم وتزوير إرادة الناس والشحن الطائفي، جعلت من المواطن المسكين لا يملك إرادته ويعيش على هامش الحياة.
ما معنى أن يدفعنا دعاة الطائفية، في كل يوم نحو وطن لا يحده سوى اليأس والخراب، هل يدركون مدى اتساع الهوَّة بينهم وبين الناس؟ الكراهية لها دولتها الآن بما فيها من سلطة قرار، وأجهزة تنفيذ، وماكينات تتزاحم فيها خطابات الطائفية والقبلية لتبدو معها خطابات المواطنة مجرد شعارات مضحكة.
ما معنى أن يصرّ ساستنا ومسؤولونا على التمييز بين سكان هذا الوطن على أساس طوائفهم ومعتقداتهم.. لماذا نجد من يقسم المواطنين إلى فريقين، كل فريق يعادي مَن يخرج على معتقداته.
قلت لصاحبي إن ما يجري هو غواية الدفاع عن الطائفة.. وهي غواية سهلة بالنسبة للمواطن البسيط كما أخبرنا الراحل مهدي عامل.. فهي ربما تصنع شعبية لدعاتها.. لكنها في النهاية ستشعل الحرائق في كل أرجاء وزوايا الوطن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

القصة الكاملة لـ"العفو العام" من تعريف الإرهابي إلى "تبييض السجون"

الأزمة المالية في كردستان تؤدي إلى تراجع النشاطات الثقافية والفنية

شركات نفط تباشر بالمرحلة الثانية من مشروع تطوير حقل غرب القرنة

سيرك جواد الأسدي تطرح قضايا ساخنة في مسقط

العمود الثامن: بين الخالد والشهرستاني

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جنرالات الطائفية

العمود الثامن: لماذا لا نثق بهم؟

الصراع على البحر الأحمر من بوابة اليمن "السعيد" 

العمود الثامن: رئيستهم ورئيسنا !!

كيف يمكنناالاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمود الثامن: بين الخالد والشهرستاني

 علي حسين أعرف جيداً أن البعض من الأعزاء يجدون في حديثي عمّا يجري في بلدان العالم نوعاً من البطر لا يهم المواطن المشغول باجتماعات الكتل السياسية التي دائما ما تطابنا بـ " رص...
علي حسين

قناطر: الربيع الأمريكي المُذِل

طالب عبد العزيز هل نحن بانتظار ربيع أمريكي قادم؟ على الرغم من كل ما حدث، وقد يحدث في الشرق الأوسط، نعم، وكم هو مؤسف أن تتحرك دفة التغيير بيد القبطان الأمريكي الحقير، وكم قبيح...
طالب عبد العزيز

تضارب المصالح بين إسرائيل وتركيا في سوريا وعواقبه

د. فالح الحمـــراني كما بات معروفاً، أن وزير الدفاع الإسرائيلي وبنيامين نتنياهو*، خلال لقاء حول موضوع الوجود التركي في سوريا، طرحا مقترحاً لـ"تقسيم سوريا إلى مناطق مقاطعات (الكانتونات)". وذكرت صحيفة إسرائيل هايوم عن خطة...
د. فالح الحمراني

النظام السياسي في العراق بين الخوف من التغيير وسؤال الشرعية

أحمد حسن لفهم حالة القلق التي تخيم على النخبة السياسية في العراق مع كل تغيير داخلي أو إقليمي، لا بد من تحليل عميق يرتكز على أسس واضحة ومنطقية. فالشرعية السياسية، التي تعد الركيزة الأساسية...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram