كيب تاون / آي بي إس أثار انضمام جنوب أفريقيا لمجموعة "بريك" التي تضم أقوى اقتصاديات العالم الناشئة (الصين، الهند، البرازيل، وروسيا) جدلا حادا بين القائلين أنها أخطأت بانخراطها في مغامرة تفوق كل إمكاناتها، والمثنين على سعيها لأداء دور أكثر أهمية على الساحة العالمية.والواقع أن جنوب أفريقيا ستكون آخر عربة في قطار مجموعة "بريك"، فيكفي مقارنة ناتجها المحلي الإجمالي (285 مليار دولار)
بناتج روسيا أو الهند (1.600 مليار دولار لكل منهما)، ناهيك عن ناتج الصين أو البرازيل، فيما يسجل نموها الاقتصادي 3 في المئة مقارنة بنسب 10 في المئة للصين، و 8 في المئة للهند، و 7 في المئة للبرازيل. ودعت المجموعة الرباعية جمهورية جنوب أفريقيا رسمياً في أواخر كانون الاول الماضي للانضمام إليها كعضو كامل العضوية. وجاءت الدعوة من الصين التي أصبحت الشريك التجاري الأكبر لجنوب أفريقيا ، هذه الخطوة تتوج مسارا طويلا، ضغطت جنوب أفريقيا من خلاله وبإلحاح شديد من أجل الحصول على هذه العضوية. كما بذل الرئيس جاكوب زوما جهودا مكثفة في هذا الاتجاه في محادثاته مع زعماء المجموعة على مدى العام الماضي. لكن الخطوة قوبلت بانتقادات حادة من جانب عدد من الخبراء والمحللين، إنطلاقا من أن جنوب أفريقيا ستعامل في صلب هذه المجموعة معاملة "الأخ الأصغر" نظرا لتواضع اقتصادها أمام اقتصاديات الأربعة الكبار الآخرين. وأكد مزوبيسي كوبو، مدير برنامج القوى الناشئة والتحديات العالمية في معهد جنوب افريقيا للشؤون الدولية، أنه "من المهين حقا أننا ضغطنا من أجل الانضمام ... سنلعب، بكل بساطة، دورا ثانويا وراء روسيا والصين والبرازيل والهند" ، كما يشدد الناقدون على أن بطء نمو جنوب أفريقيا الاقتصادي ومحدودية أسواقها لا يتلاءمان مع الغرض الأصلي لمجموعة "بريك" ومفهومها الجوهري الذي صاغه جيم او نيل من مؤسسة "غولدمان ساكس" في عام 2003 لتحديد الدول ذات أسرع الاقتصاديات نموا، وذات الطبقات المتوسطة الناهضة والأسواق الواعدة، والتي من المقدر أن تتفوق على مجموعة G7 لكبرى اقتصاديات العالم بحلول عام 2040. يذكر أن إندونيسيا القوية اقتصاديا على نحو متزايد في الآونة الأخيرة، قد اعتبرت مرشحا أكثر جدارة للانضمام إلى "بريك"، شأنها في هذا شأن كل من تركيا والمكسيك وكوريا الجنوبية ونيجيريا، وكلها تتفوق على جمهورية جنوب أفريقيا ، بيد أن قرار ضم جنوب أفريقيا إلى المجموعة يبدو سياسيا أكثر منه اقتصاديا. فيقول مزوبيسي كوبو أن وضع جنوب أفريقيا السياسي والدبلوماسي يؤهلها لممارسة نفوذ كبير. ويشرح أن جنوب أفريقيا "ساهمت بصورة جوهرية في القضايا المتعلقة بالحكم العالمي الرشيد، ولعبت دورا نشطا جدا في عمليات إعادة البناء بعد الصراعات في أفريقيا. كما كان صوتها واضحا دائما وينظر اليها على انها وسيط نزيه في العلاقات الدولية، وهذا له بالتأكيد درجة من النفوذ". وفي أثناء ذلك، يشكك معظم المحللين في صعدة جنوب أفريقيا، ويعتقد البعض أنها أقدمت على غزوة ستراتيجية وذكية. فيقول مارتن ديفيز، الرئيس التنفيذي لشركة خدمات الحدود الاستشارية، أن الأمر يتعلق بتصرف "ذكي جدا سياسيا، وضروري لكي تسافر البلاد في الدرجة الأولى، علي قطار الأسواق الناشئة". كما اعتبرها خطوة محفزة بالغة الأهمية لدول مجموعة أفريقيا الجنوبية للتنمية. وشرح أن دولا "مثل اندونيسيا والمكسيك وكوريا الجنوبية وفيتنام تفوق جميعها جنوب أفريقيا. لكنها تفتقر إلى اقتصاد منطقة (دول المجموعة) تؤوي250 مليون شخص في أفريقيا. فإذا نجحت جنوب أفريقيا في تسويق هذه المنطقة كسوق متكامل لدول مجموعة "بريك"، فستكون قد حققت بالفعل كل ما تصبو إليه". كما ألقى كويسيني دلاميني، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "أولد ميوتشوال" لجنوب أفريقيا والأسواق النامية بكل ثقله لصالح الانضمام لمجموعة "بريك"، قائلا انها توفر حجة مقنعة للبلاد لتلعب دورا متزايد الأهمية في الشؤون العالمية وتشجيع الاستثمار في القارة الأفريقية. وأضاف لوكالة انتر بريس سيرفس أن "هذا من شأنه أن يعزز وضع جنوب أفريقيا في عالم يزداد عولمة وتنافسية يوما بعد يوم. الانضمام إلى "بريك" سوف يمكن جنوب أفريقيا لفتح سوق الاستثمار والفرص لشركاتها التي تواصل النمو والتوسع في الخارج " .ولفظة "بريك" ترمز الى الاحرف الاولى لتسميات اربع دول هي البرازيل وروسيا والهند والصين. وقد اقترح مصرف "غولدمان ساكس" لأول مرة في تشرين الثاني عام 2001 استخدام هذا اللفظ المختصر للاشارة الى الدول الاربع التي تتطور اقتصاداتها بوتائر عالية. وتنبأ المصرف آنذاك بان يتفوق الحجم الاجمالي لاقتصادات هذه البلدان في عام 2050 على المؤشرات الاقتصادية لمجموعة الدول السبع الكبرى. أما بحلول عام 2025 فسيتقدم على اقتصاد الولايات المتحدة.وتمتلك دول "بريك" في الوقت الحاضر نسبة 8% من الموارد الاقتصادية العالمية وتوجد فيها نسبة 45% من الأيدي العاملة في المعمورة. وبلغت نسبة تشغيل السكان القادرين على العمل في هذ
"بريك" تقبل جنوب أفريقيا عضواً جديداً.. وجدل حاد حول القرار!

نشر في: 10 يناير, 2011: 05:40 م