متابعة/المدى
تواجه منطقة شط العرب أزمة تلوث متفاقمة تهدد مصادر الغذاء والنظم البيئية المائية. ويُعزى التلوث في مياه الشط إلى تفاقم التصريفات الصناعية غير المعالجة، والتلوث الزراعي، وارتفاع نسبة الملوحة، مما أدى إلى تدهور جودة المياه. وهذا التلوث المستمر يشكل خطراً على الحياة البحرية والمحاصيل الزراعية التي تعتمد على هذه المياه، مما يهدد الأمن الغذائي في المنطقة.
وكما تعاني النظم البيئية المائية من تأثيرات سلبية على التنوع الحيوي والأسماك التي تعد مصدر رزق لكثير من السكان المحليين.
ويقول وزير الموارد المائية عون ذياب عبد الله، إن "معدل الإيرادات السنوي من نهر الفرات الذي كان لا يقل عن 30 مليار متر مكعب سنويا، انخفض إلى 14 مليار متر مكعب، وستواصل في الانخفاض ليصل خلال الأربع سنوات الماضية إلى أقل من 7 مليار متر مكعب، بالمقابل انخفض معدل الإيرادات من المياه في نهر دجلة إلى مليار متر مكعب سنوياً بينما كان يبلغ 21 مليارا قبل عام 1999".
من جهته، يقول رئيس القسم البيولوجي في مديرية بيئة البصرة، هادي عبد الحسين خضير، أن "كمية الإطلاقات المائية من محافظة ميسان شمالاً باتجاه البصرة غير كافية، ما يضعف التدفق، ويتسبب في صعود اللسان الملحي من الخليج إلى شط العرب في أثناء حالة المد وتغلغل اللسان الملحي، لذلك في المياه العذبة". ويشير إلى أن "هنالك تأثيرا إيجابيا على نوعية مياه شط العرب إذا كان نهر الكارون الداخل من إيران مفتوحا، ويصرف مياهه في شط العرب".
وبخصوص التراكيز الملحية، يوضح، أن "نسبتها تتراوح بين 1510- 2555 ملغم/لتر قرب جسر خالد، وتتراوح هي بحسب تقييمه تراكيز لا بأس بها وجيدة، أما في جنوب محافظة البصرة، وفي قضاء الفاو تحديدا، فتتأثر نوعية المياه بنهر الكارون تأثيراً كبيراً"، مضيفا أن "هذا العام 2024 ليس لدينا بيانات حول وضع التراكيز الملحية في مياه الفاو. وقد شهدت التراكيز للأملاح الذائبة الكلية TDS ارتفاعا ملحوظا خلال تشرين الأول/ أكتوبر وتشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر لعام 2023، حيث سجلت 14964-17075-11350 ملغم على التوالي". ويقول الخبير البيئي والأكاديمي شكري الحسن، إن "تعرض شط العرب لموجات ملحية قادمة من الخليج العربي يلقي بظلاله الوخيمة على البيئة المحيطة بهذا النهر"، مشيرا إلى أن "شط العرب تعرض في العقود الأخيرة إلى انخفاض في التصاريف التي تغذيه وغلق لنهر الكرخة في شماله ونهر الكارون من جنوبه من الجانب الإيراني، ما أدى إلى تدهور بيئته المائية تدهورا كبير فضل عما يلقى فيه من ملوثات سامة".
ويضيف، أن "دخول الملوحة من الخليج وامتزاجها مع الملوثات الموجودة في النهر نفسه -التي تأتي من القنوات الداخلية والمجاري ومياه الصرف الصحي والبزول الزراعية، ومن الورش الصناعية وغيرها- يعمل على تكوين خليط كيميائي سام، ويجعل المياه غير صالحة للنواحي الحياتية".
ويبين، أن "شط العرب يمثل جانبا كبيرا من تجهيز مياه الشرب للسكان خصوصا في مركز مدينة البصرة وغير ذلك، وتحتوي هذه المياه الخطرة على تراكيز محلية عالية وملوثات شديدة الخطورة على الصحة، وهو ما حدث بالضبط في صيف 2018 عندما أصيب أكثر من 100 ألف مواطن بإصابات في الالتهابات المعوية".
ويقترح الحسن لحل المشكلة "إنشاء محطات لمعالجة الملوثات وربطها بشبكة واسعة من المجاري من أجل إيقاف تدفق الملوثات إلى النهر، ويعبّر عن أسفه لصعوبة تنفيذ ذلك، بسبب الحاجة إلى عمل دؤوب وإمكانات عالية وأموال طائلة لا يمكن توفرها في ظل الوضع السياسي الحالي في البلد"، مشددا على "ضرورة أن يكون في العراق سياسة بيئية واضحة وتفعيل للتشريعات البيئية والمحاسبة القانونية وحملات توعية وتثقيف في هذا الشأن".
هذا وقد اتخذت الحكومة عام 2018 قرارا بتنفيذ مشروع الأنابيب الناقلة لمياه مجاري مركز المدينة، إلا أن المناطق السكنية المحاذية لشط العرب بقسميها الشمالي والجنوبي ما زالت تفرغ مياه مجاريها مباشرة إلى الشط دون معالجة، الأمر الذي يسبب المزيد من التلوث.