TOP

جريدة المدى > محليات > المدارس الأهلية في العراق: ازدهار غير متوازن على حساب التعليم الحكومي

المدارس الأهلية في العراق: ازدهار غير متوازن على حساب التعليم الحكومي

التحديات المالية والتربوية: ما الذي تواجهه الأسر في اختيار المدرسة؟

نشر في: 12 سبتمبر, 2024: 12:05 ص

 بغداد / نبأ مشرق

شهدت المدارس الأهلية في العراق نموًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، حيث بلغ عددها أكثر من 3300 مدرسة حتى عام 2020، وفقًا لإحصائيات وزارة التربية. هذا الازدهار يعكس رغبة العديد من العائلات في توفير تعليم متميز لأبنائهم، إلا أن هذا النمو يثير العديد من التساؤلات حول تأثيره على النظام التعليمي الحكومي، فضلًا عن التحديات التي تواجه الأسر في اختيار هذا النوع من التعليم.
في تصريح سابق، أكدت وزارة التربية العراقية على أهمية وضع ضوابط صارمة لمنح إجازات فتح المؤسسات التربوية الأهلية، وذلك بهدف الحفاظ على جودة التعليم وضمان الالتزام بمعايير معينة. وأشارت الوزارة إلى أن هذه الضوابط تشمل شروطًا تتعلق بمساحة المدارس، تجهيزاتها، وعدد الطلاب، بالإضافة إلى ضرورة المصادقة على تصاميم الأبنية المدرسية من قبل مكاتب استشارية معتمدة.
يؤكد كريم السيد، المتحدث باسم وزارة التربية، في حديثه لـ(المدى)، أن الوزارة تنظر إلى المدارس الحكومية والأهلية على قدم المساواة من حيث الأهمية التربوية. وأوضح أن الوزارة تعمل على تعزيز جودة التعليم في كلا النوعين من المؤسسات التعليمية، مشيرًا إلى أن تقوية ملف التعليم الأهلي يُعتبر جزءًا من جهود الوزارة في سد الفجوة التعليمية وتوفير البنية التحتية التربوية.
وأضاف السيد: «المدارس الحكومية لدينا تُعتبر مؤشرًا جيدًا، لكن التعليم الأهلي يمثل رافدًا مهمًا يعوض نقص المدارس الحكومية. نعمل على مراقبة وتقييم التجارب في المدارس الأهلية بشكل مستمر، لضمان تحقيق معايير الجودة المطلوبة».
التعليم الأهلي وتأثيره على التعليم الحكومي
من جانبه، يثير الخبير التربوي حيدر البياتي مخاوف حول تأثير انتشار المدارس الأهلية على التعليم الحكومي. وفي تصريح خاص لـ(المدى)، قال البياتي: «التعليم الأهلي يؤثر سلبًا على جودة التعليم الحكومي، حيث لا يتم مراقبته بالشكل المطلوب، مما يؤدي إلى تراجع مستوى التعليم المقدّم».
وأشار البياتي إلى أن انتشار المدارس الأهلية أصبح ظاهرة غير صحية تدل على التفاخر الاجتماعي، لافتًا إلى أن نقص الدعم الموجه للمدارس الحكومية يفتح المجال أمام المدارس الأهلية، التي لا يمكن لجميع شرائح المجتمع تغطية تكاليفها، خاصة في المناطق الفقيرة.
وتابع البياتي: «كمية المدارس الأهلية باتت أشبه بالدكاكين المنتشرة، في حين يشهد العراق توسعًا سكانيًا كبيرًا دون أن يقابله توسع مماثل في إنشاء المدارس الحكومية».

المدارس الأهلية: ربح أكثر من التعليم؟
أوضح البياتي أن بعض المستثمرين في المدارس الأهلية يركزون على الربح المادي أكثر من الجودة التعليمية. وأشار إلى أن تفاوت رسوم الأقساط بين المدارس، التي تتراوح بين 700 ألف و20 ألف دينار، يعكس ضعف بعض هذه المؤسسات، حيث يكون الهدف الأساسي لبعض أصحاب المدارس تحقيق مكاسب مالية.
وتابع البياتي: «الأجور المنخفضة التي يتقاضاها المدرسون، والتي قد تصل إلى 250 ألف دينار، تؤثر على مستوى التعليم المقدم، حيث يجد المدرسون صعوبة في تقديم مادة تعليمية عالية الجودة».
تحدثت دينا محمد، والدة لطفلين يدرسان في مدارس أهلية، لـ(المدى) عن تجربتها في اختيار التعليم الأهلي رغم التكاليف المرتفعة. وأوضحت أن اختيارها جاء بناءً على القدرة على السيطرة على الطلاب في هذه المدارس بسبب العدد المحدود للطلاب مقارنة بالمدارس الحكومية، مما يسهل عملية التدريس والتحكم في سلوك الطلاب.
وأضافت دينا: «وجود كاميرات المراقبة في المدارس الأهلية يعزز من قدرة الإدارة على معالجة المشاكل ومراقبة التصرفات غير اللائقة، مما يوفر بيئة تعليمية أكثر أمانًا».
وفيما يتعلق بتجربتها مع المدارس الحكومية، قالت إنها جربت نقل أولادها إلى مدرسة حكومية لفترة قصيرة، لكنها واجهت صعوبة في التعامل مع الإدارة التي كانت تتعامل بطريقة غير مريحة، مما جعلها تعود إلى المدارس الأهلية.

التحديات المالية
تُعد التكلفة العالية من أبرز التحديات التي تواجه الأسر العراقية عند اختيار المدارس الأهلية. وأشارت دينا محمد إلى أن الالتزام بالأقساط المرتفعة يدفع بعض الأسر إلى الاستدانة أو اللجوء إلى القروض من أجل تأمين التعليم الجيد لأبنائهم، خصوصًا في ظل تصرفات غير ملائمة بين الطلاب في المدارس الحكومية.
رغم أن بعض المدارس الأهلية تقدم تعليمًا جيدًا، إلا أن هناك حاجة ماسة لمراقبة وضبط عمل هذه المؤسسات، لضمان عدم استغلال الوضع المالي للأسر في تقديم تعليم ذي جودة منخفضة. وفي الوقت ذاته، يتطلب التعليم الحكومي دعمًا أكبر من الدولة لتحسين البنية التحتية وجودة التعليم، بما يضمن تكافؤ الفرص التعليمية لجميع شرائح المجتمع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

نزاع عشائري غير مسبوق فـي واسط: تدخل أمني عاجلواعتقال عشرات المتورطين

خطط جديدة لإنعاش السياحة في ذي قار مع بدء الموسم الشتوي

العسكرة ومقاولات "المتنفذين" تطمس معالم عاصمة الحضارة الإسلامية

الصراع يشتد على رئاسة مجلس ذي قار: هجوم مسلح تقابله دعوى قضائية

مصفاة كربلاء تتوقف.. أزمة وقود تلوح في الأفق

مقالات ذات صلة

لماذا تأخرت السلة الغذائية؟
محليات

لماذا تأخرت السلة الغذائية؟

متابعة / المدىشكا عدد من المواطنين، أمس الأربعاء، من تأخر توزيع مفردات الحصة التموينية لهذا الشهر، حيث شهدت الأسواق المحلية ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار المواد الغذائية، الأساسية (الرز وزيت الطعام والطحين والسكر). ودعا المواطنون...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram