TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: حاشية الكراهية

العمودالثامن: حاشية الكراهية

نشر في: 12 سبتمبر, 2024: 12:12 ص

 علي حسين

بعد سنتين من كتابة "مهزلة العقل" يشعر علي الوردي بدبيب غريب يسري في أوصاله، كان المجتمع آنذاك يعاني سطوة الأفكار القبلية والطائفية.. وأراد أن يفجر أسئلة كثيرة حول الثقافة والسياسة والمجتمع والطائفة والدين.. وكما تحدث للراحلة الكبيرة إبتسام عبد الله في برنامجها الشهير " سيرة وذكريات " الذي كان يقدم في الثمانينيات: " وجدت نفسي من جديد أدور في فلك أسئلة حول التاريخ وتأثيره على المجتمع..وكانت كل الأفكار المسيطرة عليّ في ذلك الوقت تميل ناحية مناقشة تأثير خرافات الطائفية على المجتمع العراقي، فجاءت فكرة كتابة "وعاظ السلاطين"، ليكون بمثابة تكملة لما بدأته في مهزلة العقل البشري."
" وعاظ السلاطين" كانت أول وأجرأ أسئلة علي الوردي التي واجه فيها فرسان الطائفية في محاولة لتفسير التاريخ من خلال الحكايات والموروثات التي ترسخت في أذهان الملايين، عبر مئات السنين، وفي فهم ما يجري وسيحدث مستقبلاً في العراق، وهذا سر شهرة هذا الكتاب وخلوده، فرغم مرور أكثر من نصف قرن على صدوره، إلا أنه لا يزال يثير اهتمام القراء. وكما قال الوردي مرة فى أحد حواراته إن: "الهدف من الكتاب هو تصوير ماذا ستفعل حكايات الطائفية لو أصبحت جزءاً من حياة الناس اليومية.. كنت أسأل بعض رجال الدين، هل تريدون السير في طريق الإصلاح أم العيش في الماضي؟".
يكتب علي الوردي في وعاظ السلاطين "وما دام السلطان الظالم محاطاً بالفقهاء والوعاظ، وهم يؤيدونه فيما يفعل ويدعون له بطول البقاء، فمتى يستطيع أن يحس بأن هناك أمة ساخطة أو إلهاً مهدداً."
هذا ما يجعل الوردي، وهو ينحاز إلى المواطن البسيط المبتلى بفرسان الطائفية ووعاظها، يضيف إلى قدراته كمؤرخ ميزة أخرى هى الجمع بين المؤرخ ورجل التنوير. وبين التعرف على خزعبلات التاريخ الذي يصر الآن بعض الذين يمتهنون السياسة أن نبقى نعيش فيه ولا نغادر حوادثه، وبين المستقبل الذي لا يمكن الدخول إليه بلباس طائفي عقول تعيش في القرن الأول الهجري.. ولهذا سيظل كتاب وعاظ السلاطين أقرب نبوءات علي الوردي للعراقيين.
وهذا ما يمكن أن نحذر منه اليوم.. وعاظ السلاطين الذين يصرون على أن نعيش في ظل أزمات طائفية لا تنتهي والذين وجدوا في تحقير سيدتين " المحاميتان زينب جواد وقمر السامرائي " والنيل منهن بأخبار مفبركة وإساءات بذيئة تكشف لنا أننا نعيش في جو من الكراهية والتحريض على الآخرين لمجرد أنهم يختلفون معنا في الرأي.
تعلمنا تجارب الشعوب أن معارك الكراهية تنتصر مؤقتاً، فالفوز الدائم لأهل التسامح والمحبة والطمأنينة والصدق واصجاب القول الحسن في مواجهة من يختلفون معهم .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو احمد

    منذ 1 شهر

    تحية ايها الخال العزيز لم يخلو تاريخنا يوما من المطبلين الذين يصورون الحاكم الطافية وكانه ظل الله في الارض والرحمة على النابغة علي الوردي الذي حاول تنويرنا منذ اكثر من خمسة عقود. ان الموءلم ان فءة فاسدة فاشلة لا تمثلحتى الاقل من عشرين بالمائة من الناخبي

  2. سعاد محمود

    منذ 1 شهر

    اود ان تصلني كتاباتكم

يحدث الآن

بغداد تسير على "خيط رفيع".. وارتياح من "رسائل عراقجي" رغم التصعيد

الزواج خارج المحاكم.. وسيلة لإخفاء الزيجات المتعددة!

غبار المشاريع المتعثرة يغطي آمال التنمية في صلاح الدين!

فنلندا تعلن إنهاء مهمتها العسكرية في العراق نهاية العام

أزمة الجفاف في ميسان تهدد بيئة المدارس وصحة التلاميذ

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: الرياض تقرأ

العمودالثامن: اغلقوا النوافذ

العمودالثامن: أين اختفى نور زهير؟

واشنطن ودعم الانقلابات القاتلة: ايران 1953

الجهلاء لا يدركون جهلهم

العمودالثامن: جمهورية قص اللسان

 علي حسين أشاهد جزءا من الحوار الذي شارك فيه الشيخ مجيد العقابي ، واستمع اليه يقول بكل اريحية لتلك النساء اللواتي يقفن ضد تعديل قانون الاحوال الشخصية : لا بد من قص ألسنتهن...
علي حسين

قناطر: أجهزة الأمن بين مكافحة (الشغب) ومكافحة المخدرات! !

طالب عبد العزيز لا يكاد يمرُّ يوم واحد دونما نزاع عشائري في إحدى مدن الوسط والجنوب، فأخبارها منقولة في الصحف، ومواقع التواصل، وعلى الشاشات، وكثيرا ما تتحدث الأجهزة الأمنية عن تدخلها الخجول، والمخزي، غير...
طالب عبد العزيز

واشنطن ودعم الانقلابات القاتلة:من غواتيمالا إلى الكونغو

د. حسين الهنداوي (2)الجيش هو مؤسسة وطنية أساسية من مؤسسات الدولة في الجوهر، بيد ان هذه المؤسسة يمكن استخدامها من قبل قيادته السياسية لأغراض ضد الدولة وبالتالي غير وطنية ما يجعله مصدرا لويلات كبرى...
د. حسين الهنداوي

شخصيات ثقافية لافتة

عبد الكريم البليخ أصبحت الساحة الثقافية تتيح لنا ظهور شخصيات لافتة تبحث عن مكان آمن لها في عالم الأدب والثقافة والاجتماع والفلسفة والعلوم، وغيرها من الثقافات والاجتهادات المختلفة، وهذا من حقها الطبيعي ولكن؟ ومن...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram