بغداد/ تميم الحسن
قبل ساعات فقط من وصول الرئيس الايراني مسعود بزشكيان الى العاصمة العراقية، كانت صواريخ قد سقطت على معسكر القوات الامريكية قرب مطار بغداد، ما حملت رسائل متناقضة عن أسباب وتوقيت الهجوم خصوصا وأنها تزامنت مع أحداث (11 سبتمبر).
وتعيش المنطقة في توتر منذ أكثر من شهر بانتظار الرد الايراني الذي وعدت به اسرائيل على خلفية مقتل اسماعيل هنية زعيم حركة حماس، بهجوم في طهران عقب مراسيم تنصيب بزشكيان، وسبقه مقتل فؤاد شكر القيادي في حزب الله بغارة بالضاحية في لبنان.
واشارت فصائل عراقية ضمن ما يعرف بـ"محور المقاومة" إلى ان قصف المطار "تشويش على الزيارة"، لكن لم يستبعد أن يكون الحادث يتعلق بالصراع بين "الإطار التنسيقي" ورئيس الحكومة محمد السوداني، حسبما يرجح محللون.
ولم تعلن السلطات الامنية في العراق، تفاصيل عن الهجوم الذي حدث بعد منتصف ليلة الثلاثاء، وقالت إنها "لا تملك معلومات"، ولم يتبن احد المسؤولية عن الحادث حتى اللحظة.
وكان وزير الدفاع ثابت العباسي أعلن أن بغداد توصلت إلى اتفاق مع واشنطن بشأن انسحاب القوات الأمريكية من العراق على مدى عامين، مؤكداً أنه "تم الاتفاق على إنهاء مهمة التحالف على مرحلتين".
بزشكيان في بغداد
في القصر الحكومي تم توقيع 14 مذكرة تفاهم بين بغداد وطهران، تتعلق بالجوانب الاقتصادية والسياحة، والثقافة، والزراعة، فيما أكد محمد السوداني رئيس الوزراء خلال استقباله الرئيس الايراني على "أهمية العمل الثنائي بين البلدين لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية في المنطقة، وبما يصب في مصلحة الاستقرار والتنمية"، بحسب بيان للحكومة.
من جانبه، أعرب بزشكيان، بحسب البيان، عن "رغبة الجمهورية الإسلامية في تعزيز العلاقات الثنائية، والمضي في برامج التعاون ومذكرات التفاهم بين البلدين".
وكان الرئيس الإيراني قد وضع إكليلاً من الزهور على نصب "قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس" الذي شيّد في المكان نفسه الذي قتل فيه قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، مطلع عام 2020، في ضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد.
ووصل بزشكيان، صباح الأربعاء، إلى بغداد، في أول زيارة له إلى الخارج منذ انتخابه في تموز الماضي، يسعى خلالها إلى تعزيز العلاقات الثنائية.
وقبل ذلك بوقت قصير كان صاروخان قد سقطا على مقربة من قوات أميركية متمركزة في معسكر النصر قرب مطار بغداد.
واكد رئيس خلية الإعلام الأمني اللواء الطيار تحسين الخفاجي، ان حركة الطيران طبيعية بمطار بغداد الدولي ولم تتوقف لجميع الرحلات.
وقال الخفاجي نقلا عن مصدر أمني مخول في بيان انه "في الساعة ٢٣٠٠ من يوم الثلاثاء سمع صوت انفجار داخل مطار بغداد الدولي في الجزء الذي يشغله مستشارو التحالف الدولي ولم يتسن للقوات الأمنية العراقية معرفة حقيقة ونوع الانفجار وأسبابه ولم تتبناه اي جهة ".
وأضاف، "كما أن القطعات الأمنية والاستخبارية تعمل لمعرفة حيثيات الموضوع وستعرض الحقائق حال اكتمال الصورة "، مؤكدا ان "حركة الطيران المدني طبيعية ولم تتوقف لجميع الرحلات".
وحتى الان (حتى لحظة كتابة التقرير) لم تعلق السفارة الامريكية في بغداد على الحادث، فيما لا توجد معلومات عن وجود اضرار.
إلى ذلك وصف الناطق العسكري لكتائب حزب الله جعفر الحسيني، القصف بـ"المشبوه".
وقال الحسيني في بيان: "استهداف مطار بغداد، وفي هذا التوقيت، تقف خلفه أيادي مشبوهة، والغاية منه التشويش على زيارة الرئيس الإيراني إلى بغداد، وندعو الأجهزة الأمنية إلى كشف المتورطيّن".
كتائب حزب الله كانت قد علقت الهجمات على القوات الامريكية في العراق وسوريا منذ شباط الماضي.
رسائل داخلية
وتعليقا على الحادث يقول احمد الياسري رئيس المركز العربي- الاسترالي للدراسات الستراتيجية ان "رسائل سياسية داخلية وراء الهجوم. السوداني قرر اخذ مسار معين وهو يتلقى الان الضربات".
الياسري يعتقد في اتصال مع (المدى) ان الهجوم ليس بعيدا عن الصراع الذي يدور داخل التحالف الشيعي بسبب "محاولة السوداني اخذ خط مخالف لاغلب توجهات الإطار التنسيقي".
واشار الباحث في الشأن السياسي إلى ان الحدث هو "احراج لرئيس الوزراء مع وصول الرئيس الايراني الى بغداد".
ونفى الياسري ان يكون بزشيكان يسعى الى التصعيد في المنطقة، واكد ان "الرئيس الايراني يتبنى سياسة الدبلوماسية الباردة مع المنطقة العربية والعراق، وهو من أوقف الهجوم الايراني على اسرائيل".
ورجح محللون في وقت سباق، زيارة بزشيكان الى العراق بأنها تتعلق بـ"رسائل الى الولايات المتحدة ودول الخليج".
كما ذكروا لـ(المدى) ان الرئيس الإيراني سيوجه رسائل تقليدية الى الداخل العراقي، تتعلق باستمرار "الهيمنة" السياسية والاقتصادية والامنية، واستخدام فصائل عراقية في الحرب بالشرق الأوسط.
ويتوقع أن تشهد زيارة بزشكيان اتمام الاتفاقية امنية، والتي كانت قد ابعدت المعارضة الايرانية الكردية.
وقال قاسم الاعرجي الثلاثاء الماضي، إن العراق أغلق 77 مقراً للمعارضة الإيرانية، على الحدود المشتركة في إقليم كردستان، وذكر أن "العمل جارٍ على توطين عناصر هذه الجماعات في بلد ثالث، بالتنسيق مع الأمم المتحدة".
بدورها، أفادت وكالة تسنيم التابعة لـ"الحرس الثوري"، بأن الحكومة العراقية "أجبرت" جماعات وصفتها بـ"الإرهابية" على إخلاء مقراتها والانسحاب من الحدود، وقالت إن العملية جزء من "تنفيذ جزء من اتفاقية أمنية بين طهران وبغداد".
في الأثناء قال حسن فدعم النائب السابق، انه بعد كل هجوم يجري "تحليل أمني وسياسي للبحث عن المستفيد من الحادث".
واعتبر فدعم في اتصال مع (المدى) بان "، القصف الاخير لم يكن بمصلحة العراق ولا النظام السياسي ولا حتى فصائل المقاومة، وليس فيه مصلحة بموضوع انسحاب القوات الأجنبية".
واضاف ان "من يقوم بهذا الفعل هو يريد بقاء القوات الاجنبية وزعزعة الأمن والاستقرار والهدوء السياسي، المراد ان يؤثر على الزيارة، ولكن لن يؤثر، والطيران مستمر، والزيارة تسير بشكل طبيعي، وهناك اتفاقيات ستوقع".
ودون ان يحدد هوية المستفيد، اشار فدعم وهو عضو في تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم الى ان "هذا سلوك واضح لمن اوجد (داعش) بالعراق ودعمه، ومن دعم الفوضى والمثلية والمظاهرات، ويريد خلط الاوراق، لكن لن تنطلي على العراقيين، والحكومة والقوى السياسية واعية لما يحدث في الساحة الداخلية والعالمية".
السوداني وبزشكيان يوقعان 14 اتفاقية في بغداد ورسائل صاروخية من مجهول على الأمريكان
محللون لا يستبعدون وقوف الصراع داخل "الإطار" وراء الهجوم
نشر في: 12 سبتمبر, 2024: 12:30 ص