المخاوف من تسرب الاقتتال السوري ومن انتصار الإسلاميين المتشددين في سوريا جعلت العراق يزن خياراته. فمع انهيار الأوضاع في سوريا، ويسري شعور بموجات من الصراع الطائفي في بغداد، حيث تكافح الحكومة العراقية المحاصرة بشق الأنفس من اجل الحفاظ على الاستقرار الهش في البلاد. وسبق أن صرح العراق بأنه يلعب دورا محايدا في الصراع الدائر في البلد المجاور، إلا أن العنف المتصاعد وتدخل اللاعبين الإقليميين وخوف حكومة بغداد من سلطة جديدة معادية في سوريا، كل ذلك يجعل الحياد أمراً مستحيلا. ويقول مسؤول عراقي طلب عدم ذكر اسمه "نعتقد أن نظام الأسد قد انتهى". والآن هناك قلق من أن العراق يقدم دعماً عسكريا لحكومة الأسد، كما أن مصداقية بغداد في الموافقة على إيقاف الشحنات العسكرية الإيرانية إلى سوريا تخضع للتدقيق ثانية بسبب عدم بذلها جهودا كافية في تفتيش الطائرات الايرانية التي تستخدم اجواء العراق.
ويقول احد الدبلوماسيين الغربيين "القلق الأكبر هو تسهيل الجسر الجوي الإيراني. العراقيون يعرفون ما تحمل تلك الرحلات الجوية ونحن كذلك، لكنهم مستمرون في تجاهلها. وان عملية التفتيش هي مجرد تمثيلية". وأضاف الدبلوماسي بأن الرحلات الجوية الإيرانية قد ازدادت بشكل كبير على مدى الأشهر القليلة الماضية في الوقت الذي يرى فيه الغرب دليلا على تواجد استخباراتي ايراني متزايد في القتال، واكد ان الرحلات تحتوي على اجهزة مراقبة وفنيين يساعدون الشرطة السرية السورية في العثور على المعارضين وقتلهم.
ومع قيام ايران بتوفير الدعم للحكومة السورية، فان دولا مثل السعودية وقطر تقوم بتمرير السلاح إلى قوات المعارضة، ويقول دبلوماسيون رغم ذلك فقد امتنعت دول الخليج عن تجهيز المعارضة بالأسلحة الإستراتيجية مثل صواريخ مقاومة الدبابات خوفا من أن تستخدم بالتالي ضد الدول التي قامت بتجهيزها. وخلال الاسبوع الحالي ذكر رئيس الوزراء نوري المالكي – الذي قضى سنوات المنفى في سوريا في عهد صدام- ان العراق غير قادر على تفتيش كل الطائرات المتجهة الى سوريا، لكنه اكد ان بلاده ملتزمة بالا تكون واسطة لنقل السلاح الى سوريا "لن نكون طرفا في الصراع بين الجيش السوري الحر والحكومة السورية". وبينما تمكنت الانتفاضات العربية من انهاء الانظمة القمعية فانها تهدد ايضا التحالفات التاريخية، فروسيا لا تخشى فقط من خسارة موطئ قدمها في الشرق الأوسط إذا ما سقط الرئيس الأسد بل تخشى أيضا من وصول الاعمال المسلحة والتشدد الإسلامي إلى السكان المسلمين في الجمهوريات السوفيتية السابقة. العلاقات التي تربط الكثير من الأشخاص – الذين سيطروا الى وقت قريب على المعارضة السورية – مع الاخوان المسلمين تثير أيضا مخاوف الحكومة العراقية من استبدال الأسد بحكومة سنية متشددة. وفي الوقت الذي كانت فيه سوريا تغض النظر عن انتقال مقاتلي القاعدة عبر حدودها لشن هجمات في العراق خلال الحرب الطائفية قبل بدء الانتفاضة السورية، فقد بدأت الحكومتان بتحسين علاقاتهما مع بعض.
عن نيويورك تايمز
نيويورك تايمز: بغداد تعلم بما تحمله طائرات طهران لدمشق والتفتيش مجرد مسرحية

نشر في: 7 ديسمبر, 2012: 08:00 م