TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إلتفاتة حول تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي

إلتفاتة حول تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي

نشر في: 16 سبتمبر, 2024: 01:09 ص

زهير كاظم عبود

في الوقت الذي ينشغل عدد من أعضاء مجلس النواب لمشروعات تكرس الاختيار الطائفي ٬ وتضعف قوة القانون ٬ وتسلب القضاء العراقي بعض من اختصاصاته ٬ وتحاول ان تلوي ذراع الدولة بذريعة الحرية في الالتزام بالأحوال الشخصية وفقا للمذاهب المختلفة ٬ دون ان تعي انها تخالف بذلك القانون المدني العراقي في المادة ٤٦|١ حول أهلية الشخص لمباشرة حقوقه المدنية ٬ والمادة ٩٦ حول بطلان تصرفات الصغير غير المميز باطلة وان أذن له ٬ والمادة ١٠٦ من القانون التي حددت سن الرشد بثمان عشرة سنة ٬ وتخالف أيضا نصوص قانون العقوبات العراقي في المادة ٦٤ بعدم جواز إقامة الدعوى الجزائية على من يكن وقت ارتكاب الجريمة لم يتم التاسعة من عمره ٬ ومخالفة قانون رعاية الاحداث في المادة ٣ منه ٬ بالإضافة الى التنصل من المعاهدات والمواثيق الدولية التي وقعها العراق والتزم بها ٬ وصادق عليها مجلس النواب لتصبح قوانين ملزمة ومنسجمة مع الدستور ٬ وكل هذا من أجل ان يتم اجراء عقود الزواج من عاقد ديني خارج المحكمة ٬ وكل هذا من اجل اجبار القاضي على اللجوء الى اعتماد الآراء الشرعية والمدونات التي يختلف عليها الناس بديلا عن القانون ٬ وكل هذا من أجل ان يصبح سن الزواج خارج حدود المنطق والعقل ٬ وكل هذا من أجل اخضاع المرأة الى سلطة الرجل وسلبها الحضانة التي قررها القانون النافذ باعتبارها الاحق بحضانة الصغير مالم يتضرر المحضون .
قبل تشريع قانون الأحوال الشخصية المرقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ المعدل كانت الأحوال الشخصية للعراقيين في العهد الملكي تنقسم الى ثلاث اقسام ٬ قضاء سني وقضاء شيعي ومجالس روحانية للمسيحيين والموسويين ٬ وفي محكمة التمييز كانت هيئة تمييز لقضايا السنة ٬ وهيئة تمييز لقضايا الشيعة ٬ حتى تم تشريع قانون موحد للعراقيين المسلمين يجمع المتفق عليه من اقوال الفقهاء والأكثر ملائمة للمصلحة الزمنية ٬ بديلا عن الاستناد الى النصوص الفقهية والفتاوى في المسائل المختلف عليها ٬ دعما لحياة اسرية مستقرة وحقوق مضمونة ٬ وتمت دراسة وتدقيق النصوص القانونية من قبل لجان مختصة من رجال القانون والفقه لوضع نصوص رصينة وغاية في المتانة التي توحد المسلمين بقانون ينظم احوالهم الشخصية ٬ لم تستطع اعتى الحكومات الرجعية واليمينية والدكتاتورية التي مرت على العراق ان تلغيه او تبدل المهم من نصوصه واحكامه ٬ وفي حينها تم تحويل رجال الدين العاملين في المحاكم الى قضاة للأحوال الشخصية فقط ٬ ولم يلغ القانون التزام العراقي بأحواله الشخصية بدليل ان جميع العراقيين من أبناء الشيعة يجرون عقود زواجهم عند العاقد الشرعي قبل اجراء عقد المحكمة ٬ والقيمة القانونية تكون للعقد الذي تجريه المحكمة ٬ كما يتحدد المذهب في عقود الزواج والطلاق أيضا ٬ ولكن سلطة المحكمة والتي تترافق مع مركزية الدولة تنظم كل تلك المسائل في الخطبة والزواج والطلاق والحضانة والنفقة والمواريث وغيرها ٬ وثبت ان الغاية من عقد الزواج بين الرجل والمرأة هو انشاء الحياة المشتركة والنسل بشرط تحقق الاهلية بتوفر الشروط القانونية والشرعية في طرفي العقد .
واذا كان العراقيون احرار بالالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم وفق ما تقوله المادة ( ٤١ ) من الدستور فلماذا يتم تطبيق قانون الأحوال الشخصية النافذ على أبناء الايزيديين والمندائيين ؟ وهم من أبناء ديانات اقرها الدستور ٬ وباتت معروفة وملموسة لكل العراقيين ٬ وهم ليسوا بمسلمين ٬ اما كان الاجدر والاقرب الى تطبيق معاني الحرية التي وردت في النص الدستوري انصاف مواطنين عراقيين يتم تجاهلهم وغبنهم بشكل لم يعد خافيا على احد.
والعراقيون متساوون ( دون تمييز ) امام القانون بسبب الجنس او العرق او القومية او الأصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الراي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي ٬ والحقوق المدنية والسياسية والدينية يتساوى بها المواطنين وفقا لأسس الديانات كلها دون استثناء ٬ ووفقا لنصوص العهد الدولي وميثاق حقوق الانسان ٬ فمتى يفكر نوابنا الافاضل بتشريع قانون للأحوال الشخصية للايزيديين وللصابئة المندائيين ٬ دون ان نقوم بتطبيق ما يتقاتل عليه أصحاب التعديلات التي لامجال لها في قوانين رصينة تتضمن قواعد قانونية تحمي العائلة والرجل والمرأة والطفل .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أحلام المشهداني

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

قناديل: بغدادُنا في القلب

عنوانان للدولة العميقة: "الإيجابية.. و"السلبية"

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram