بسام عبد الرزاق
أقام بيت المدى في شارع المتنبي، يوم الجمعة، جلسة استذكار للراحل الدكتور عناد غزوان، في الذكرى الـ20 لرحيله، بحضور نخبة من مجايليه وطلبته، والذين اجمعوا على خصوصية الراحل وموسوعيته واهمية ما قدمه للثقافة العراقية. ميسر الجلسة د.حسن أحمد الظفيري، استهلها بالقول: الراحل الدكتور عناد غزوان قد حفر اسما في عالم الادب ونفوس طلبته وزملائه بصورة عامة.
وأضاف، انه "تعرفت عليه اسما قبل ان التقيه، وما أجمل ان يكون اللقاء أحلي من الكلمات، فقد اتاحت لي الاقدار ان اتتلمذ على يديه عام 2002 في مرحلة الماجستير، ولا أخفي انني قد أكون افدت من دراستي في الفصل الذي درسنا فيه د. عناد غزوان أكثر مما افدت به من عدد كبير من مراحل الدراسة، فقد كان موجها كبيرا قبل ان يكون أستاذا وهو لكل من يعرف أقرب للاب من الأستاذ".
من جهته قال د. سعيد عدنان، ان "الراحل عناد غزوان خطيب وصاحب محافل منذ ان عاد من دراسته في بريطانيا وهو صاحب محافل علمية واجتماعية رفيعة المستوى ومع حضوره الدائم في المحافل العلمية الرسمية لم ينزلق الى ممالأة سلطة وهذه من غرائبه، والكل يعلم ما الذي كنا فيه في الزمن السابق ومن ضغوط على المثقفين وعلى الأساتذة، ومنهم من صمت ولزم بيته ومنهم من انجرف اما د. عناد غزوان فقد بقي حاضرا في الصحافة والجامعة والتأليف والمحافل الأدبية ولم يمالئ بكلمة واحدة السلطة القائمة".
بدوره قال د. عقيل مهدي، انه من خلال علاقتي بالراحل الدكتور عناد غزوان، العلمية والإنسانية، قد علمنا ان نوغل بالاستطراد ونكثف، وأشار إلى كتابه الخاص بالراحل، مبينا ان "اسم الكتاب (النقد واسرار النص) الصادر عن اتحاد الادباء عام 2023 ويتضمن ثلاث دراسات، (الحديثة، دراسات في التراث، الترجمة)".
وأضاف، ان "من صفات الأستاذ عناد سعة اطلاعه وعمق تفكيره وتعبيره برصيد لغوي عربي وانكليزي، متناولا التراث العربي القديم ومخطوطاته وصولا الى الحاضر واطروحاته الثقافية بإتقان وكفاية اسلوبية رفيعة ببراعة التفسير ومهارة النقد موظفا الأطر المنهجية المتماسكة بخطة البحث وانساق مفرداته وجمله وفقراته وتصنيفات فصوله ما بين مشكلة البحث والمصطلحات الإجرائية وعينة البحث والنتائج التي استنبطها بمنطق جوهري عضوي متماسك، ليخلص الى صياغة متقنة دالة لمباحثه بأسلوب أكاديمي وانتقاء مصادره ومراجعه القيمة".
وتابع، ان "أستاذ عناد استطاع ان يثري قاموس الادب والنقد والفن بتبنيه لمناهج تداولية جديدة، لأجيال من طلبة الجامعات في العراق وخارجه، وببعد اكاديمي ومحاضرات موسوعية وفي كليات متنوعة، وكذلك في تمرسه باللغة الإنكليزية وتراجمه القيمة وترؤسه للجان الترجمة ورئيسا للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق وترأس قسم اللغة العربية في كلية الآداب جامعة بغداد، ويشرفني انه استدعاني لكي أكون احد المناقشين لأطروحة د. تيسير الالوسي وكان الرجل فرحا باني اجلس مع كبار الأساتذة، لأنه كان يعترف بقيم وقدرات الشباب الذين يأتون مع الكبار".
د. سعد التميمي، تحدث عن الراحل بالقول: من اين نبدأ بالحديث عن استاذنا عناد غزوان وهو الذي لا يشبهه أحد، وقد يشببه بعضهم بجانب من هذه الجوانب، لكن ان يجمع كل ما جمعه عناد غزوان في الساحة العراقية، بالترجمة والنقد وقبل ذلك كله كانسان، انسانيته مميزة ولم اتتلمذ على يديه مباشرة لكن وهج عناد غزوان وحضوره هو الدي فعني من الموصل ان أكون طالب في جامعة الموصل، وعندما دعي لندوة في جامعة الموصل عن قضية المعادل الموضوعي، وكان اثار جدلا كبيرا عربيا وعراقيا ومازال هذا الجدل، قدم رؤية دقيقة ملخصها قال: هي وحدة العاطفة بين البطل والمتلقي، وقدم مصطلح المعادل الجمالي، وفي مناقشة للدكتور صالح الهويدي بارك له وقال له انك اجترحت مصطلح المعادل الرمزي عندما كان يتحدث عن ثيمة الجنس في القصة العراقية.
وأشار الى ان "الراحل د.عناد ادخل المصطلحات النقدية الأدبية الى الفنون المسرحية والتشكيلية، بل حتى العمارة، وفي جلسة ذكر لنا د. معتز انع عمل بحث بعنوان (الاستعارة والعمارة) هذه المزاوجة، والراحل لا يمكن الإحاطة به".
ونوه الى انه "كثيرة هي القضايا التي وقف عندها الراحل د. عناد غزوان، ووقف عند مصطلح التراث والمعاصرة، وعندما وقف عند قضية، كيف يتناول النص المعاصر الحديث بمنظور تراثي، وكيف يعالج النص التراثي بمنظور حديث، يقول لا ضير، ويمكن ان انطلق من التراث في معالجة النص الحديث وممكن ان اقف عند النص التراثي بأدوات حديثة، هذا دليل على ان فكر د. عناد يستوعب الاخر، لذلك عندما يتحدث عن خطاب النقد العربي، يقصد به الخطاب التراثي وما اخذه من الاخر، ويؤكد انه في الخطاب علينا ان نبتعد عن المبالغة في الاصطلاحات والتعمية في الخطاب النقدي، ويجب ان يبقى الخطاب النقدي بسمة أدبية وان يكون تفاعل ما بين ذات الكاتب والنص".
نجل الراحل د.معتز عناد غزوان قدم شكره لمؤسسة المدى لمبادرتها "الطيبة والاصيلة"، كما وصفها، وهو الاستذكار الثاني الذي تقوم به المؤسسة.
وأضاف، ان "الحديث عن الوالد كما أشار الأساتذة بانه كان إنسانيا، ويقول دائما بان العلم والإنسانية يجب ان تسير بطريق متوازي، وكان متواضعا حتى في عائلته، ويعلمنا بان هناك نمط من الأساتذة الأكاديميين الذين يأخذون شهادات الماجستير والدكتوراه ولكنهم متعلمين ويتحولون الى أساتذة نمطيين يدرسون المادة ويخرجون الى التقاعد، لكنه كان يؤمن بان الأستاذ الأكاديمي المثقف هو أكثر مدى من الأكاديمي المتعلم، كون مدى الثقافة اعلى واسمى في نطاق الاتصال مع الاخر، وأيضا كان موسوعيا في اللغة والادب وادخل مصطلحات مهمة للعمارة والمسرح والفنون التشكيلية واشرف على اطاريح فيها".
وبين انه "كان متمسكا بان قوته خلال الأنظمة السياسية التي مرت على العراق، بانه يمتلك علما وثقافة، وكانوا لا يستغنون عنه، كبار الرؤساء والوزراء عندما عاد عام 1963 الى وفاته عام 2004 السياسيون كانوا من كل الاتجاهات يحترمونه".
في ختام الندوة تحدث، الباحث رفعة عبد الرزاق، مشيرا الى ان "الأستاذ عناد غزوان، الاديب والباحث والمحقق والمترجم والأكاديمي الكبير الذي يحظى بإعجاب اغلب الذين تتلمذوا على يديه". واكمل انه "اتحدث عن مشهدين عن الراحل، الأول مفرح والثاني حزين، والأول في سبعينيات القرن الماضي حين عقد مهرجان المتنبي، لقد حبا الله الدكتور عناد غزوان الالقاء الجميل، ولم يضارعه أحد بطريقة الالقاء واستخدام الألفاظ المؤثرة بالجمهور والالفاظ الاخاذة من اللغة العربية، في مهرجان المتنبي كانت كلمة الراحل عن تأثيرات شعراء العصر الإسلامي الأول اذ كان الراحل مهتما بهذه الفترة وتأثيراته على الشاعر المتنبي، ولكنه ابدى الكثير من الملاحظات والاتهامات لرموز الشعر العربي في فترة من الفترات وكانوا جالسين كبار الشعراء العرب، لكنه قدم الأدلة على هذه الاتهامات واكنت موضع اعجاب عند كثيرين، هذه الذكرى جميلة وتقابلها ذكرى محزنة". وتابع، انه "في أوائل عام 20024 شاهدت الدكتور عناد غزوان وليتني لم اشاهده، كان متكئا على عصا ومعه شخص يسنده عند القيام والقعود، فما هذا الذي حل بالدكتور عناد غزوان هذا الطود الكبير حتى سمعت خبر نعيه واذيع يوم الاحد كما أتذكر".