علي حسين
ما معنى أن يخرج علينا الخطيب سعد المدرس ليوزع اتهاماته على عدد من المحاميات ذنبهن الوحيد أنهن دافعن عن حق المرأة في مجتمع يحترم كرامتها ووجودها .. ربما شاهد الكثير من القراء الفيديو الذي وزع فيه المدرس شتائمه على المحاميات وجميع الفتيات والنساء اللواتي شاركن باحتجاجات تشرين ، ولم يكتف بذلك بل حرض على قتل كل من يعترض على تعديلات قانون الأحوال الشخصية .. فالجميع غير شرفاء في عرف الشيخ المدرس ، والجميع يجب أن يعاقبوا حتى وصل الأمر به أن يحرض ضد ممثلين شباب ذنبهم الوحيد انهم يقدمون مشاهد كوميدية .
تخيل لو أن رجل الدين هذا في بلد يُحترم فيه القانون والإنسان، هل يستطيع أن يصف النساء بأوصاف بذيئة ؟.. وبعيداً عن المدرس وعقدة المرأة ومطاردة برنامج ولاية بطيخ ، دعوني أسأل : لماذا صمتت نقابة المحامين؟ ، ولماذا لم تصدر النقابة حتى هذه اللحظة بياناً يدين فيه اتهامات الخطيب سعد المدرس؟ .. والسؤال الاهم : ما موقف النقابة من تعديل قانون الاحوال الشخصية ؟ .
طبعاً لست خبيراً في شؤون المحاماة والقضاء ، لكنني أعرف أن النقابات المهنية في مثل هذه الحالات، تصدر بيانات تدافع فيها عن الأعضاء المنتمين لها ، لكننا في العراق وجدنا نقابة المحامين تصدر بياناً تطالب فيه القنوات الفضائية ووسائل الإعلام بعدم استضافة أي محامي لا يأخذ موافقة النقابة لكي يتحدث للناس .. بل ان النقابة " مشكورة " اخبرتنا ان النقابة احالت عدد من المحاميين الى لجان السلوك المهني بسبب ظهورهم في شاشات التلفزيون ، بل اخبرتنا النقابة مشكورة انها تتعرض لحملة تشويه دولية !! .
تخيل جنابك أمام تهديدات المدرس وقبلها فتوى التكفير التي أصدرها رشيد الحسيني ، تخرج علينا نقابة المحامين تطالب بعدم الحديث عن قانون الأحوال الشخصية ولترفع النقابة شعار " الباب اللي تجيك منه ريح سده واستريح " .
ولأنني مثل ملايين العراقيين أعرف أن نقابة المحامين ستواصل صمتها وستستخدم حكاية الدفاع عن سمعة مهنة المحاماة في حكايات السمر والبيانات الثورية ، وستخلد النقابة بعدها إلى النوم العميق، بعد أن توهم العراقيين بأنها اكتشفت الحقيقة، وأن بعض المحاميين أرادوا أن يضحكوا على العراقيين، وأنهم يسيئون " للحمة الوطنية " ، ولهذا كان لا بد من أن تبعد النقابة نفسها عن " وجع الراس " الذي يريد تعطيل عجلة القانون في العراق .
صمت النقابة والذي رافقته شتائم وسخريات الخطيب سعد المدرس ، أجدها اليوم تثير الأسى من مرحلة التدهور التي وصلت إليها أحوال النقابات المهنية في العراق.