TOP

جريدة المدى > سياسية > بين الفساد والمحاصصة.. ما الذي حققته مجالس المحافظات بعد 10 أشهر على الانتخابات؟

بين الفساد والمحاصصة.. ما الذي حققته مجالس المحافظات بعد 10 أشهر على الانتخابات؟

نشر في: 16 سبتمبر, 2024: 01:38 ص

بغداد/ تبارك عبد المجيد
مرّ أكثر من نصف عام على تشكيل معظم الحكومات المحلية، وهي مدة كافية لتحقيق تحسن في الخدمات، إلا أن الواقع يشير إلى أن تلك المجالس لم تنجح في تحقيق الغايات المرجوة.
ويتجلى هذا بوضوح في استمرار الاحتجاجات الشعبية في مختلف المدن العراقية، مما يثير تساؤلات حول أسباب تعثر عمل هذه المجالس، وما إذا كانت المحاصصة الحزبية تلعب دورًا في هذا التعثر؟
رأى المحلل السياسي محمد زنكنة أن آلية انتخابات مجالس المحافظات كانت بعيدة تمامًا عن أي اتفاقات سياسية يمكن أن تساهم في الاستقرار. وبيّن أن «تشكيل هذه المجالس اعتمد بشكل كبير على التهديدات والنفوذ الحزبي، بالإضافة إلى الاتفاقيات المحلية بين بعض الأطراف».
وقال زنكنة لـ(المدى)، إن “الكتل التي تمتلك أقلية جماهيرية، لكنها تمتلك نفوذًا سياسيًا، وأسلحة، واستغلت أموال الدولة في مشاريع خاصة، هي التي سيطرت على تشكيل مجالس المحافظات، وهذا يظهر بوضوح في كركوك ونينوى، وكذلك في التهديدات التي شهدتها ديالى وبعض محافظات الجنوب».
وأشار زنكنة إلى غياب الرقابة على أداء هذه المجالس، مستدلاً بحوادث السرقات التي تتكشف بين الحين والآخر، قائلاً: “لا توجد أي رقابة من مجلس النواب أو مجالس المحافظات نفسها على ما يحدث”.
كما أكد أن المحاصصة السياسية لا تزال موجودة، ولكن بطرق جديدة، من خلال اتفاقات بين أطراف معينة لضرب التوافق وتحقيق الأغلبية.
كما أوضح زنكنة أن “الفساد في العراق ازداد بشكل كبير، مما أدى إلى تقدم البلاد في تصنيفات الدول الأكثر فسادًا عالميًا”.
وأردف قائلاً: “حتى هذه اللحظة، لم تسهم مجالس المحافظات في حل المشاكل، بل زادتها تعقيدًا وعمقت الخلافات بين الأطراف السياسية، مما أدى إلى تدمير المبادئ التي تم الاتفاق عليها أثناء تشكيل الحكومة».
من جهته، قال الناشط السياسي علي القيسي، إن مجالس المحافظات في العراق “تشهد تحديات كبيرة تعيق دورها الخدمي والرقابي، اذ تهيمن عليها قوى سياسية تكرس المحاصصة الحزبية والفئوية، بالتالي تم افراغ المجالس من محتواها الحقيقي”.
وأضاف القيسي: “في ظل هذه المحاصصة أصبحت المجالس عاجزة عن تحقيق التغيير الذي ينشده المواطنيين، مما أدى إلى تفاقم الأزمات في المحافظات وغياب الاستقرار سياسي، في وقت تتعالى فيه الأصوات المطالبة بإصلاح هذه المجالس وضمان تمثيل وتقديم خدمات تلبي احتياجات المجتمع».
وأكد القيسي لـ(المدى)، أن “هناك إرباكاً في العمل الخدمي نتيجة محاولة فرض إرادات معينة وتجاوز الصلاحيات الممنوحة لها”، وعزا القيسي عدم ظهور أي دور إصلاحي لهذه المجالس إلى أنها “جاءت نتيجة قانون شرع من قبل قوى المتنفذة في السلطة، بما يتناسب مع مصالحها، مبيناً أن “المزاج السياسي يتجه نحو الانتقام والإقصاء، ما قد يؤدي إلى أزمات جديدة».
ويرى القيسي ان “هناك غياب للرغبة الإصلاحية، وسط تعثر الإدارات المحلية وعدم رضا مجتمعي عن الخدمات المقدمة”، ودعا إلى ضرورة ان “يصنع الجمهور رأيًا عامًا يفرض على هذه المجالس تغيير سلوكها، والمساهمة في إيصال ممثلين أفضل في الانتخابات المقبلة لهذه المجالس».
من جانبه، وصف مصدر مسؤول في محافظة الديوانية، رفض الكشف عن اسمه، الأداء الإداري للمحافظ الحالي بأنه يتسم “بالتلكؤ، ولا يختلف كثيراً عن أداء المحافظين السابقين».
وارجع المصدر في حديث لـ(المدى)، أسباب التلكؤ، إلى “عوامل ذاتية تتعلق بشخصية المحافظ نفسه كقائد وإداري، وأسباب أخرى تتعلق بالظروف المحيطة به. المحافظ يمسك بالصلاحيات بشكل مفرط ويرفض تفويضها لنوابه أو لرؤساء الوحدات الإدارية، وهو ما أثر سلباً على الأداء الإداري والفني، وكذلك على تسهيل الأمور اليومية ودفع عجلة الإعمار في المحافظة».
يرى المصدر أن “المحافظ يركز على بعض الملفات ويهمل أخرى. فبينما يُعطى ملف الإعمار أولوية كبيرة، فإن هذا التركيز يأتي على حساب قضايا أخرى مهمة مثل إدارة البلديات والكهرباء والماء والزراعة”.
وأوضح أن “ملف الزراعة، رغم أهميته باعتبار الديوانية محافظة زراعية، لم يحظَ بالاهتمام الكافي من المحافظ، الذي يبدو أنه يفضل الانشغال بمشاريع تنمية الأقاليم».
وأشار المصدر إلى، أن “التدخلات من قبل أعضاء مجلس المحافظة في الشؤون الإدارية والتنفيذية تزيد من تعقيد المشكلات. إذ يتكون المجلس الحالي من أعضاء يفتقرون للخبرة والكفاءة اللازمة للتعامل مع هذه الملفات، ومع ذلك فإن تدخلاتهم المباشرة أثرت سلباً على أداء الدوائر المختلفة.
وفي السياق ذاته، أكد المصدر أن “المحافظ يسمح بتدخلات غير مبررة من بعض النواب في المشاريع الكبرى، مما يؤثر على جودة العمل. على سبيل المثال، شهد مشروع مجاري غماس تدخلاً من إحدى النائبات التي فرضت استخدام مواد غير مطابقة للمواصفات، ما أدى إلى فشل تلك المواد في الاختبارات واستبدال المهندس المسؤول عن المشروع بعد رفضه استخدام هذه المواد».
وأضاف المصدر أن “هناك ضعفاً واضحاً في التخطيط، حيث أن مقترحات مشاريع عام 2024 لم تُستكمل حتى الآن، رغم اقتراب نهاية العام. كما أن أقسام التخطيط في المحافظة والدوائر التابعة لها لم تنجز بعد إعداد الكشوفات والبيانات الخاصة بالمشاريع. أما خطط عام 2025، التي كان من المفترض أن تكون جاهزة في هذا الوقت، فلم تبدأ بعد».
في تقييمه لأداء المحافظ، أشار إلى أن “أداء المحافظ لم يتجاوز نسبة 35%، ما يعكس ضعفاً واضحاً في الإدارة وفشلاً في تنفيذ الخطط والمشاريع الحيوية”. وأوضح المصدر أن “محافظة الديوانية تعرضت للإهمال لسنوات طويلة، وكانت تأمل في تعويض هذا التراجع من خلال تخصيصات مالية كبيرة من الحكومة المركزية».
الى ذلك، أكد عضو مجلس محافظة نينوى، أحمد الكيكي، في تصريح صحفي، أن الوضع في محافظة نينوى لم يشهد تغييراً كبيراً حتى الآن، مشيراً إلى وجود تطور طفيف فقط في بعض المجالات. وقال الكيكي: “للأسف، المجالس المحلية لم تلعب دوراً حقيقياً في تحسين الأوضاع في المحافظة بسبب الصراعات الداخلية التي تعصف بها».
وأضاف الكيكي أن هذه الصراعات ليست حديثة العهد، فقد كانت موجودة حتى قبل أن تتفاقم، مشيراً إلى أن “اللجان الخمسة الأهم في المجلس، وهي لجان الصحة، الأمنية، الخدمات، المالية، والإعمار، لم تكن مكتملة منذ البداية بسبب محاولة بعض الأطراف الاستحواذ على حصص أكبر من استحقاقاتهم».
وأوضح الكيكي أن هذه المشاكل الداخلية عطّلت عمل المجلس وجعلت دوره ضعيفاً في تلبية احتياجات المحافظة. واختتم تصريحه بالقول: “أعتقد أن المجلس نفسه بحاجة إلى تقييم شامل، ولم أتناول هنا أداء المحافظ سواء كان جيداً أم لا، لأننا بحاجة أولاً إلى إصلاح المجلس».
وقال عضو لجنة الخدمات البرلمانية محما خليل، إن “اللجنة المعنية بتقييم أداء المحافظين هي لجنة الخدمات والإعمار وفق الدستور، وهي من تقع عليها محاسبة المتلكئين من المحافظين، ممن فشلوا في تنفيذ برامجهم وأساؤوا استخدام المال العام”. وأضاف، أن “مجالس المحافظات بإمكانها أيضا بموجب القانون مراقبة عمل المحافظين واستجوابهم، وهي تمتلك هذه السلطة، لكنها لم تفعل حتى الآن”.
وبين خليل في تصريح صحفي ، أن “لجنة الخدمات الحالية لم تكن بمستوى اللجنة الحقيقية ولم تؤد دورها الرقابي بمحاسبة المحافظين ولم تطالبهم بأي برامج كما لم تتم دعوة أي محافظ على الرغم من مضي فترة كافية للتقييم”، لافتا إلى أن “هذه اللجنة بإمكانها دعوة المحافظين المتلكئين إلى البرلمان وسحب الثقة عن بعضهم بعد استجوابهم».
وأشار إلى أن “الخدمات في المحافظات ما زالت متدنية جدا، والحكومات المحلية فشلت في إيصال رسالة البرنامج الحكومي الذي يطرحه رئيس الوزراء بتسمية كابينته الوزارية بحكومة الخدمات”.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

مقالات ذات صلة

هل فجرت مقاعد السوداني المتوقعة بالانتخابات المقبلة و
سياسية

هل فجرت مقاعد السوداني المتوقعة بالانتخابات المقبلة و"معامل الإسفلت الوهمية" الأزمة داخل الإطار؟!

بغداد/ تميم الحسنعلى غير العادة في العامين الأخيرين، لم يكن خبر قرب "تصفية الخلافات" بين بغداد وإقلم كردستان مريحا لـ"الإطار التنسيقي" الذي يهاجم الحكومة منذ شهر على الأقل لأسباب غير معلنة.وكان "الإطار" قد تبنى...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram