اعرب نواب من كتل مختلفة امس الجمعة عن اعتقادهم بأن ثقة جميع الاطراف برئيس مجلس الوزراء نوري المالكي "قد تزعزعت بشدة"، معتبرين هذا العائق الاساسي امام اي اتفاق سيبرم معه سواء لحل مشكلة طوزخورماتو او غيرها.
وبينما ذكرت مصادر في التحالف الوطني انها ابلغت الرئيس طالباني بأن "التحالف لم يعد له وجود لانه لم يجتمع منذ ازمة طوزخورماتو، واصبح مجرد زعامات ساخطة وغير راضية عن اداء المالكي"، ذكرت نائبة عن الاتحاد الوطني الكردستاني ان الظروف التي تمر بها المنطقة تحتم على الجميع ان يقوموا ببناء "شكل من اشكال الثقة" لتهدئة الوضع الداخلي.
واذ ينتظر الجميع انطلاق مفاوضات بين قادة عسكريين من اربيل وبغداد كلجان فنية لوضع طريقة تنفذ مبادرة رئيس البرلمان اسامة النجيفي القاضية بسحب قوات الطرفين وتعزيز الشرطة المحلية في كركوك، اعلن مكتب القائد العام للقوات المسلحة امس الجمعة في بيان، ان المالكي طلب منهم "وضع خارطة ميدانية" لتفعيل المبادرة التي حملها النجيفي.
وجاء في البيان الذي تسلمت "المدى برس" نسخة منه "بناء على مبادرة رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة لمعالجة الأوضاع في المناطق المختلطة، اجتمع دولته مع وزارتي الدفاع والداخلية والأمن الوطني واتفقوا على وضع خارطة ميدانية لتفعيل المبادرة".
وكان المالكي قد اتصل هاتفيا برئيس الجمهورية صباح امس، لكن مصادر مطلعة اكدت ان الحوار التلفوني "اقتصر على الترحيب به في بغداد وبضعة مجاملات".
وعاد الرئيس طالباني الى بغداد منذ 5 ايام، ينهمك في لقاءات مع جميع الاطراف العراقية الى جانب لقائه الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي زار بغداد واعرب عن قلق دولي بشأن الازمة العراقية، فضلا عن مباحثات مع سفيري الولايات المتحدة وايران.
وفي حديث مع "المدى" يقول شوان محمد طه ان "الكثير من القوى السياسية ومنها التحالف الكردستاني لم تعد تثق بدولة القانون وبرئيس الوزراء" مضيفا "كلما توصلنا الى حل لازمة قام دولة القانون بافتعال ازمة جديدة وارجاع العلاقات الى وضع سيئ".
وقال طه "نحن الكرد والشارع الكردي فقدنا الثقة بدولة القانون وبشكل قطعي ونرفض اي تعهدات او حلول جديدة ترقيعية تصدر من رئيس الوزراء"، مشددا على ان "البلاد تعيش في ازمة حقيقية وتحتاج الى تعهدات بمستوى المشكلة ولايمكن الرجوع مرة اخرى الى الوعود القديمة التي تخرقها دولة القانون بعد ايام".
وحرص طالباني في بيان صدر مؤخرا وجهه الى الشعب العراقي، على ان "لغة التهديد" لا تبني العراق الجديد، محذرا من ان الأزمة التي تعيشها البلاد تهدد بـ"أجواء الاحتراب" ووصفها بأنها "ليست بالهينة". واعتبر ايضا ان أسوأ ما في الأزمة الراهنة بين بغداد واقليم كردستان اقترانها "بتحشيدات متبادلة للقوات والتلويح باستخدامها". ودعا الاطراف الى "التهدئة لتجنب التوتر الميداني والسياسي والإعلامي" بهدف استكمال مشاوراته التي بدأها مع الكتل منذ وصوله الى العاصمة بغداد.
وتعترف نائبة كردية من الاتحاد الوطني الكردستاني بمشكلة بناء ثقة جديدة مع المالكي، لكنها تقول ان عدم وجود البدائل لحل الازمة السياسية سيحتم على الجميع "التوصل الى تفاهمات جدية مع رئيس الوزراء.. الاطراف السياسية مضطرة الى صناعة نوع من الثقة مرة اخرى بالمالكي".
وترى آلا طالباني ان "مباحثات رئيس الجمهورية مع عدد من الكتل السياسية هدفها العثور على حلول جديدة".
واضافت ان "التعهدات القديمة تبخرت ولم تجد الكثير من الازمات طريقها الى الحل لكن عدم وجود البدائل لايترك مجالا الا لبناء التزامات جديدة مرة اخرى مع رئيس الوزراء".
من جانبها ترى النائبة عن القائمة العراقية سهاد العبيدي، ان "الازمة بين بغداد واربيل مفتعلة وليس لها مبرر سياسي او عسكري"، مشيرة الى وجود اتفقات سابقة بين الطرفين لتنظيم التواجد الامني يمكن الرجوع اليها.
وتعتقد العبيدي في حديث لـ"المدى" ان الازمة بين الاطراف يصعب حلها نهائيا في ظل جو عميق من "انعدام ثقة" مشيرة الى ان اي حوارات جادة ستكون مطالبة بترميم هذه الثغرة التي "هددت كل العلاقات الوطنية".
واكد رئيسا الجمهورية ومجلس النواب، خلال لقاء امس الجمعة، ضرورة تفكيك الازمات الحالية التي تواجهها البلاد حاليا، واعتماد العمل الدؤوب من أجل "صيانة النسيج الوطني"، فيما اشاد النجيفي بالجهود التي يبذلها طالباني لتعزيز اللحمة الوطنية.
وذكر بيان لرئاسة الجمهورية تلقت "المدى" نسخة منه أن "رئيس الجمهورية جلال طالباني استقبل رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي وتم التأكيد خلال اللقاء على ضرورة تفكيك الازمات الحالية التي تواجهها البلاد".
كما ذكر البيان أن "الطرفين شددا على اعتماد العمل الدؤوب من أجل صيانة لحمة النسيج الوطني العراقي ووحدة جميع مكوناته وإعادة الثقة بين الفرقاء السياسيين".
وبحسب البيان، "ابدى النجيفي تقديره لجهود رئيس الجمهورية جلال طالباني من أجل تعزيز اللحمة الوطنية وتذليل العقبات امام بدء الحوارات السياسية البناءة".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قال خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده، الخميس الماضي مع رئيس الحكومة نوري المالكي في بغداد، انه أبلغ المالكي، بقلق المؤسسة الدولية من الأزمة الناشبة في المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان، فيما أكد أن بعثة الأمم المتحدة في العراق مستعدة لتقديم المشورة من أجل الوصول إلى حل.
واعلن المالكي خلال المؤتمر نفسه، أن الأزمة في المناطق المتنازع عليها بين حكومته وإقليم كردستان باتت في طريقها إلى الحل عبر مقترحين، فيما بين أن أحدهما ينص على الاستعانة بأبناء تلك المناطق لتوفير الحماية الأمنية لها، مؤكدا ان هذا الوضع سيستمر لحين إقرار البرلمان مشروع قانون ترسيم حدود المحافظات.