واسط / جبار بچاي
يحتفظ قضاء الحي في محافظة واسط بالعديد من المهن التراثية، ومنها صناعة سروج الخيل التي يعود تاريخها إلى أكثر من 150 عاماً. تحتفظ السروج بهويتها بفضل الشغّالين في هذه المهنة الذين توارثوها أباً عن جد، وبالرغم من تناقص أعدادهم من 45 سراجًا إلى اثنين أو ثلاثة سراجين، ما زال سرج الفرس الذي يصنع بأيديهم يحظى بطلب مربي الخيول رغم تأثره بارتفاع أسعار الجلود وباقي المواد الداخلة في صناعته. ويتراوح سعر السرج حالياً ما بين 400 ــ 900 ألف دينار، تبعاً لشكله وطبيعة النقوش والألوان فيه.
يقول مهند عباس الحيّاوي، وهو آخر السراجين الكبار في المدينة، إن “صناعة السروج هي واحدة من المهن التراثية في المدينة، وتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد. وأنا توارثتها عن أبي الذي ورثها عن جده، عندما كان عدد السراجين 45 سراجاً، اشتهروا بصناعة سروج الخيل وباقي الصناعات اليدوية الجلدية مثل الأحزمة والغِمد (كِراب) الذي تحفظ فيه البندقية والمسدس، والسيوف والخناجر وحمالات العتاد وغير ذلك".
وأضاف في حديثه لـ(المدى)، “تحتاج صناعة السرج الواحد إلى نحو سبعة أيام، ومن أهم الأجزاء الداخلة فيه الخشب والجلد الفطير (غير المدبوغ). إذ يتم أولاً جَرْخ الخشب لصنع هيكل السرج (المطرحة)، ومن ثم تغليفه بالجلد وإضافة النقوش عليه، وهي بأشكال مختلفة تبعاً لقدرة السراج. ويضاف إليه البندر (الرشمة) التي توضع على رأس الفرس ويمسك بها الفارس، بالإضافة إلى حزام البطن والركاب، وهو الجزء الذي يضع الفارس قدمه فيه عند ركوبه الفرس للسيطرة عليها".
وذكر أن “رواد هذه المهنة، وعلى مدى السنوات الماضية، كانوا يعملون في دكاكين صغيرة متجاورة مع بعضها، متعاونين فيما بينهم على الارتقاء بمهنتهم وإضافة كل ما يجعل السرج الحيّاوي مميزًا ومرغوبًا في كل مكان". أما السيد حميد الزاملي، كاتب وأديب ومن المهتمين بتوثيق تراث المدينة، فيقول إن “صناعة السروج مهنة معروفة في قضاء الحي، وكانت تُدار من قبل أمهر السراجين الذين حرصوا على إتقان تلك الصناعة، بحيث تفردت بها مدينة الحي ولاقت السروج المصنوعة فيها إقبالاً كبيراً من قبل مربي الخيول في جميع المحافظات العراقية. كما وصلت سروج الحي إلى كل دول الخليج وبلاد الشام والأهواز في إيران، وهناك سروج أخذت إلى أستراليا وبلدان أخرى تهتم بتربية الخيول".
وأكد الزاملي على أن “صناعة السروج ما تزال تقاوم الاندثار، وهناك زيادة نوعًا ما في الطلب عليها بالتزامن مع إقامة نشاطات لسباق الخيول في عدد من المحافظات مثل واسط والسماوة وغيرها، ما جعلها تعود إلى الواجهة مجدداً رغم قلة عدد السراجين.”