بغداد/ تميم الحسن
قدم "الإطار التنسيقي" الشيعي مشروعين آخرين لباقي الطوائف والقوميات، ليتمكن اخيرا من قراءة تعديل قانون "الأحوال الشخصية" للمرة الثانية.
وعلى الرغم أن القوى الاخرى "غير الشيعية" -بحسب آخر المواقف- لن تستخدم التعديل الجديد في أحوالها الشخصية، لكنها قد تصوت لصالح القانون، بحسب رواية "الإطار".
واضطر التحالف الشيعي إلى استمالة باقي الاطراف السياسية بـ"اغرائهم عبر قوانين راكدة"، بحثاً عن قوة عددية للتصويت لصالح "الأحوال الشخصية" الذي يرفضه نحو 100 نائب شيعي.
وأمس كشف البرلمان، عن وجود "اعتراضات" من نواب على تعديل "الأحوال الشخصية" وصفوه بـ"السابقة الخطيرة" لانه بلا نصوص قانونية، كما طالبوا بعدم المساس بـ"إرث النساء" و"حضانة الاطفال" و"عمر الزواج".
ويدافع "الإطار التنسيقي" بشكل "يثير الشكوك" بحسب مراقبين، على قانون "الأحوال الشخصية"، فيما يجري ارتباك كبير في طرحه من طرف المؤيدين للتعديل.
وتبدو جلسة البرلمان أمس، التي شهدت القراءة الثانية لتعديل قانون "الأحوال الشخصية"، بأن "الإطار" قدم تنازلات، وأفرج عن قوانين "متعثرة" منذ سنوات لصالح وضع التعديل في جدول الأعمال.
وقبل 10 أيام كانت الخلافات حول "قانون الأحوال" قد منعت عقد جلسة معلنة، وتأجلت إلى إشعار آخر، لكن في جلسة الاثنين الاخيرة، استطاع "الإطار" تمرير مشروعه إلى جانب قانون آخر.
منح التحالف الشيعي، بحسب ماظهر في الجلسة وبتصريح نواب، السُنة قانون "العفو العام"، الذي قرأ قراءة ثانية، وحاول ان يمرر قانون "العقارات" المستولى عليها من أركان النظام السابق، والذي قد يعتبر مغازلة للكرد والتركمان.
وبحسب مصادر ان خطة "الإفراج عن قوانين جامدة" منذ سنوات، يتم بشكل تدريجي، لحين الانتهاء من التصويت على قانون "الأحوال الشخصية".
مدونة شيعية فقط
في جلسة أمس، كانت نور نافع النائب عن الديوانية قد جمعت تواقيع أكثر من 120 نائبا رافضين لتعديل "الأحوال الشخصية"، أغلبهم من الشيعة.
وعلى ضوء ذلك فان "الإطار التنسيقي" سيكون بحاجة إلى أصوات باقي القوى السياسية، وإن رفضوا تطبيق التعديل الجديد الخاص بـ"الأحوال الشخصية".
يقول برهان النمراوي، وهو نائب عن كتلة تقدم، بزعامة محمد الحلبوسي "سنلتزم بقانون 188 النافذ، ولا نحتاج إلى مدونة شرعية سُنية".
ورغم ذلك قال بان حزبه "سيصوت للقانون لان الإطار التنسيقي مندفع على القانون لانه طلب مقدم من مراجعهم الدينية، والقانون سيمضي بكل الاحوال".
ويرفض النمراوي في تصريحات في حوار تلفزيوني، أن يكون تمرير "الأحوال الشخصية" مقايضة مقابل "العفو العام".
ويعتبر نواب عن "الإطار التنسيقي" بالمقابل المعترضين على القانون "لايمثلون الشيعة"، بحسب علي تركي، النائب عن العصائب.
ويتهم الناشطون الشيعة والحقوقيون المعارضون من قبل "الإطار" بأنهم "مدفوعون من سفارات أجنبية"، على حد وصف تركي.
كذلك يقول النائب عن البصرة، علاء الحيدري، أن الاعتراضات على القانون "ليست في البرلمان وإنما في الإعلام".
لكن بحسب الدائرة الإعلامية لمجلس النواب، قالت في بيان أمس، أن عدد من السيدات والسادة الأعضاء في الجلسة ابدى "اعتراضهم على مقترح تعديل القانون والتمسك بقانون رقم 188 لسنة 1959 النافذ".
واضاف البيان أن المعترضين اعتبروا "مقترح القانون لا يرتقي تشريعه الى مستوى القانون كون ليس فيه مواد قانونية واضحة وملموسة ولا يتوفر فيه العلم وخالي من مدونات الاحكام الشرعية وهذه سابقة خطيرة".
وأشار إلى ان المعترضين رفضوا "المساس بحضانة الطفل والارث للمرأة وتحديد عمر الزواج"، كما طالبوا بـ"التريث بالمضي بتشريع القانون لحين حسم القضية المرفوعة ضده في المحكمة الاتحادية".
ودعا المعترضون، وفق البيان، الى مفاتحة مجلس القضاء للاستفسار عن رأيه في المضي بتعديل مقترح القانون من عدمه، وتحديد حضانة الطفل الى عمر 10 سنوات، والاقتراح بـ"توحيد العراقيين بقانون واحد وعدم اللجوء الى تعديل يفرق بينهم"، والمطالبة بالنظر الى المادة 14 من الدستور التي تعارض تعديل القانون كونه يجعل العراقيين غير متساوين امام القانون، على حد وصف البيان.
صورة مرتبكة
المدافعون عن تعديل قانون "الأحوال الشخصية" يقدمون آراء متضاربة، بحسب خبراء، خاصة فيما يتعلق بعمر زواج الفتاة.
تقول المحامية زينب جواد، ان "عمر الزواج للفتيات مرة يكون 9 سنوات ومرة اخرى يقولون 15 سنة".
وتستغرب من التعديلات التي تجري على ما يفترض أنها "مدونة تكتب وفق الشريعة"، وتقول: "كيف يتم التعديل على آراء فقهية"؟
النائب الحيدري، كذلك يظهر تناقضا في آرائه حول تعديل قانون "الأحوال الشخصية"، ويقول بأن "البرلمان سيكون له دور في تعديل المدونة بعد أن تاتي من الفقهاء"، لكنه يؤكد أنه "سيلتزم حرفيا بما سيقوله المرجع الديني بشأن المدونة أو أي رأي شرعي آخر".
ويظهر كلام "الإطار التنسيقي" متناقضا كذلك بخصوص عدم مساس التعديل بـ" قانون 188 النافذ".
وتظهر إحدى مواد القانون الجديد، فقرة تنص على"إلغاء الفقرة خامسا في المادة 10 في القانون النافذ".
وتنص الفقرة التي طلب التعديل الغاؤها على "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، ولا تزيد على سنة، أو بغرامة لا تقل عن ثلثمائة دينار، ولا تزيد على ألف دينار، كل رجل عقد زواجه خارج المحكمة، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على خمس سنوات، إذا عقد خارج المحكمة زواجاً آخر مع قيام الزوجية".
مقايضة تحت سقف البرلمان
ويرفض الحيدري كما بقية النواب المؤيدين لتعديل "الأحوال الشخصية"، اعتبار هذا القانون "شيعي" ووصفه بـ"سلة واحدة" مع قوانين اخرى.
لكن مصادر تشير إلى أن "مقايضة الأحوال الشخصية مع قانون العفو العام يحدث تدريجيا، حيث يعترض الإطار التنسيقي على بعض فقرات العفو لحين ضمان التصويت على القانون الأول".
نوري المالكي، زعيم دولة القانون، قال قبل أيام في خطبه المتلفزة، إنه "يرفض شمول الارهابيين" بالعفو العام.
ويرى نواب سُنة، أن "شروط الإطار التنسيقي" على قانون العفو، قد تمنع اخراج السجناء، حسب القيادي في "عزم" حيدر الملا.
ولدى القوى السُنية تجربة سيئة في تاريخ الصفقات مع التحالفات الشيعية، ففي 2016 كان قد اتفق الطرفين على تمرير "حظر حزب البعث" المدعوم من الشيعة، مقابل "إنهاء ملف المساءلة والعدالة"، لكن مرر الأول بالفعل فيما الثاني متعثر حتى الآن.
وكان النائب عن ديالى رعد الدهلكي، قال في وقت سابق إن "رئيس البرلمان بالوكالة محسن المندلاوي هدد بسحب قانون العفو من جلسة الاثنين (أمس) في حال عدم التصويت على الأحوال الشخصية".
وبيّن أن "جدول أعمال الجلسة (أمس) تتضمن قوانين للكرد (إعادة العقارات المصادرة)، والسنّة (العفو العام)، والشيعة (الأحوال الشخصية)".
وقرر البرلمان، أمس، تأجيل قانون اعادة العقارات المصادرة من النظام السابق الى اصحابها في كركوك، وهي اراضي استولى عليها العرب.
وكانت رئيس كتلة حزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان فيان صبري، نفت تأييد رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، لمقترح قانون الأحوال الشخصية المطروح في مجلس النواب.