الموصل / سيف الدين العبيدي
تعد غابات الموصل واحدة من أهم المناطق السياحية في محافظة نينوى، حيث تعتبر متنفساً طبيعياً ومصدراً رئيساً للأوكسجين، كما أنها تتمتع بطبيعة خلابة تقع على الجانب الأيسر من المدينة وعلى مقربة من نهر دجلة. ورغم أهميتها، فإنها تواجه عدة تحديات وتجاوزات تهدد جمالها واستدامتها. وتضم غابات الموصل ثلاث مناطق رئيسية؛ الشمالية بمساحة 500 دونم، الجنوبية بمساحة 175 دونما، والوسطى بقرابة 50 دونما. وقد شهدت المنطقة إنشاء العديد من المطاعم والكازينوهات وقاعات الأفراح، ما تسبب في حجب الرؤية عن الغابات وعن نهر دجلة. نتيجة لذلك، قامت بلدية الموصل بإيقاف بناء بعض الكافتيريات بعد اعتراض الأهالي على الاكتظاظ في المنطقة. ورغم أن هذه المنطقة ليست مخصصة للتنزه بين الأشجار كما يعتقد البعض، إلا أنها تعرضت للعديد من التجاوزات منذ فترة سيطرة تنظيم داعش في عام 2015، حيث قام التنظيم بقطع العديد من الأشجار، بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بالغابات خلال معارك التحرير في 2017.
وتعرضت الغابات أيضاً لمحاولات حرق من جهات مجهولة بهدف تحويلها إلى مشاريع سياحية، ولكن تلك المحاولات باءت بالفشل حتى الآن. وتعاني الغابات من نقص حاد في الأشجار، إذ تعتمد في ريها على مياه الأمطار بشكل رئيسي، حيث جرى زراعة آلاف الشتلات، لكن ما تم تعويضه لا يتجاوز 20% من الأشجار المفقودة.
وفي هذا السياق، أوضح المهتم بشؤون الزراعة والبيئة إسلام المشهداني لـ (المدى) أن الغابات بحاجة إلى ترميم شامل وزراعة أشجار مثمرة وسريعة النمو، بالإضافة إلى إنشاء ممشى وإضاءة لإبراز جمال المنطقة ليلاً. وأشار المشهداني إلى أن عمليات تقليم الأشجار الجائرة خلال فصل الصيف تضعف الأشجار وتجعلها عرضة للأمراض الفطرية. كما طالب بإزالة التجاوزات التي تحجب رؤية النهر، والتي تتعارض مع قوانين وزارتي الزراعة والبيئة.
ومن جهته، قال قائد حملات التشجير في نينوى، أنس الطائي، لـ (المدى) إن الغابات تعاني من نقص الخدمات، فلا توجد فيها منظومات حريق ولا طرق ممهدة. وأشار إلى أن بلدية الموصل لم تعمل على توسيع التشجير بشكل كافٍ، بل اعتمدت فقط على المعلومات المقدمة من كلية الزراعة بجامعة الموصل، والتي لا تتماشى مع المناخ العراقي.
وأضاف الطائي أن الغابات تعاني من نقص 150 ألف شجرة، رغم الجهود التي قامت بها مؤسسة “مثابرون” المتخصصة بالبيئة لزراعة آلاف الشتلات خلال السنوات الثلاث الماضية لتعويض الأشجار المحترقة. وأكد أن تجاوزات السياحة مثل إنشاء قاعات ومطاعم ومتنزهات تسببت في فقدان 50 دونماً من مساحة الغابات.
في المقابل، أشار أحد المهندسين الزراعيين إلى أن تجاوزات البناء في الغابة الجنوبية بدأت منذ عام 2009، ولا يمكن إزالتها الآن بسبب نفوذ أصحاب المشاريع.
وأوضح أن داعش استخدم الغابات كموقع لمعسكراته، ما جعلها ملاذاً لا يمكن اكتشافه بالطائرات. وفي تصريح لـ (المدى)، أكد فيصل زهير، مدير شعبة الغابات في بلدية الموصل، أن وضع الغابات لا يزال دون المستوى المطلوب. وأضاف أن مساحة الغابة الجنوبية تقدر بـ 175 دونماً، بينما الغابة الشمالية تحتوي على نحو 60 ألف شجرة. وأشار إلى أن البلدية تعمل على إنشاء شبكات ري بالتنقيط لتغطية المساحات الشاغرة وزراعة 10 آلاف شجرة إضافية في الموسم القادم.