TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: عصر المرتشــين

العمودالثامن: عصر المرتشــين

نشر في: 19 سبتمبر, 2024: 12:08 ص

 علي حسين

كانت كلمة (مرتشي) حين تقترن بشخص ما فهي كافية لتضعه أسفل سلم التوصيف الأخلاقي في المجتمع، ويذكر البعض منا أن الاختلاس أو سرقة المال العام كان يلقى ردعاً يصل لحد الفصل من الوظيفة فضلاً عن التغريم والسجن أحياناً كثيرة.
بل أن تهمة الرشوة أو الاختلاس كانت تعد جريمة مخلة بالشرف ضمن مقاسات المجتمع وأخلاقياته. اليوم أصبح غير المرتشي يعد جاهلاً ولا يدرك أهمية الفرصة التي أتيحت له، فأصبحت الرشوة سهلة والفساد الإداري والمالي يجد من يبرره. بعض المسؤولين يتصرفون بممتلكات الدولة كما لو كانت ممتلكاتهم الشخصية.. يمنحون فلاناً ويحجبون كل شيء عن الآخرين.. يمنحون المال والأراضي والامتيازات لمن يحبون. اختفت الفوارق بين الخاص والعام ولم تعد تعرف حدود المال العام من المال الخاص.. ولو أن واحداً من المرتشين والسراق وأصحاب قضايا الفساد المالي يعيش في دولة غير العراق لتحفظ عليه القضاء.. يستجوبونه ويتحفظون على أوراقه ومستنداته وتعاملاته المصرفية فى محاولة لاستعادة الأموال التى سرقت وصرفت من دون وجه حق. من حُسن الحظ أننا نعيش فى العراق، حيث ترفع الحكومة شعار المسامح كريم.. وعفا الله عما سلف هي القاعدة و(مشي) هي القانون. مسؤولون سياسيون رفعوا شعار المصلحة الشخصية، والتي أصبحت أهم ألف مرة من المصلحة العامة، هؤلاء ينتشرون في كثير من الأماكن والمواقع، ويديرون الأمور بمنطق (نفعني وانفعك)، لا يتراجعون ويزدادون قوة وإصراراً. أنظر حولك، ستجدهم ينتشرون ويتغلغلون ويفرضون سطوتهم وقوانينهم، ويخلقون عالماً جديداً، يعتمد نظرية (الشطارة)، في أسوأ صورها. بعض المسؤولين صاروا أكثر جشعاً واستغلالاً للنفوذ والمحسوبية، وصاروا أكثر استعداداً للخداع والرشوة وسرقة المال العام، وتلك هي أمراض النخبة السياسية التي انتقلت للآخرين.. في أوروبا والدول المتقدمة لا تتحمل الدولة أخطاء أفرادها.. وإذا حاول مسؤول أو نائب التحايل على قوانين البلد والتصرف بأمواله على هواه، تسارع الدولة بحصر أسماء المستفيدين والمتربحين وتحميلهم الفاتورة مضاعفة وفضحهم شر فضيحة. إن دول العالم كلها تسترد فلوسها من المسؤولين المرتشين.. لأن نهب المال العام ليس جريمة عادية تسقط بالتقادم.. وهناك من الجرائم ما يلاحق أصحابها طوال العمر.. ويلاحق الورثة والعائلة والأهل والأقارب .
لعل المشكلة الكبرى في بلاد الرافدين أن الجميع يتحدث بالقانون ، لكنه يرفض التمييز بين العدالة والسفالة ، وفي الدول العادية يكون القضاء سيفاً قاطعاً لمحاربة الجريمة المنظمة. أما في بلاد " نور زهير " فأكثر ما يخشاه مواطن مثل ” جنابي ” هو الوصول إلى القضاء والمثول أمامه، لأنني لست صاحب نفوذ وقوة وسلطان ، أما الحق وطلب العدالة ، فهذه أصبحت من الكماليات .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: الخوف على الكرسي

العمودالثامن: ماذا يريد سعد المدرس؟

العمودالثامن: لماذا يطاردون رحيم أبو رغيف

العمودالثامن: قضاء .. وقدر

لماذا دعمت واشنطن انقلابات فاشية ضد مصدق وعبد الكريم قاسم؟

العمودالثامن: أين لائحة المحتوى الهابط؟

 علي حسين لم يتردد الشيخ أو يتلعثم وهو يقول بصوت عال وواضح " تعرفون أن معظم اللواتي شاركن في تظاهرات تشرين فاسدات " ثم نظر إلى الكاميرا وتوهم أن هناك جمهوراً يجلس أمامه...
علي حسين

كلاكيت: رحل ايرل جونز وبقي صوته!

 علاء المفرجي الجميع يتذكره باستحضار صوته الجهير المميز، الذي أضفى من خلاله القوة على جميع أدواره، وأستخدمه بشكل مبدع لـ "دارث فيدر" في فيلم "حرب النجوم"، و "موفاسا" في فيلم "الأسد الملك"، مثلما...
علاء المفرجي

الواردات غير النفطية… درعنا الستراتيجي

ثامر الهيمص نضع ايدينا على قلوبنا يوميا خوف يصل لحد الهلع، نتيجة مراقبتنا الدؤوبة لبورصة النفط، التي لا يحددها عرض وطلب اعتيادي، ولذلك ومن خلال اوبك بلص نستلم اشعارات السعر للبرميل والكمية المعدة للتصدير....
ثامر الهيمص

بالنُّفوذ.. تغدو قُلامَةُ الظِّفْر عنقاءَ!

رشيد الخيون يعيش أبناء الرّافدين، اللذان بدأ العد التّنازلي لجفافهما، عصرٍاً حالكاً، الجفاف ليس مِن الماء، إنما مِن كلِّ ما تعلق بنعمة الماء، ولهذه النعمة قيل في أهل العِراق: "هم أهل العقول الصّحيحة والشّهوات...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram