بغداد / نبأ مشرق
في السنوات الأخيرة، شهد العراق ارتفاعاً ملحوظاً في حالات القتل المرتبطة بالنزاعات على الميراث، مما يعكس تزايد التوترات العائلية والاجتماعية في ظل الأوضاع الاقتصادية والأمنية غير المستقرة. هذه الحوادث تركزت في مختلف أنحاء البلاد، حيث تحولت الصراعات العائلية حول الإرث إلى مواجهات دامية.
تُظهر هذه الحوادث أن النزاعات على الميراث قد تتحول إلى قضايا دموية، خاصة في ظل غياب التوثيق الرسمي وعدم وضوح القوانين المتعلقة بالميراث. وتساهم هذه العوامل، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي، في تفاقم العنف.
جرائم الميراث
وفقًا لتقارير محلية، شهدت بغداد وعدة محافظات أخرى حالات قتل بسبب نزاعات على الميراث خلال الأشهر الأخيرة. في عام 2023، احتل العراق المرتبة الثامنة عالميًا في مؤشر الجريمة المنظمة، والثانية في قارة آسيا.
من بين هذه الحوادث، قُتل شاب في بغداد على يد شقيقه بسبب خلاف حول تقسيم قطعة أرض ورثاها عن والدهما. وفي حالة أخرى، قُتلت امرأة في البصرة على يد ابن عمها بعد نزاع حول ملكية منزل.
الرأي القانوني والديني
يوضح الباحث الأكاديمي والإسلامي هادي العقيلي لـ (المدى) أن «غياب القانون يسهم بشكل كبير في زيادة المشاكل التي تُحل بشكل شخصي أو عشائري»، مشيرًا إلى أن «هذا الوضع يعكس ضعف المؤسسات القانونية ويدفع الأفراد إلى اللجوء لحلول غير قانونية وغالباً ما تكون أكثر عنفًا».
وأضاف العقيلي: «الوضع الاقتصادي المتدهور في العراق يزيد من تعقيد الأمور، حيث تلعب الأموال والممتلكات مثل الأراضي والذهب والعقارات دورًا كبيرًا في النزاعات الأسرية، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأمور إلى حد القتل في بعض الأحيان». ودعا إلى ضرورة تدخل البرلمان العراقي لمعالجة هذه الظاهرة عبر تشريعات مناسبة.
في السياق ذاته، قال الخبير الأمني عبد الكريم العبيدي لـ (المدى) إن القوانين العراقية، رغم ثباتها، تحتاج إلى تحديث لتواكب تطورات المجتمع. وأكد على «أهمية تبسيط القوانين بحيث تخدم مصلحة المواطن وتساهم في تقليل الجرائم المرتبطة بالإرث».
التحديات القانونية
من جانبه، أوضح الخبير القانوني حيان الخياط أن النزاعات المتعلقة بالإرث تمثل مشكلة قانونية شائعة في جميع دول العالم، لكنها تتفاقم في العراق بسبب صعوبة تقسيم الممتلكات بين الورثة. وأشار إلى أن «بعض الأشخاص يتسمون بالحكمة ويقومون بتقسيم الإرث قبل وفاتهم، مما يساعد في تجنب الخلافات».
وأضاف الخياط لـ(المدى): «ورغم وضوح توزيع الإرث بعد حصول القسام الشرعي، إلا أن المشاكل الإدارية تظل قائمة. كثير من الورثة يعرفون بممتلكات المتوفي، لكنهم يجهلون أماكن تلك الأملاك أو يجدون أن السندات بحوزة بعض الورثة دون الآخرين، مما يعقد عملية التحويل».
ودعا الخياط إلى «تطوير نظام ملكية إلكتروني يساعد في تتبع الممتلكات ويعزز الشفافية، ويساهم في الحد من الجرائم مثل غسل الأموال». كما أشار إلى أن قانون الميراث ثابت بنصوص دينية، مما يقلل من فرص تغييره، ولكن يمكن تحسين الجوانب الإدارية المتعلقة به.
«جرائم الإرث».. التوترات الاقتصادية والاجتماعية تشعل النزاعات الأسرية
نشر في: 19 سبتمبر, 2024: 12:01 ص